تعرضت العملات المشفرة لانخفاض حاد منذ بداية هذا العام، بما في هذا أشهر الرموز المشفرة وأكثرها شعبية من أمثال: (بتكوين)، وإيثيريم، بينما يستمر سوق الدببة (سوق المضاربة على الهبوط) في إلقاء آثاره على العملات المشفرة. ونرى في الواقع أن بتكوين خسرت 53% من قيمتها السوقية منذ بداية العام، وتظل إيثيريم في المرتبة الثانية، كثاني أكبر عملة مشفرة بديلة، وخسرت هي الأخرى حوالي 60% من قيمتها هذا العام.
وكتب صحيفة الفايننشال تايمز أمس مقالًا بعنوان، انفجرت فقاعة العملات المشفرة، فما التالي؟. والإجابة على هذا السوق تعتمد على الحدس في جانب كبير منها، فنجيب: على الرغم من البيئة الدببية التي تحيط بالعملات المشفرة ككل، نرى تباطؤ في التمويل الهادف لتدشين منصات تداول جديدة، ومشاريع سلاسل كتل (بلوكشين)، وعمليات الطرح الأولي للعملات المشفرة. ولكن، ما زالت هناك طرق تسمح بطرح الرموز المشفرة الجديدة، فما يحدث الآن هو تغير في طريقة عمل عمليات الطرح الأولي، وكذلك الذين يستثمرون فيها.
في الواقع، يشهد السوق في الآونة الحالية زيادة الاهتمام برأس المال الاستثماري، والذي تنامى لديه الحماس في التحول إلى الرموز المشفرة. وبهذا، نرى أن عمليات الطرح الأولي للعملات المشفرة فقدت بريقها كوسيلة لجمع الأموال. شهدنا العام الماضي، شهدنا استخدام الطرح الأولي للمشاريع الناشئة التي تحاول تجاوز الطرق التقليدية، وسلك طريق مختصر للحصول على رأس المال الاستثماري.
ذكرت تقرير لمنظمة Ernst&Young أن الكمية الإجمالية للأموال المجموعة عن طريق الطرح الأولي بلغت 4 مليار دولار في نهاية عام 2017. ويعد هذا ضعف حجم التداول في سوق تطوير مشاريع سلسلة الكتل.
الأموال الذكية، نموذج جديد لرأس المال الاستثماري
يقول ألكسندر تكاشينكو أن هناك تحولًا من ما كان في جوهره نموذج يعتمد على جمع الأموال من الحشد، وكان التحول إلى نموذج تقليدي أكثر باستثمارات، وعملات مشفرة تتولى الدور الريادي في تقييم المشروعات وتساعد في عملية التحريات الخاصة حول العملة المشفرة، وتحليل وقيادة الدورات الاستثمارية؛ أسس تشكاشينكو VNX كما أن المدير التنفيذي لها، وهي منصة تعرف نفسها على أنها تعمل في "فك السيولة في صناعة رأس المال الاستثماري".
"لم يتغير تركيز رأس المال الاستثماري على الأسواق الكبيرة، والابتكارات المزلزلة، وفرق العمل التي يمكنها تنفيذ المشروعات. ولكن ما طاله التغيير كان العديد من رأس المال الاستثماري الباحث عن فرص تفتحها سلسلة الكتل في صناعة رأس المال الاستثماري نفسها."
رغم ما دار من حماس حول سلسلة الكتل، والعملات المشفرة، وساعد هذا الحماس في جذب المستثمرين قصيري المدى، الباحثين عن أرباح سريعة، يقول روجر ليم أن هذا الفصل من حكاية العملات المشفرة يشارف على الانتهاء، ليم هو الشريك المؤسس في المجموعة الاستثمارية NGC. ويتوقع أن يدخل مستثمري المدى الطويل إلى مجال العملات المشفرة، ليساهموا في وضع البينية التحتية، ويدعموا المعايير التي تعتبر أساس لتبني العملات المشفرة، والتكنولوجيا الخاصة بها على نطاق واسع.
"أعتقد أن الأموال الذكية بدأت في ملاحظة أن تكنولوجيا دفتر الحسابات الموزع تعد تكنولوجيا عظيمة لها القدرة على إحداث تأثير مذهل على حيواتنا -تأثير أكبر من تأثير الإنترنت. لو كانت تلك هي الحال، فأرى بأن هذا الفرصة تتكرر مرة واحدة كل جيل، وأتوقع أن يزداد تدفق الأموال في الفضاء المشفرة."
