انخفضت العقود الآجلة لفول الصويا الامريكي لمستويات عامين ونصف، وذلك في أعقاب شن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لحرب التجارة. وفي حقيقة الأمر، انخفضت كافة السلع الزراعية.
وعلى الرغم من نسيان الغالبية لكيف بدأ ترامب تلك الحرب -وكتذكرة، فرض ترامب تعريفات على الغسالات، وألواح الطاقة الشمسية في يناير- وفي مارس فرض ترامب تعريفات على الألومنيوم والصلب، وكذلك على الواردات من بعض الشركاء التجاريين ومنهم الصين والاتحاد الأوروبي وكندا، ورفعت تلك التعريفات من خطورة حرب التجارة، ومثلت تهديد لخسارة الأعمال في الولايات المتحدة.
وشهد 4 أبريل انخفاض في أحد قطاعات السوق الأمريكية، غير المراقبة على نطاق واسع، وهي سوق السلع الزراعية. وجاء الانخفاض في الرابع من أبريل بسبب فرض الصين لعقوبات للرد على ترامب، وتبعها في ذلك الفعل عدد من حلفاء الولايات المتحدة، منهم: الاتحاد الأوروبي، وكندا، والمكسيك وغيرهم.
ومن بين السلع التي فرضت الصين عليها تعريفات جديدة، في إطار تعريفات حجمها 50 مليار دولار، كانت فول الصويا، والذي بدا التأثر واضحًا على أدائه.
فهبطت العقود الآجلة لفول الصويا 14.36%، ولا يعتبر فول الصويا المنتج الأمريكي الوحيد الذي ركزت الصين عليه. فتتضمن لائحة التعريفات التي فرضتها الصين على البضائع الأمريكية: حبوب الذرة ، الفواكه، الذرة، القمح ، ومنتجات الألبان، والفواكه، وبجانبهم أيضًا الجوز، والحبوب، كما هبطت العقود الآجلة لبعض الماشية، وهبطت أيضًا العقود الآجلة للخشب، بسبب خوف المستثمرين من تعريفات الصين التي تستهدف الولايات المتحدة.
واستهدفت المكسيك هي الأخرى السلع الزراعية الأمريكية، بما فيها: التفاح، والبروبون، ولحم الخنزير. بينما فرض الاتحاد الأوروبي تعريفات على محاصيل أمريكية مثل: الأرز، وحبوب الذرة، وعصير البرتقال.
ومنذ الرابع من أبريل، انخفضت حبوب الذرة 5.30% منذ أبريل، بينما انخفض فول الصويا 8.28%، وارتفع القمح 5.80%، ولكنه ما يزال منخفضًا 11.25% من ارتفاع 11 شهر، فبلغ سعره في 28 مايو 548.06 دولار.
وانخفضت عقود الخنازير الحية انخفاضًا كبيرًا إلى 51.73 دولار عندما أُعلنت التعريفات في بداية أبريل، وذلك السعر هبوطًا من سعر 67.60 والذي وصلت له في منتصف مارس.
رغم ذلك تعافت تلك العقود الآجلة وصولًا إلى ارتفاع 10 شهور، لتقف عند سعر 81 دولار في بداية الصيف، وإجازة الرابع من يوليو، وفي تلك الأسواق يرتفع الطلب داخليًا على السلعة. ولكن يمكن أن تؤثر التعريفات الجديدة التي فرضتها الصين والمكسيك على منتجات الخنازير، على سعر تلك السلعة خاصة بعد انقضاء فصل الصيف. ونضيف بأن عديد من الدول أعلنت عن تعريفات لم تُطبق بعد. فإذا طبقت الدول تلك التعريفات، ستلقي بظلال ثقيلة على أسعار السلع الزراعية.
تعريفات تستهدف قلب البلاد
لم تُطبق التعريفات الصينية والأوروبية على الولايات المتحدة تطبيقًا عشوائيًا. فحسب الشركاء التجاريون بدقة أي البضائع التي تنتجها الولايات التي صوت غالبيتها لترامب في الانتخابات، وذلك للرد على سياسات "أمريكا أولًا". وتتواجد القاعدة الجماهيرية الأكبر لترامب في الولايات الزراعية، فلا عجب أن نرى انخفاضًا في السلع الزراعية، من جراء فرض الشركاء التعريفات.
وأصدرت صحيفة USA Today، ذُكر فيه: "تصدر ولاية أيوا قرابة 2 مليار دولار من فول الصين للصين، ويشكل هذا 4% من اقتصاد الولايات المتحدة - فهي الولاية الأكثر عرضة للضرر من بين جميع الولايات. وتأتي أيوا في المركز الثاني في انتاج فول الصين، إليونيز في المركز الأول، ولكن أيوا الأكثر عرضة للضرر."
وتعد الصين المشتري الأكبر لفول الصويا من الولايات المتحدة، فاشترت العام الماضي 14 مليار دولار من فول الصويا، أو 62% من الصادرات الأمريكية. وأكد جون هيسدورفر، أحد مزارعي فول الصويا في أيوا، ورئيس منظمة فول الصويا الأمريكية، على أن "أسعار فول الصويا تنخفض، وذلك نتيجة مباشرة للنزاع التجاري." وتابع: "هبطت الأسعار دولار ونصف تقريبًا لكل بوشل منذ نهاية مايو- وتستمر في الانخفاض. ويمثل هذا خسارة قدرها 6.0 مليار دولار في محصول فول الصويا لعام 2018، ووقعت تلك الخسارة في غضون شهر."
وكتب برنت جولي الاقتصادي الزراعي في مذكرة بحثية: "بقولنا أن الأسابيع القليلة الماضية عسير بالنسبة لمنتجي حبوب الذرة وفول الصويا، يعتبر هذا تقليل لشأن ما وقع." ويقدر جولي أن 27 فدان من المزارع كانت لتخسر 210,600 دولار الشهر الماضي، وذلك بسبب تحريك أسواق الحبوب للسعر.
ولا يلوح في الأفق تراجع أي طرف عما يفعل، فلا ترامب ولا الصين أو الاتحاد الأوروبي أو المكسيك أو حتى كندا سينهون حرب التعريفات. وحتى الآن ما يزال الضرر الواقع على كل الأطراف عند حده الأدنى. ورغم ذلك تعاني الولايات الزراعية في الولايات المتحدة من خسائر مبكرة، فلو صعد ترامب من حدة العدائية، سيرى عندها المزارعون والصانعون تراجعًا في عوائدهم، أو سيجبرون على إغلاق أعمالهم. كما ستتسبب ارتفاع تكلفة استيراد المواد الخام في زيادة شعر المستهلك بوطأة زيادة أسعار البضائع.