أصاب التدهور عملة بتكوين الأسبوع الماضي، وعند نقطة معينة هبطت قيمة العملة هبوطا سريعا ومفاجئا بنسبة 30%، ولم يتوقف الأمر عند الهبوط بل استمرت العملة في حالة من عدم الاستقرار التي أدت إلى تقلبات سعرية بصورة يومية وأحيانا كانت التقلبات تحدث بين كل ساعة وأخرى، وبحدوث هذه التقلبات وهذا الانخفاض المفاجئ أٌثير تساؤلا حول ما إذا كان يجب التمسك بالبيتكوين وعدم بيعها؟
وما تزال البيتكوين تواصل الارتفاع بينما أثناء كتابة هذا المقال، ولكن هل ما يزال هناك أي معنى للشراء والاحتفاظ بالبيتكوين؟ أو هل يوجد هناك حد معين، عند الانخفاض عنه ينطلق إنذارا يحذر المستثمرون بضرورة وضع خطة استراتيجية جديدة للانسحاب من السوق تحت عنوان، "يتوجب عليكم الخروج على الفور؟".
يظل هواة البيتكوين المتشددون مقتنعين بأنه ما يزال هناك الكثير في مستقبل البيتكوين. فعلى الرغم من الهبوط الذي عانته عملة البيتكوين، ينظر هؤلاء الهواة إلى هذا على أنه نوع من التصحيح البسيط الذي يسبق وصول العملة الرقمية إلى قيمة 20 ألف دولار وتجاوزها هذا الرقم، وبهذا يظل حماسهم تجاه العملات الرقمية فائضا، بل ويزداد يوما بعد يوم. وما حدث الأسبوع الماضي من توقف البيتكوين عن جني الارباح يعتبرونه أمر طبيعي الحدوث في الأصول شديدة التقلب، ولا داعي للقلق حيال هذا الأمر. ولا يكلفون أنفسهم بمناقشة أو تفسير حالات البيع المذعورة التي شهدها سوق العملات الرقمية بعد الإنهيار. أخبرني أحد المستثمرين المتشددين: "سأظل استثمر في البيتكوين حتى أموت".
وبينما يصل مستوى الاهتمام بالاستثمار في البيتكوين إلى حد محموم، تتزايد نغمات وجوب التمسك بالعملات الرقمية على موقع تويتر، وفي المنتديات. وفي الحالة المحمومة من تكرار نغمة التمسك بالبيتكوين يشّبه البعض هذه الحالة بأصحاب معتقد ما يمارسون شعائرهم. لا يوجد أدنى شك بثورية تكنولوجيا البيتكوين التي غيرت قواعد اللعبة، وعلاقة تلك التكنولوجيا بتوليد إيدلوجيا معنية. ولكن هل التمسك بالبيتكوين استراتيجية سليمة؟
تجاهل السعر اليومي، وتمسك بما لديك
يقول مارك كينجسبرج، واحدا من المدافعين عن البيتكوين وتكنولوجيا سلسلة الكتل: بأنه متى توصلت إلى فهم قيمة البيتكوين على المدى الطويل، لن يعني لك السعر اليومي أي شيء.
فيقول: "يعد التمسك بالبيتكوين استراتيجية طويلة المدى، تحتاج إلى مرونة، والإيمان ولكنها بالتأكيد استراتيجية سوف تؤتي ثمارها بعد حين. وتنخفض أهمية السعر اليومي عند النظر للبيتكوين بأنها تحتاج إلى مدى طويل، خاصة بأننا نلاحظ على مدار تاريخ العملات أن أي انخفاض يقابله زيادة في قوة شبكة وسعر العملة."
يقول ثيو جودمان، خبير مراهنات
"يجب أن تعلم على وجه التحديد متى يجب عليك التمسك بالعملة، ومتى يجب أن يراودك شك في صحة الاستمرار، وأخيرا متى يتوجب عليك الانسحاب. ولكي تعرف كيف تتعامل مع السوق، يتطلب منك هذا عمل حثيث، فلن تقدر على معرفته بينما لا تفعل شيء. وسيكون هناك وقت كافي للشماتة بعد نهاية إغراق السوق".
سيرجي شينديروف، المدير التنفيذي وأحد مؤسسي Mom.Life وهو تطبيق يركز على التكنولوجيات الحديثة والسلوك الإنساني، يقدم لنا سيرجي شيندروف منظورمحسوب للبيتكوين، فهو يلاحظ أن التمسك بالبيتكوين لا يعد سيئا ولا جيدا، فاستراتيجية التمسك مثلها مثل أي استراتيجية أخرى تعتمد على المنظور الشخصي. فيعتقد بأن نجاح الاستثمار في الأسواق الرأسمالية أمر نسبي، كما أن وجود أطروحة أو أفق استثماري معين يتم من خلاله اتخاذ القرار يعد ميزة تنافسية.
نشاهد في الوقت الحالي وجود تقلب في الأسواق المشفرة، وهذه الأسواق يتحكم بها مجموعة من مستثمري التجزئة غير المحترفين الذين تحكمهم ثقافة القطيع. ويقول شيندروف بأنه لا يجب على المستثمرين أن يفزعوا، ويعتقد أن الطمع في حالة الاستثمار في أي أصول يعد أمرا جيدا، ولكن على المستثمرين فهم التكنولوجيا التي تتحكم في العملات، وعليهم كذلك معرفة تاريخ أسعارها. ويجب أن تكون استراتيجية المستثمر محدودة بحجم رأس المال الذي يتحمل خسارته دون إحداث كارثة له.
