احصل على خصم 40%
👀 اكتشف كيف ينتقي وارين بافيت أسهم رابحة تتفوق على إس آند بي 500 بـ 174.3%احصل على 40% خصم

تنظيم سوق العملات الرقمية بعيداً عن النظرة التقليدية للتنظيم

تم النشر 19/04/2018, 16:16
محدث 09/07/2023, 13:32

لا تزال العملات الرقمية في مراحلها الأولى من التطور ورغم حداثتها إلا أنها أثبتت قدرتها على تغيير حياة الناس وتقديم بدائل عملية لحل الكثير من المشاكل كما وسبق أن رأيناه في مقال سابق. وتزداد شعبية العملات الرقمية يوماً بعد آخر خصوصاً في أوساط الشباب الذين يحلمون بأن تكون لهم الأسبقية في هذا المجال لما لذلك من أثر إيجابي في رفع فرص تنمية ثرواتهم البسيطة ليصبحوا يوماً ما من الأثرياء.

غير أن سعي ملايين الشباب نحو الثراء قد يكلفهم غالياً خصوصاً مع وجود فئة من المستثمرين في السوق والذي يطلق عليهم الحيتان Whales والذين يملكون القدرة على قلب موازين السوق في لحظات في ظل سوق تفتقر إلى العديد من الأطر التنظيمية العامة. ومن ناحية أخرى لا يمكن تجاهل بأن سعي بعض الحكومات نحو تنظيم سوق العملات الرقمية قد يضم في طياته العديد من القواعد التي تزيل عنها بعض المخاوف من فقدان الحكومات أو بعض الفئات المسيطرة على بعض أركان الاقتصاد العالمي.

هذا الأمر يقودنا إلى اعتقاد مفاده بأن المستثمرين الصغار بدخولهم لهذه السوق فإنهم يضعون انفسهم بين مطرقة القيود الحكومية (التي طالما عانوا منها وسلبتهم الحرية من منظور مالي واقتصادي) من خلال بعض الأهداف الخفية وراء تنظيم سوق العملات الرقمية, وسندان الطماعين في زيادة ثرائهم بشكل أكثر (الحيتان) في الحالة التي تكون فيها السوق غير منظمة, وبالتالي كان لا بد من تناول حاجة سوق العملات الرقمية لعملية تنظيمية جريئة بعيداً عن النظرة التقليدية للتنظيم.

الحاجة إلى التنظيم:

برزت الحاجة إلى تنظيم الأسواق المالية منذ البدايات الأولى لظهور الأزمات المالية والتي كان لعملية المضاربة الدور الأساسي في خلقها, فمع بداية تطور التعامل بالأوراق المالية ظهرت فئة المضاربين مما أدى إلى حدوث العديد من الأزمات المالية والتي خلفت آثار جسيمة على الاقتصاديات المختلفة, فعلى سبيل المثال كان للمضاربة دوراً بارزاً في حدوث العديد من الأزمات المالية على مر التاريخ منها إفلاس البنك الملكي الفرنسي في القرن الثامن عشر, أزمة الكساد العظيم في أمريكا سنة 1929م, أزمة سوق المناخ الكويتي سنة 1982م, وأخيراً أزمة الرهن العقاري سنة 2007م.

ويمكن القول بأن الهدف الأساسي والجوهري من تنظيم السوق المالية هو حماية المستثمرين من خلال قواعد تنظيمية تمكن من تحقيق السوق المالية للهدف الذي تنشأ من أجله باعتبارها قناة تمويلية هامة في أي اقتصاد وهو ما يؤدي في نهاية المطاف إلى توفير الحماية الكافية للمستثمرين. لذا فإن سوق العملات الرقمية باعتبارها الوجه الجديد للأسواق المالية تحتاج هي الأخرى إلى تنظيم من أجل حماية المستثمرين.


