أجمع مستثمري الاتجاه العام سابقا على رفض العملات المشفرة واعتبارها فقاعة كبيرة. ولكن، كما ذكرنا في تقرير سابق، دخل لسوق العملات المشفرة اثنان من أكبر اللاعبين في المجال الاقتصادي، ويستثمران حالا في (بتكوين )وشقيقاتها. ويتراجع البعض الآخر عن عدم الرضا الذي شملوا به الأصول الرقمية من قبل. وعليه، فليس من دواعي الاستغراب أن نرى كلا من الشركات وبورصة وول ستريت تركز الآن بشكل أدق على الأرباح المحتملة التي يمكن أن يجنوها من العملات المشفرة، وتكنولوجيا سلسلة الكتل (البلوكشين) المشغلة لها.
يشير تزايد نشاط قطاع الاندماج والاستحواذ في فضاء العملات المشفرة إلى اهتمام المؤسسات بتلك الفئة من الأصول. ويبدو بأن الخطوة التي تبدو تعزيزا للسوق، يمكن أن تتحول لخطوة جديدة لمد اللاعبين الباقيين بالقوة.
ركزت إحدى المشروعات الناشئة (NYSE:لمجموعة غولدمان ساكس)والتي تدعى Circle على اتمام عمليات الدفع والسداد باستخدام الأجهزة المحمولة، وكذلك انصب التركيز على العملات المشفرة. وأعلنت Circle عن استحواذها على منصة التداول Poloniex لقاء 400 مليون دولار. وصرح أحد مؤسسي Circle والرئيس التنفيذي لها جيرمي ألائير لشبكة CNBC: "لا تزال تلك الأسواق في مراحلها الأولى، ولكنها واعدة جدا." ويضيف: "سيكون لدينا الكثير من القيمة التي يمكن خلقها من تلك الأسواق."
وطبق معلومات من CNBC "تم استثمار 1.06 مليار دولار في اقتصاد العملات المشفرة خلال 2017." وبنهاية شهر فبراير من العام الجاري، تم انفاق رأس مال استثماري مقدر بـ 323 دولار.
استولت منصة تداول العملات المشفرة Coinbase على عناوين الأخبار في مطلع أبريل الجاري، وذلك لاستحواذها على محفظة إيثيريم الجوالة Cipher Browser، ومنصة التواصل الاجتماعي earn.com، والتي تتيح للمستخدمين كسب وإنفاق بتكوين. وظهر على موقع تويتر تغريدة من Cipher Browser تشير إلى قيام Coinbase بدمج خصائص وخدمات المحفظة في متصفح الهواتف الجوالة Toshi المملوك للمنصة.
وأشار عدد من محبي العملات المشفرة إلى ارتفاع نشاطات الاندماج والاستحواذ، فذكر أحدهم في تغريدة:
آخر عمليات الاستحواذ في #سوق العملات المشفرة
- شراء circlepay لـ poloniex مقابل 400 مليون دولار.
- شراء منصة coinbase لمتصفح CipherBrowser.
- شراء coinbase لـ earndotcom مقابل 100 مليون دولار.
- شراء BitGo لـ kingdom trust.
الزمن يتغير.
ماذا يدور في ذهن لاعبي قطاع التكنولوجيا؟ يجيب لنا على هذا السؤال غورانغ تورفيكار، الرئيس التنفيذي وأحد مؤسسي الشبكة الاجتماعية اللامركزية Indorse، فهو يعتقد أن صناعة العملات المشفرة تقف على حافة تصاعد وتزايد أنشطة الاندماج والاستحواذ:
"صراحة، يمكننا اعتبار أنشطة الاندماج والاستحواذ والاستثمار لها أهمية لمشروعات الطرح الأولي التي لديها في جعبتها ملايين. ومن ناحية تكنولوجية، تساهم عمليات الدمج والاستحواذ في تسريع عملية الوصول إلى سوق ناضج، كما تعمل أيضا على مضاعفة حجم المجتمع وقاعدة المستخدمين."
ويوافق على هذا الرأي عديد من المؤثرين في مجال شركات رأس المال الاستثماري وصناعة سلسلة الكتل (بلوكشين). ويشير تورفيكار إلى آخر عمليات الاستحواذ الكبرى، من ضمنها: مجموعة Monex اليابانية، وتعتبر أكبر شركات السمسرة الإلكترونية في البلاد، وأعلنت المجموعة أمس عن استحواذها على منصة التداول Coincheck التي تعرضت لقرصنة. وقامت كذلك CanYa التي تستضيف سوق خدمات بالاستحواذ على موقع التمويل الجماعي Bountysource.