سارع بعض المستثمرين في دخول الفضاء، ولديهم الآن فهم عميق لتلك التكنولوجيا. تشانس دو، مؤسس والمدير التنفيذي لـ Coefficient Ventures وChance Ventures ويلاحظ دو أن كل شركة ليدها فهم مختلف حول فوائد ونشاطات فضاء سلسلة الكتل. ويشير إلى أن البعض منهم يسعى وراء الربح الفوري، بينما يحاول البعض الآخر البقاء لفترة أطول.
وما زال هناك البعض، ممن يعتبروا أموال استثمارية يتطلعون إلى الاستثمار في مزيج من الفرص طويلة المدى وقصيرة المدى.
"بينما تتحول تلك الصناعة إلى مجال للاستثمار طويل المدى والثابت، فأنا أتقدم بتزكية، مفاداها أن التداول يجب أن يكون في غاية الحذر، لأن هناك مشاريع الغرض منها الاحتيال والنصب، والتي يمكن أن يكون لها آثار مدمرة على الصناعة."
هل هناك استراتيجيات متعددة لجمع الأموال في المستقبل؟
تستمر تكنولوجيا سلسلة الكتل في التوسع والدخول في عديد من الصناعات، ويعتقد بين جورجينسن، أنه من الحكمة أن تضع أموال في مؤسسات وشركات حسنة السمعة، ولديها هيكل ابتكاري قوي في مجالاتها، مثل العقود الذكية، ودفتر الحسابات الموزع، والمؤسسات التي تبحث عن إرساء الشفافية، ووضع أسس معاملات مالية أسرع؛ جورجينسن، أحد أصحاب رأس المال الاستثماري، ومدير العمليات في Constellation Labs.
ويعتقد أن شعور المستثمر في حالة تحول حاليًا. "نبتعد حاليًا عن عصر الدخول لجني الأرباح سريعًا." وفي رأيه بيئة جمع الأموال تتحرك نحو مزيدًا من النضج، مما يقودنا أقرب إلى احتمالية وجود استثمارات ناجحة.
"نحتاج إلى إدماج الأساليب التقليدية في جمع الأموال، داخل هيكل مجتمعات العملات المشفرة. فلم تعد المشروعات قادرة على جمع ملايين الدولار في دقائق، بناء على ورقة بيضاء هزيلة؛ فحاليًا يعمل المستثمرون على تقييم الإنجازات التي تحققها الشركة، والتكنولوجيا التي تعتمد عليها، وخارطة الطريق التي تحكم توجهها، كما يبحث المستثمرون أيضًا عن قدرات الفريق الذي يعمل وينفذ المشروع. ويغلق هذا الباب في وجه العديد من مخططات الاحتيال داخل الصناعة، وفي الوقت نفسه يجلب المزيد من تحميل المسؤولية المالية، والاستثمارات القائمة على الإنجاز، بوجود استراتيجيات أسس السوق الذي يرغب المستثمر في وضع أمواله داخله."
في النهاية يبدو أن ما نشهده في الوقت الحالي هو تطور البيئة لتصل إلى منطقة تمكنها من إيجاد عدة طرق واستراتيجيات للحصول على التمويل، منها مرحلة ما قبل مبيعات الرمز المشفرة، كخطوة تأسيسية. ويسحب هذا البساط من تحت عمليات الطرح الأولي، والتي انتشرت انتشارًا مذهلًا في عام 2017، واستفادت منها العديد من الشركات، بدلًا من إيجاد طرق لتأسيس منظمات أموال استثمارية، ودخول مستثمري أموال ذكية للمساعدة في بناء مشروعات سلسلة الكتل.
وبينما تدلنا الزيادة في مشروعات رؤوس الأموال الاستثمارية على تبني وزيادة شرعية فئة الأصول تلك، يقول كايل تشابمان أنه ما زال هناك عددًا من "شركات سلسلة الكتل" لديها اقتراحات ضعيفة القيمة. وأخيرًا سيكون هناك تصحيحًا للحد من تلك الكيانات، وطردهم من الصناعة، مثلما حدث في أثناء فقاعة الإنترنت.
"إذا تمكنت الشركة مع جمع الأموال بنجاح في مرحلة ما قبل الطرح الأولي، يدلنا هذا على زيادة شرعية السوق. وتساعدنا تلك المعلومة أيضًا على الاستثمار في فرصة من بين مئات الفرصة المشابهة، ذات الجاذبية الأقل، كما تسمح أيضًا للشركة بالاستفادة من الحصول على رأس المال فورًا. في المقابل، يحصل مستثمرو القطاع الخاصة على مكافأة في هيئة عروض أفضل، وهيكلة علاوات أعلى، كما يحصلون على عدد من الرموز المشفرة التي يضمنها لها مُصدِر تلك الرموز."