من روبن إيموت
بروكسل (رويترز) - حثت المفوضية الأوروبية تركيا التي تسعى للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي يوم الثلاثاء على رفع القيود المفروضة على حرية الإعلام واحترام حقوق الإنسان واستئناف محادثات السلام مع المقاتلين الأكراد في جنوب شرق البلاد الذي يعصف به العنف.
وفي تقريرها السنوي بشأن تركيا أشارت المفوضية بقلق إلى جهود الرئيس رجب طيب أردوغان لإجراء تعديل للدستور يمنحه سلطات أوسع بكثير. وتعثرت محادثات تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي على مدى عشر سنوات.
لكن انتقادات المفوضية -وهي الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي- غلفت بلغة دبلوماسية تعكس الحساسية السياسية في التعامل مع بلد كبير ذي أهمية إستراتيجية تحتاج بروكسل إلى تعاونه في التعامل مع أزمة الهجرة إلى أوروبا.
وقال يوهانس هان المفوض المسؤول عن توسعة الاتحاد الأوروبي للبرلمان الأوروبي "يجب على تركيا التحرك لأن هناك العديد من المجالات التي يتعين عليهم التعامل فيها وفقا للمبادئ الأساسية" في اشارة إلى حقوق الإنسان وحرية التعبير.
يأتي تقرير المفوضية في وقت صعب لتركيا حيث استؤنف القتال بين قوات الأمن ومقاتلي حزب العمال الكردستاني بعد انهيار وقف اطلاق النار. ومنح الأتراك حزب العدالة والتنمية الذي شارك في تأسيسه اردوغان فترة أخرى مدتها أربع سنوات في السلطة في الانتخابات التي جرت في أول نوفمبر تشرين الثاني والتي شهدت زيادة كبيرة في التوترات الاجتماعية والسياسية.
وقال هان وهو سياسي نمساوي ينتمي ليمين الوسط "تأمل المفوضية أن ينتهي العنف المتصاعد في تركيا وأن تعود المفاوضات بشأن التوصل لحل دائم للقضية الكردية."
وفي أول رد رسمي على تقرير الاتحاد الأوروبي دافعت تركيا عن إجراءاتها الأمنية وقالت إنها ستستمر في تنفيذ الإصلاحات وتحسين مستويات المعيشة بشروطها.
وقالت وزارة شؤون الاتحاد الأوروبي التركية "بعض التعليقات التي تضمنها التقرير لا تعبر كما ينبغي عن إصلاحات تركيا في هذه المجالات وهي أيضا جائرة ومفرطة. وفضلا عن ذلك فإن هذه التعليقات تتغاضى عن التوازن بين الحرية والأمن وهي ضرورة للديمقراطيات التي يسود فيها حكم القانون."
وصرح رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو لمحطة تلفزيون تي.آر.تي الحكومية يوم الثلاثاء بأن حكومته الجديدة ستجري إصلاحات اقتصادية واجتماعية وقضائية رئيسية في فترة الأشهر الستة القادمة دون ان يخوض في تفاصيل. ودعا الى نظام رئاسي تنفيذي.
وكرر اردوغان الذي كان يتحدث في أنقرة أيضا تأييده لدستور جديد يتركز على رئاسة قوية قائلا إن هذا يمكن تحقيقه في الأشهر الأربعة القادمة.
ويقول منتقدو اردوغان إن سعيه لرئاسة ذات سلطات أقوى في بلد كان يقوم فيه رئيس الدولة بدور شرفي بصفة أساسية دليل على نزعته السلطوية المتنامية.
* المهاجرون
كان انتقاد الاتحاد الاوروبي لتركيا واردوغان الذي عمل رئيسا للوزراء لمدة عشر سنوات قبل ان ينتقل الى قصر الرئاسة هادئا نسبيا بسبب أزمة المهاجرين.
وتقرير المفوضية الذي تأخر نشره الى ما بعد الانتخابات لتجنب إغضاب اردوغان وحزب العدالة والتنمية ذي التوجهات الإسلامية أشاد بتركيا لإيواء ملايين اللاجئين الفارين من الحرب الأهلية في سوريا المجاورة.
وتقول المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي زارت اسطنبول قبل الانتخابات انه لا يمكن إيجاد حل لأزمة اللاجئين بدون تركيا التي تشترك في الحدود مع سوريا والعراق.
وتجري المفوضية الأوروبية مفاوضات للتوصل الى اتفاق مع تركيا لاستيعاب مزيد من اللاجئين السوريين مقابل تسهيل تأشيرات دخول الأتراك إلى دول الاتحاد الأوروبي وتقديم مساعدات نقدية والإسراع من محادثات العضوية.
وبالإضافة الى تركيا تسعى دول البلقان الجبل الأسود وصربيا ومقدونيا والبوسنة وألبانيا وكوسوفو جميعها للانضمام الى عضوية الاتحاد الأوروبي أكبر تكتل تجاري في العالم. لكن قبول انضمام تركيا وهي البلد المسلم الوحيد الذي يبلغ عدد سكانه 73 مليون نسمة كان الأكثر اثارة للجدل.
وحتى قبل التدهور الذي طرأ في الآونة الأخيرة على أوضاع حقوق الإنسان واجهت تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي سلسلة من العراقيل السياسية الشاقة للانضمام للعضوية في نهاية المطاف ولاسيما بشأن قبرص.
وقال هان يوم الثلاثاء إن محادثات انضمام تركيا يمكن الإسراع منها في حالة التوصل إلى اتفاق سلام بين الحكومة القبرصية اليونانية المعترف بها دوليا وبين القبارصة الأتراك الانفصاليين في شمال الجزيرة الذين يلقون دعما من أنقرة.
وامتنع هان أمام المشرعين الأوروبيين عن الخوض في تفاصيل بشأن محادثات الهجرة مع تركيا. ومن المقرر ان يسافر الى تركيا في وقت لاحق يوم الثلاثاء لإجراء محادثات بشأن قضية الهجرة.