لكن هل يمكن اعتبار التنظيم قيداً يحد من تطور سوق العملات الرقمية؟
في حقيقة الأمر هناك بعض المخاوف التي يمكن استخلاصها من موقف العديد من الجهات تجاه سوق العملات الرقمية وبالتالي فإن ذلك يبعث بالقلق من إمكانية فقدان التقنية التي تقوم عليها العملات الرقمية لبعض خصائصها التي تميزها عن غيرها من الأدوات المالية وذلك في حال تم تنظيم سوق العملات الرقمية بالطريقة التقليدية ذاتها التي نظمت بموجبها الأسواق المالية الأخرى.

فمع ظهور العملات الرقمية بدأت ملامح تحرر القطاع المالي من هيمنة الحكومات والفئات التي تسيطر على القطاع المالي العالمي, وبالتالي فإنه ومن أجل إعادة الوضع إلى سابق عهده فإن الإجراءات التنظيمية الحكومية المرتقبة ربما ستحمل في طياتها قواعد تنظيمية تجمد أو تخلق قيوداً على العديد من الخصائص التي تتمتع بها العملات الرقمية وتقنية البلوكشين.

فالبنوك المركزية مثلاً هي صاحبة السلطة في رسم السياسات المالية في البلد, وبالتالي فإن فقدان البنوك المركزية لسيطرتها على النقود سيخل بأهم وظيفة من وظائفها. كما أن تمكن العملات الرقمية من التخلص من القيود المفروضة على حركة الأموال بين الحدود قد يبعث بالقلق لدى الأنظمة المالية العالمية.
بالإضافة إلى إمكانية تزعزع العديد من الموازين الأخرى كفقدان القطاع المصرفي لبعض وظائفه, إمكانية فقدان الأسواق المالية التقليدية لبعض أدواتها التقليدية كإلغاء الحاجة إلى بعض أنشطة الوساطة المالية ... وهلم جرا.

فمثل هذه الأمور قد تقود في نهاية المطاف إلى فرض قواعد تنظيمية تحارب أو تحد من بعض الخصائص الجوهرية التي تتمتع بها تقنية سلسلة الكتل (البلوكشين) والتي تقوم عليها العملات الرقمية وهو ما يدعوا إلى ضرورة النظر خارج الصندوق واعتماد اطار تنظيمي عام يتناسب مع سوق جديدة لا تميل بطبعها إلى النظرة التقليدية. فليس من صالح المجتمع العالمي من وجهة نظري أن تفقد العملات الرقمية أياً من خصائصها, فهذه الخصائص هي التي ساهمت في حقيقة الأمر في زيادة شعبيتها كما أن هذه الخصائص هي مفتاح السر في قدرتها على خدمة البشرية.


الإطار التنظيمي الملائم لسوق العملات الرقمية:
مع هذا التناقض الواضح بين ما يمكن أن تحمله القواعد التنظيمية المحتملة وبين سمات وخصائص العملات الرقمية نجد أنفسنا أمام سؤال يطرح نفسه: ما هو الإطار التنظيمي المناسب لسوق العملات الرقمية؟. غير إن الاجابة على هذا التساؤل يمكن عرضها بشكل بسيط في هذه العبارة:

" يجب أن يتم النظر إلى عملية تنظيم سوق العملات الرقمية بعيداً عن النظرة التقليدية وبما لا يؤدي إلى فقدانها لأي من خصائصها التي تتميز بها".

ومن أجل القيام بذلك فإنه لا بد في البداية من تحقق بعض النقاط المهمة كما يلي:

  • 1. إنشاء مؤسسة عالمية ذاتية التنظيم:

إن من أهم الأمور الواجب توافرها للإسهام في التنظيم السليم لسوق العملات الرقمية هو وجود مؤسسة أو هيئة عالمية ذاتية التنظيم Self-regulating Organization تُعنى بشئون تنظيم هذه السوق وفق نظرة مختلفة كلياً عن النظرة التنظيمية التقليدية للأسواق المالية, وهو ما سيؤدي إلى ضمان تعزيز هذه السوق والتقنية التي تقوم عليها, وكذا توفير الحماية الكافية للمستثمرين.