يضاف على ذلك مجموعة من البروتوكولات من أمثال: EOS، XEM، NEO، والتي تخصص منح أو تمويل صريح لمكافأة ومساعدة الشركات على العمل عل البرتوكولات الخاصة بها، وتطوير التكنولوجيا.
يشغل روبرت جاسكل منصب رئيس العمليات لمشروع Pillar المضطلع بتدشين عملة مشفرة، ومحفظة رموز (توكين). يوجد 675 شركة رمز وشركة مدرجين الآن على قائمة CoinMarketCap، كما يقول جاسكل، فمن الواضح وجود عدد كبير من المشروعات المبدعة على الساحة، ونحن في انتظار المزيد. فلا سبيل لإنكار أنه آن أوان التعزيز.
"شمل الاستحواذ عدد من المشروعات في فضاء العملات المشفرة، ويوجد عدد آخر في انتظار أن يشمله الاستحواذ. وتقوم بعمليات الاستحواذ تلك إما مجموعات كبرى من داخل السوق أو من خارجه. ومن المنتظر أن تتسارع عمليات الاستحواذ بمرور الزمن، وبوصول بعض المشروعات لمرحلة النضج. وتثبت تلك العمليات وجود فرص في السوق يمكن انتهازها، كما تثبت إمكانية التعاون والتآزر."
بينما يستمر قطاع العملات المشفرة في النمو، يتوقع البعض أننا سنرى مستقبلا بعض الشركات تحاول دخول السوق والحصول على حصة منه، أو تحاول الدخول لتشغل منصب القيادة بشرائها شركات أو فرق أخرى. يشغل جايسون إنجلش منصب نائب رئيس برتوكولات التسويق في Sweetbridge، ويقول بأن عمليات الاستحواذ على شركات لن تنتهي. في الواقع، يبدو بأن تلك العملية ستجلب بعض النجاح، لوفائها ببعض حاجات الصناعة، مثل الوصول إلى تحقيق شبكات تداول خاصة ومغلقة لمؤسسات بعينها.
"لن يثبت هذا فاعلية في خلق صناعة لا مركزية على حق، ولا في خلق برتوكولات اقتصادية مفتوحة. تحتاج المشروعات في البيئة اللامركزية إلى الاستثمار، ولكن الاتجاه سيتحرك نحو مفهوم تشاركي، أي: التعاون والدعم بين الفرق العاملة لبلوغ الأهداف المشتركة. والمشروعات التي تحقق النجاح يمكنها أن تنضم للقوى أو تندمج بشكل مختلف -واستخدام العملات المشفرة كمحفز لتسيير النتائج الإيجابية مع نجاح المستخدم، بدلا من استخدامها في تحفيزها لزيادة قيمة حصة المساهمين أو استراتيجيات الخروج من السوق."
ساهم ألكسي أنتونوف في تأسيس SONM، ويقول بوجود شيئين غير متوقعين، وبالتالي يغفل عنهما أغلب الأشخاص خارج الصناعة: الأول: ارتفاع قيمة شركات العملات المشفرة لمستويات هائلة العام الماضي، نتيجة لهذا نرى المشروعات الناشئة التي لم يتجاوز عمرها 6 شهور، أو أي عملية طرح أولي أصبحت قادرة على توظيف فريق من المحترفين أو شراء التكنولوجيات اللازمة لها بأي سعر.
والثاني: ويعتبر هذا العامل أكثر أهمية لمستقبل الأصول المشفرة وتكنولوجيا سلسلة الكتل، وهو مشاركة مشروعات العملات المشفرة حاليا في عمليات الاستحواذ والاندماج. بيد أنها لا تساهم في تلك العمليات على النحو التقليدي. فيقول بأن المشروعات الناشئة على سلسلة الكتل متصلة ببعضها البعض من خلال الرموز والأسهم بطريقة معقدة أكثر مما يبدو:
"تقوم المشروعات بالاستثمار في أسهم عمليات الطرح الأولي بعد قيامها بجمع الأموال، وتقوم أيضا بتبادل الرموز المتداولة لعدة شهور بعد الانتهاء من عملية جمع الأموال. فالمشروع الذي استطاع جمع 10.000.000 دولار في بداية 2017، لا ريب في استثماره في 10 مشروعات أخرى على الأقل بنهاية العام. ويأتي هذا الاستثمار بدافع من الرغبة في زيادة الربح، والتحوط من المخاطر التكنولوجية عن طريق شراء أسهم المنافسين، أو أسهم شركة مكملة."
وكل ما يحدث يعتبر مهم ومفيد للعملات الرقمية والتكنولوجيا المشغلة لها.