يبدو أن أسواق السندات العالمية لاتهدأ عن ارسال اشارات قد تكون محيرة في بعض الأحيان . تراجعت العوائد على السندات الأمريكية لعشر سنوات مرةً أخرى ووصلت اليوم الى 2.9% علماً أنها وصلت الأسبوع الفائت الى مستويات 3.10% وهو الأعلى خلال سبع سنوات. ان ارتفاع هذه العوائد الأمريكية كان بالتوازن مع الارتفاعات القياسية لمؤشر الداو جونز, وبالتالي كان الارتباط متعلقاً بارتفاع شهية المخاطر وبيع السندات وتوقعات أفضل للتضخم وبالتالي زخم أقوى في رفع الفائدة الأمريكية خلال العام الجاري والسنوات القادمة. ولكن لنوضح نقطة مهمة , ان تراجع العوائد خلال الأسبوع الأخير لم يكن مصحوباً بتراجع مؤشر الدولار الأمريكي بل على العكس حيث تابع الدولار الأمريكي مكاسبه بينما يوضح التشارت الأسبوعي مكاسبه القوية المستمرة ووصوله الى مستويات 94.56 نقطة وهي أعلى مستويات منذ نوفمبر / تشرين الثاني 2017 . ان تراجع هذه العوائد لايعني بالضرورة العودة الى التوقعات السلبية أو تراجع الرغبة بشراء الأصول الأكثر مخاطرة ( على الأقل حالياً ) , بل انه قد يشير الى ديناميكيات أسواق السندات الأمريكية وهي الأكثر سيولة في العالم , كما أن وصول العوائد الى 3.10% ستشجع الكثير على الدخول بشراء بعض هذه السندات للاستفادة من سعر السند الأصلي الأكثر رخصاً. هناك نقطتين لابد من توضيحهما :
أولاً ,ان تراجع هذه العوائد حالياً لايعني بالضرورة انتهاء الرالي ,مع اعتقادنا أن عمليات شراء تدريجية للسندات قد تبدأ ببناء مستويات متعددة وبالتالي قد تكون الصورة مختلفة (المقصود هنا العوائد) مع نهاية العام الجاري .
ثانياً , قد لايكون مؤشر الدولار الأمريكي مرتبطاً بالضرورة بهكذا تطورات, بل ان التركيز سينتقل الى أرقام الوظائف الأمريكية يوم الجمعة القادم وبالتالي ستبقى مستويات الأجور الأمريكية وتوقعات التضخم هي عوامل أكثر تأثيراً بمؤشر الدولار الأمريكي والتي هي أصلاً ما يعتمدها الفيدرالي حالياً في تقييمه لرفع الفائدة .ان المؤشر اليومي للدولار الأمريكي قد يشير الى عمليات تصحيح متوقعة(فنياً) وهو يتفق الى حد ما مع وجهة نظرنا بأن مؤشر الدولار الأمريكي يبقى هشاً لأي تغيير مفاجئ في البيانات الأمريكية أو السياسة في واشنطن , آخذين بعين الاعتبار أن المؤشر البياني يشير أيضاً الى زخم قوي مازال موجوداً للدولار الأمريكي.
قد يفيدنا هذا التقييم في اعطاء نظرة أكثر شمولية للعملات الرئيسية مقابل الدولار الأمريكي والتي منيت بخسائر قاسية في الشهرين الأخيرين ( اليورو والجنيه الاسترليني ) حيث أن النظرة الفنية لوحدها بهذه الحالة قد لاتكون كافيةً وشاملة .