الخروج فورا، عدم الدخول من الأساس، أم مزيج من الأثنين أي استراتيجية عليك اتباعها؟
عامي بن ديفيد، مستثمر في المشروعات الناشئة، وأحد مؤسسي SPiCE VC، يوضح لنا بأنه ما حدث لعملة البيتكوين الأسبوع الماضي لا يختلف كثيرا عن سلوك البيتكوين في الفترات السابقة. فمن المعتاد أن يحدث انخفاض بعد حدوث ارتفاع كبير في الأسعار. فلا يوجد أي داعي لأن يغير أي شخص نظام معتقداته حول نظام العملات الرقمية لعدوم وجود أي أسباب جوهرية تدعوه لذلك.
يقول بن ديفيد:
وبالنسبة للسؤال المطروح حول الدخول أم الخروج يشرح: "لو كنت تعتقد أن البيتكوين هي النظير الجديد للذهب يمكنك التمسك بها حد الموت؛ فقط تشبث بما لديك وانتظر لسنوات. بينما لو كنت ترى أن هذه العملة هي فقاعة لا قيمة لها فلا يجب عليك الدخول في استثمارها، لأنك ستعاني الأمرين من ذلك وستصبح كافة لياليك بلا نوم، وعند حدوث أول خسارة ستقوم فزعا ببيع كل حصتك. فأيا كان اختيارك يجب أن أقول لك كما اعتدت بأنه لا يجب عليك وضع أموال لا تتحمل خسارتها، وإذا كنت ستعاني من القلق والأرق فلا تكلف نفسك هذا العناء. ولكن إذا كنت تمتلك كمية كبيرة من البيتكوين في الوقت الحالي يتعين عليك المزج بين استراتيجتي التشبث والخروج؛ يمكنك البحث عن عملات رقمية تعتمد على نموذج مختلف عن تكنولوجيا البيتكوين لكي تخفف وطأة المخاطرة".
هل يوجد حد ما عند الوصول إليه يجب على المستثمر أن يفزع، ويبيع حصته؟
لا يعتقد بن ديفيد هذا، فيقول:
يعد هذا السؤال نوع من الخدع. فطالما لا يوجد أي تغير خارجي جوهري وضخم، لا يفزع مؤمنو البيتكوين، ولا يقومون ببيع حصصهم، وفي الواقع حتى لو وقع أي تغير خارجي ضخم وسلبي لن يقوم أصحاب استراتيجية التمسك بالبيع وهذا هو السبب لمقدار القوة التي تكتسبها العملة على المدى الطويل. ولكن سيقوم غير المؤمنين بقوة البيتكوين على المدى الطويل قاموا ببيع حصصهم، وربما لم يكن هامش ربحهم كبير ولكنه كافي بالنسبة إليهم (ما تزال القيمة 13 ألف، كانت 7 آلاف في نوفمبر)، وهؤلاء الذين قاموا بالبيع من المرجح أن يقوموا بالشراء مجددا عند حدوث ارتفاع جديد."
على أي حال، يعتقد أنه من المهم والفعال أن يكون المستثمر على وعي ببدائل البيتكوين:
"يجب على المستثمرين أن ينوعوا بدلا من الاعتماد على عملة واحدة."
ويقترح بن عامي أيضا العملات الرمزية "سيكورتي توكن" والتي يعدها منافسا حقيقيا للأصول الملموسة. وعلى الرغم من أن SPiCE VC تطرح عملة واحدة من هذا النوع، يوجد عدة بدائل لهذا (تحذير: ما سيتم ذكره تاليا لا يجب اتخاذه كترشيح، أو التماس. نحن نذكره فقط بغرض إعلامي. ويتعين على المستثمرين دائما أن يأخذوا حذرهم قبل الاستثمار في أي أصول.) يقول بن عامي:
"انا أشير إلى الموجة الجديدة من التشريعات الملزمة للعملات الرمزية من عينة عملات SPiCE VC، والتي يمكن اعتبارها عملات رمزية تنافس الأصول الملموسة. في حال SPiCE العملات الرمزية نجدها أنها تقف منافسا لمحفظة صناديق الاستثمار (يحصل المستثمرون على حصتهم من الخروج الآجل). وبهذا يمكن للعملات الرمزية الاحتفاظ بقيمتها الأصلية حتى لو حدث انخفاض في سعر البيتكوين. تستخدم هذه العملات الرمزية في استثمارات Q1، والشركات، والأصول (بالعقارات بشكل أساسي)."
بينما تتزايد أهمية العملات المشفرة كأصول، يوجد مجموعة صغيرة ولكنها متنامية من فرص بديلة للاستثمار من ضمنها: أنواع أخرى من العملات الرقمية التي تستعمل بروتوكولات مختلفة؛ ونجد أن "سي إم أي"، و"سي بي أو أي" قامتا مؤخرا بإصدار عقودهما الآجلة من البيتكوين، وقريبا سوف تقوم اثنين من شركات بورصة نيويورك بإدارج البيتكوين في صندوق المؤشرات المتداولة.
لا تزال البيتكوين مسألة ذات خطورة مرتفعة، ومازالت الانخفاضات شائعة فيها. ولكن أضحى من الواضح وجود طلب بتطويرها من الاتجاه السائد، حتى تصبح في فئة الأصول، وبذلك سينمو سوق من الآمن المشاركة فيه.