من ستيفن كالين وأحمد رشيد
بغداد (رويترز) - قال وزير الداخلية العراقي إن من الصعب منع وقوع هجمات ضد من يفرون من مدينة الفلوجة التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية ولكنه نفى أن تكون مثل هذه الأفعال منهجية متعهدا بمعاقبة كل من تثبت إدانته بارتكاب مخالفات.
وفي وقت سابق هذا الأسبوع قال محافظ الأنبار إن 49 رجلا سنيا جرى إعدامهم بعد أن استسلموا لفصيل شيعي يساند هجوم الجيش العراقي الرامي لاستعادة الفلوجة. وأضاف أن هناك أكثر من 600 شخص اختفوا بعد فرارهم من المدينة بين الثالث والخامس من يونيو حزيران.
وقال الوزير محمد الغبان المسؤول الكبير في منظمة بدر- وهو كيان سياسي شيعي قوي- إن مقاتلين منتمين لقوات الحشد الشعبي أحيلوا للمحكمة بعد الاتهامات المنسوبة لهم ولكن لا يبدو أن هناك أيا من أفراد الشرطة ضالع في الأمر.
ومنظمة بدر المدعومة من إيران جزء من الائتلاف الحكومي. وتوجه إليها انتقادات منذ وقت طويل بسبب سيطرتها على وزارة الداخلية.
ويشارك الجناح العسكري للمنظمة- قوات الحشد الشعبي- في حملة استعادة الفلوجة التي تبعد مسافة ساعة بالسيارة إلى الغرب من بغداد.
واتهم صهيب الراوي محافظ الأنبار- المحافظة التي فيها أغلبية سنية وتضم الفلوجة- مقاتلي قوات الحشد الشعبي باحتجاز وتعذيب وقتل مدنيين فارين من الفلوجة وسط معركة تهدف إلى طرد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال الغبان لرويترز في مقابلة جرت في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء إن مثل هذا السلوك غير منهجي. ولكنه لم يستطع ضمان ألا يحدث مشيرا إلى أن الانتهاكات التي ارتكبتها قوات التحالف الذي قادته الولايات المتحدة خلال احتلالها للعراق على مدى تسعة أعوام لم تصل إلى حد تصنيفها على أنها سياسة انتهاك حقوق.
وقال إن بعض مقاتلي الدولة الإسلامية يتنكرون في صورة مدنيين "وبالتالي فإن الفرز بين ما هو مدني حقيقي وما هو منتحل أمر في غاية الصعوبة في ظروف القتال القريب والخنادق المتداخلة".
وأضاف "تنوع التشكيلات وسعة ساحة المعارك وتداخلها وتخللها مع مناطق مدنية هو بحد ذاته تحد قد يؤدي إلى خروقات أو تصرفات فردية أو انتهاكات لحقوق الإنسان أو تجاوزات."
وأشار إلى أنه يدعم التحقيقات في المزاعم ومعاقبة كل من تثبت إدانته. ولكنه حذر من القفز إلى الاستنتاجات قبل إحالة القضايا إلى المحاكم.
وقال "لا نريد أن نستبق الأحداث ونعتبر هذه حقائق وهي لم تثبت ولا نريد أن نتهاون ونتستر على أي جريمة."
واستخدم مقاتلو الدولة الإسلامية الأهالي دروعا بشرية لإبطاء تقدم القوات العراقية ولإحباط حملة الإسناد الجوي التي تقودها الولايات المتحدة. وكان التنظيم قد طرد من عدد من المدن الرئيسية التي سيطر عليها في اجتياح خاطف لشمال العراق وغربه عام 2014.
والفلوجة معقل تاريخي للأعمال المسلحة التي ينفذها السنة في مواجهة القوات الأمريكية التي أطاحت بالرئيس العراقي صدام حسين عام 2003 وفي مواجهة الحكومات التي قادها شيعة في أعقاب ذلك.
* أمن بغداد
وجاءت الحملة على الفلوجة في نفس توقيت هجمات كبرى أخرى شنها أعداء آخرون لتنظيم الدولة الإسلامية على جبهات أخرى ومن بينها هجوم شنته قوات تدعمها الولايات المتحدة على مدينة منبج في شمال سوريا.
وهذا هو أكبر ضغط يوجه للمتشددين منذ أن أعلنوا قيام خلافة إسلامية عام 2014.
وبدا أن قرار رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بالهجوم على الفلوجة مخالف لخطط حلفائه الأمريكيين الذين يفضلون أن تركز الحكومة على مدينة الموصل الشمالية.
ولكن سلسلة من التفجيرات في بغداد الشهر الماضي أوقعت أكثر من150 قتيلا في أسبوع. وهذا أعلى عدد من القتلى يسجل هذا العام. وأدى ذلك إلى دفع العبادي كي يفعل شيئا بشأن الفلوجة التي تبعد 50 كيلومترا فقط غربي بغداد والتي يعتبرها كثير من العراقيين معقلا للتشدد السني لا يمكن استرداده.
وقال الغبان إن المكاسب التي تحققت في الفلوجة ستساعد في تقليل هجمات تنظيم الدولة الإسلامية في بغداد. وهو ما يؤدي للاستنتاج أن المتشددين يستخدمون تلك المدينة وغيرها من المناطق في محافظتي الأنبار ونينوى في تجميع السيارات الملغومة التي يتم إرسالها للعاصمة.
وأضاف الوزير العراقي أن المخابرات ساعدت قوات الأمن في تفكيك عشرات "الشبكات الإرهابية". وهو ما قاد إلى تراجع نسبته 60 في المئة من الهجمات في بغداد في عام 2015 بالمقارنة بالعام السابق حينما هددت الدولة الإسلامية باجتياح العاصمة.
ولكن الوزير أكد أن تنظيم الدولة الإسلامية محتفظ بملاذات آمنة في مناطق خارج بغداد مباشرة مثل عرب الجبور على الأطراف الجنوبية والطارمية والمشاهدة إلى الشمال. وتحول التضاريس الصعبة دون تمكن قوات الأمن من مطاردة المشتبه بأنهم متشددون.
وتابع قوله إن 90 في المئة من الانفجارات في بغداد تأتي من مناطق خارج نطاق المدينة.
وأصر الغبان على أن الهجمات في العاصمة لن تنتهي ما لم يتم القضاء على "خلل التنظيم" الذي يحيق بأجهزة الأمن في البلاد.
وأشار إلى أن قوات الأمن التي تعمل خارج سيطرته بما في ذلك جهاز الأمن الوطني واثنتان من مديريات وزارة الدفاع وجهاز مكافحة الإرهاب وقيادات الأمن الإقليمي يتداخل عملها مع الجهود الاستخبارية الخاصة بوزارة الداخلية.
وقال "أن يكون أجهزة أمنية متعددة الكل يعمل على نفس الملف هذا الذي يؤدي إلى عدم التنسيق وإلى وجود ثغرات يستغلها العدو وبالتالي وجه ضربات إلى المواطنين الأبرياء."
وأضاف "هذا التعدد الذي يؤدي إلى الإرباك في إدارة الملف الأمني... أنا أعتقد إذا ما ننجزها راح نظل نعاني من خروقات ومشاكل."
(إعداد سيف الدين حمدان للنشرة العربية- تحرير أمل أبو السعود)