فوجود مؤسسة ذاتية التنظيم سيوفر الضمان الكافي لتحرر السوق من القيود الحكومية التي لا تعتبر في مصلحة السوق, وبكونها عالمية فإن ذلك سيضمن أن يتم النظر إلى السوق بعيداً عن الحدود الجغرافية الضيقة لكونها سوق لا تعترف بالحدود الجغرافية بطبيعتها.

  • 2. الفصل في مسألة: هل العملات الرقمية نقود أم أداة مالية؟

من الأمور الواجب أخذها بجدية تامة هو موضوع هل يتم معاملة العملات الرقمية باعتبارها شكل من أشكال النقود أم يتم اعتبارها أداة مالية؟ دعونا ننظر إلى الأمر ببساطة أكثر, فوجود الآلاف من العملات الرقمية قد يخلق لنا مشكلة عند اعتبارها جميعاً كشكل من أشكال النقود, وبالتالي فإنه وبشكل بديهي يصعب التعامل معها كنقود.

غير أنه يجب أن لا ننسى أن من أهم خصائص العملات الرقمية أن لها القدرة على أن تحل محل النقود الورقية لما لها من قدرة على أن تكون مخزن للقيمة, وقدرتها على تجاوز الحدود بسهولة ويسر, وكذلك امكانية أن تكون مقياساً مالياً عالمياً موحداً لإتمام عمليات المبادلات, كما أن لديها سمة إضافية تميزها عن النقود التقليدية بكونها نقود لن تتعرض قيمتها للتضخم أو الانكماش بسبب تأثر اقتصاد بلد بعينه في حال تم اعتمادها نقوداً عالمية أي أن تأثرها بحالة اقتصاد بلد واحد ستكون محدودة.

ولحل هذه المعضلة فإنه يتوجب النظر في الأمر من ناحية اقتصادية ومالية وبما يؤدي إلى الاستفادة من وجود عملة رقمية عالمية (عملة واحدة أو عدد محدود جداً من العملات) تعامل على انها شكل من أشكال النقود جنباً إلى جنب مع العملات الوطنية التقليدية الموجودة حالياً في كل بلد, أما باقي العملات فيتم اعتبارها كأداة من الأدوات الاستثمارية.

  • 3. المشاركة في العائد:

نظراً لكون معظم العملات الرقمية ظهرت بشكل أساسي لغرض الحصول على التمويل اللازم لتنفيذ المشاريع والأفكار التي تهدف إليها الجهات التي أصدرت العملة, ومن ناحية أخرى وكما رأينا في الفقرة السابقة بأنه من المستحسن أن يتم التعامل مع أغلب العملات الرقمية على أنها أدوات مالية.
أضف إلى ذلك أنه وبعد تنظيم سوق العملات الرقمية فإن ذلك سينعكس بشكل ملحوظ في حدوث استقرار نسبي في أسعار العملات, وبالتالي فإنه لا يمكن للمستثمرين أن يحققوا عوائد رأسمالية من الاستثمار في العملات الرقمية.

كل هذه الأسباب تقودنا إلى أنه وللحفاظ على حقوق المستثمرين وضمان استمرار بقاء المشاريع الناجحة التي قامت بطرح عملاتها الرقمية للاكتتاب العام ICOs فإنه يتوجب أن يحصل المستثمرين باعتبارهم مساهمين على أهم حقوقهم وهو المشاركة في العائد.

القواعد التنظيمية الأولى لتنظيم سوق العملات الرقمية:
أما فيما يخص القواعد التنظيمية التي يمكن أن يحتويها الإطار التنظيمي العام لسوق العملات الرقمية, فهناك جملة من القواعد التي يتوجب الاسراع في تطبيقها لما لها من دور مهم في تطوير هذه الصناعة الجديدة وتعزيز فرص نموها ويمكن عرض بعض القواعد التنظيمية في هذا الصدد كما يلي:

  • 1.الحصول على عضوية لدى المؤسسة ذاتية التنظيم:

من المهم أن تشرف المؤسسة ذاتية التنظيم على جميع منصات التداول ومصدري العملات الرقمية على حدا سواء, فهذا الأمر سيزيد من قدرة المؤسسة على ضمان حماية المستثمرين من الغش أو التلاعب أو الخداع, فعلى سبيل المثال سيصبح بالإمكان فرض قواعد تنظيمية موحدة على جميع المنصات فيما يخص إدراج العملات فيها, كما يمكن إلزام الشركات المصدرة للعملات الرقمية على رفع مستويات وكفاءة الإفصاح سواء عن البيانات المالية أو عن البيانات التي يمكن أن تؤثر على قرارات المستثمرين وما إلى ذلك.

