كثيراً ما يعاني صغار المستثمرين في سوق العملات الرقمية من خيبات الأمل مع استمرار خسارة البيتكوين لجزء كبير من قيمتها بعد الارتفاع الرهيب في قيمتها إلى ما يقارب 20 ألف دولار للبيتكوين الواحد, هؤلاء المستثمرين غالبيتهم من الشباب الطموحين الذين يرون في العملات الرقمية فرصة قد تجعلهم في يوم ما من الأثرياء ودائما ما يرددون هذه المقولة To the moon تعبيراً عن آمالهم وطموحاتهم.
ولكون سوق العملات الرقمية تتسم بضعف إطارها التنظيمي كنتيجة لكونها في مراحل نموها الأولى؛ فإنها (السوق) جذبت بالمقابل شريحة أخرى من المستثمرين التي يطلق عليهم مصطلح الحيتان Whales لا يكفون أبداً عن انتهاز الفرص في عمليات مضاربة تحقق لهم الكثير من الأرباح, هذه الأرباح بالتأكيد هي على حساب فئة المستثمرين الأقل دراية بالتعامل مع الأسواق المالية وبالتأكيد فهي فئة تضم جزء كبير من هؤلاء الشباب الطموحين.
في هذا المقال سنسلط الضوء على واحدة من عمليات المضاربة المربحة لواحد من حيتان السوق, نهدف من خلال عرضنا هذا إلى التنبيه نحو جسامة المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها المستثمرين في سوق العملات نظراً لوجود الحيتان في هذه السوق, وللتأكيد أيضاً على أهمية دراسة السوق قبل اتخاذ قرارات الاستثمار (بالبيع أو الشراء) وأهمية المعرفة بأساسيات الاستثمار وإدارة المخاطر كسلاح هام يحمي المستثمرين من مخاطر الاستثمار.
التجربة التي بين أيدينا هي لواحد من أفضل 5 مالكي لعملة البيتكوين بحسب تصنيف موقع 99Bitcoin , يمتلك هذا المستثمر في الوقت الراهن 101,848 بيتكوين (بقيمة مقدرة وفق سعر البيتكوين وقت كتابة هذا المقال بنحو 787 مليون دولار), عنوان محفظته يمكن الإشارة إليه اختصاراً للرموز الأولى والأخيرة للمحفظة بـ
3Nx...p8v
خلال الفترة ما بين 22/12/2017م وحتى 18/06/2018م أجرى 11 عملية بيع وشراء مثيرة للاهتمام نتج عنها أرباح وعوائد يمكن تقديرها بنحو 102.36 مليون دولار كما هو موضح في الجدول أدناه, ويمكن ايضاح كيف تم احتساب أرباح وعوائد هذا المستثمر كما يأتي وهو ما يمكننا من عرض بعض الملاحظات المفيدة للمستثمرين:
أرباح صفقات البيع:
صفقة بيع رقم (2) للكمية المشتراة في صفقة (1) ربحها 5.4 مليون دولار
صفة بيع رقم (6) للكميات المشتراه في صفقات (5) ربحها يقدر بـ 5.44 مليون دولار.
صفقة بيع رقم (7) للكميات المشتراه في صفقات (5+4) ربحها يقدر بـ 9.93 مليون دولار + 1 مليون دولار (مع إبقاء المراكز الشرائية مفتوحة لـ صفقة رقم 3 , 6500 وحدة من صفقة 4).
صفقة بيع رقم (10) للكميات في صفقة (8) ربحها يقدر بـ 6.96 مليون دولار.
ربحية (عوائد) صفقات الشراء:
شراء صفقة رقم (3) بسعر أقل من سعر بيع صفقة رقم (2) حقق للمستثمر عوائد عن فارق السعر تقدر بـ 17.24 مليون دولار.
شراء صفقة رقم (4) بسعر أقل من سعر بيع صفقة رقم (2) حقق للمستثمر عوائد عن فارق السعر تقدر بـ 23.99 مليون دولار.
شراء صفقة رقم (8) بسعر أقل من سعر بيع صفقة رقم (6و7) حقق للمستثمر عوائد عن فارق السعر تقدر بـ 9.93 مليون دولار عن صفقة 6 و 5 مليون دولار عن صفقة رقم 7, بالاضافة إلى 1500 وحدة بيتكوين كمية أضافية كون اجمالي قيمة صفقة الشراء أقل من اجمالي قيمة صفقة البيع رغم ان الكمية المشتراه أكبر من الكمية المباعة .
شراء صفقة رقم (11) بسعر أقل من سعر بيع صفقة رقم (10) حقق للمستثمر عوائد عن فارق السعر تقدر بـ 10.85 مليون دولار.
ومن خلال الصفقات التي أبرمها هذا المستثمر والظاهرة لنا في الجدول والشكل السابقين يمكن ان نستخلص النتائج التالية:
1. إن البيع ثم أعادة الشراء بسعر أقل (وهكذا) يساهم في رفع ربحية المحفظة خصوصاً مع تكرار العملية أكثر من مرة, وهو ما يبدوا واضحاً في زيادة حجم محفظة المستثمر نظراً لإعادة الشراء في معظم الصفقات بسعر أقل من سعر البيع السابق.
2. الخروج بربح أقل (رغم فقدان فرص الربح أكثر من سعر الخروج الفعلي) يمكن اعتباره من القرارات الاستثمارية الصحيحة خصوصاً عندما تظهر بوادر باستمرار الانخفاض كما يتضح لنا من صفقة البيع رقم 1.
3. بعض القرارات الخاطئة لا تعالج بالبيع مباشرة حفاظاً أولاً على الأرباح المحققة سابقاً وكذلك منع تحقق الخسائر باغلاق المراكز متى ما كان رأس المال كافي للسماح بذلك, كما أنه ربما يتطلب الأمر الدخول في مراكز اضافية عندما تظهر الفرص لذلك (صفقات الشراء 3+4+5).
4. توزيع العمليات في عدة صفقات أملاً في الحصول على فرص أكثر ربحية أسلوب مناسب, (صفقات الشراء 3+4+5) , (صفقات البيع 6+7) فالتوزيع الذي اتبعه المستثمر مكنه من تنفيذ صفقاته بسعرين مختلفين.
5. عدم الاستعجال في اتخاذ القرارات فيجب ظهور مؤشرات كافية تؤكد على صحة الحركة صعوداً او هبوطاً ليتم على ضوئها بناء قراراتنا وهو ما يبدوا واضحاً في أغلب القرارات كما يظهره الشارت المرفق.
المثير للاهتمام في هذه التجربة بأن هذا الحوت استطاع أن يحقق عوائد قدرت بنحو 102 مليون دولار كما رأينا وهي تمثل نسبة 15% (من القيمة الحالية للمحفظة مخصوم منها هذا الربح) رغم أن السوق خلال تلك الفترة يمر بحركة هبوطية خسر خلالها البيتكوين نحو 60% من قيمته.
إن التجربة التي بين أيدينا توضح لنا أن عمليات الدخول إلى السوق (شراءً) والخروج منه (بيعاً) ليست قرارات عشوائية وإنما هي قرارات مدروسة تهدف إلى اقتناص الفرص المتاحة, وأن المستثمرين (قليلي الخبرة) الذين يدخلون أو يخرجون من السوق في التوقيت الخاطئ يكلفهم ذلك ثمناً باهظاً (فخسائرهم هي مصدر الأرباح للحيتان والمستثمرين الأكثر حنكة).