  • 2. تنظيم اصدار العملات الجديدة ICOs:

إن بقاء عملية إصدار العملات الرقمية الجديدة تتم بطريقة غير منظمة يزيد المشهد تعقيداً, ففي مقال سابق أشرت إلى أن طرح عملات جديدة للاكتتاب العام يسهم بطريقة أو بأخرى إلى زيادة مستويات الركود في سوق العملات الرقمية نظراً لمحدودية السيولة المتاحة في السوق ومن ثم فإن الإصدارات الجديدة تستنزف هذه السيولة, لذا يبدوا جليا أهمية تنظيم عملية إصدار العملات الجديدة.

كما يمكن أن تؤدي هذه العملية التنظيمية إلى تخفيف الضغوط المفروضة على تدفق سيولة نقدية جديدة إلى سوق العملات الرقمية والتي فرضتها البنوك المختلفة حول العالم, فبعد التأكد من انحسار مخاطر الاحتيال التي يمكن أن يتعرض لها المستثمرون في العملات الجديدة ستختفي معها الأسباب الرئيسية التي قادت البنوك العالمية إلى وضع قيود على السيولة الجديدة الراغبة في التدفق نحو سوق العملات الرقمية.

  • 3. مستويات السوق:

نظراً لاختلاف مستويات أداء العملات الرقمية, ونظراً للصعوبة التي تواجه المستثمرين العاديين في تحديد جودة الاستثمار في العملات الرقمية المختلفة فإن إنشاء مستويات Tiers متعددة في أسواق العملات الرقيمة سيسهل بالتأكيد على المستثمرين في تحسين عملية اتخاذ قراراتهم الاستثمارية في سوق العملات الرقمية. كما أن ذلك سيشجع الشركات المصدرة للعملات الرقمية على تحسين أدائها من أجل التدرج بين مستويات السوق من أسفل إلى أعلى.

  • 4. الحدود الدنيا والعليا لتغير السعر:

يتفق معظم متابعي سوق العملات الرقمية بأن التغيرات العنيفة في أسعار العملات الرقمية تعتبر من أكبر المخاطر الموجودة في سوق العملات الرقمية, فنظراً لكون أسواق العملات الرقمية غير منظمة نلاحظ وجود بعض الفئات تعمل على خلق حالات من الصعود الكبير ومن ثم الهبوط فيما يسمى Pump & Dump , هذا الأمر يؤدي في بعض الحالات إلى رفع أسعار بعض العملات خلال يوم واحد بما يزيد عن 100% قبل أن تهوي الأسعار من جديد.

لكن يجب الأخذ بعين الاعتبار بأن العملات الرقمية لا تزال في مراحل نموها الأولى وبالتالي فإنه لا بأس من بعض التغيرات الملحوظة في أسعارها, وبالتالي فإنه وعند وضع قواعد خاصة كقاعدة الحدود العليا والدنيا لتغير السعر؛ لابد من الموازنة بحيث لا يتم تقييد مستويات النمو التي تحتاج إليها هذه السوق كونها في مراحلها الأولى مع العمل على تحييد مخاطر التغيرات العنيفة في الأسعار.


في الختام نؤكد على ضرورة تنظيم أسواق العملات الرقمية وبما يؤدي إلى تحسين أدائها مع الأخذ بعين الاعتبار بأن هذه السوق تحتاج إلى رؤية تنظيمية حديثة تتفق مع خصائص هذه السوق.

إعلانات طرف ثالث. ليس عرضًا أو ترشيحًا من Investing.com. يمكنك رؤية الإفصاح من هُنا أو إزالة الإعلانات< .

أحدث التعليقات

قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2024 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.