يصبح الغاز الطبيعي أكثر فأكثر واحدًا من أكثر السلع تشويقًا في السوق، فيعجز الجميع عن توقع ما ستفضي إليه تحركاته. تقف أسعار الغاز الطبيعي عند نقطة محورية الآن، مع بداية انتهاء الطلب الصيفي الخاص بأغراض التبريد، وبداية طلب الشتاء الخاص بأغراض التدفئة.
يتفق الجميع عن انتهاء طلب الصيف. ولكن ما يعجز الكثير عن استكشافه هو ما إذا كانت الأسواق ستمكث، أم تستمر في تحركها للأعلى، أو ستعطينا جزء كبير من الأرباح قبل أن تعكس حالة عدم اليقين الحالية.
"يتسم السوق بشيء من الهدوء اليوم، بعدما تسبب تقرير المخزون الصادر هذا الصباح في جذب استجابة معتدلة،" وفق ما ذكره دانيا مايرز في مذكرة كتبها يون الخميس بعد إصدار إدارة معلومات الطاقة في الولايات المتحدة للإحصائيات الخاصة بالعرض والطلب في الغاز الطبيعي؛ يعمل مايرز في الشركة الاستشارية Gelber&Associates، ومقرها هيوستن
ووصل المخزون إلى التوقعات، بعد ضخ 48 مليون قدم مكعب للأسبوع الذي انتهى في 17 أغسطس. بيد أن هذا الرقم يأتي منخفضًا عن متوسط خمس سنوات، المقدر بـ 52 مليون قدم مكعب يتم ضخهم أسبوعًا. في الواقع، تراجع معدل ضخ الغاز الطبيعي في أماكن التخزين تحت الأرض، وذلك في 7 أسابيع من أصل 9 أسابيع، إضافة إلى البقية المتبقية من غاز أغراض التبريد. وبينما بدأت درجات الحرارة في الانخفاض، نلاحظ أن هناك درجات أدفأ من المعتاد حتى في تنبؤات الطقس قريبة المدى، والتي تظهر أن تلك الدرجات ستعود لطبيعتها قريبًا.
المحللون في مأزق
ترك هذا الأمر المحللون في مأزق، فهم لا يعرفون أين يجب أن تكون الأسعار. واستقرت الأسعار يوم الخميس عند 2.964 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية على بورصة نيويورك التجارية، لعقود شهر تسليمها سبتمبر، وتعد تلك العقود منخفضة بذلك 20% أسفل مرتفعات 2018، والتي كانت عند 3.661، وسجلتها السلعة في 29 يناير. وارتفع السوق 0.4%، ليحتفظ بالأرباح المتواضعة التي حققها، إذ ما زال الثيران (مضاربو الصعود) محافظون على آمالهم بالارتفاع أعلى 3 دولار، متى بدأ فصل الشتاء.
تعطينا المؤشرات التقنية اليوم على Investing.com إشارة "شراء قوي". وتقف المقاومة من المستوى الثالث لفيبوناتشي، وهي الأقوى، لشهر سبتمبر عند 3.007 دولار، وعادة ما يثبت الارتفاع المحتمل قوة أكبر. فتداول العقود يمكث بقوة أعلى المتوسط المتحرك لـ 200 يوم، وهو عند سعر 2.843 دولار، ولا يوجد أي شيء يدعونا إلى التنبؤ بسحب إشارة بيع على الجانب التقني.
ويتضارب هذا مع ما يتوقعه بعض المحللين الذين يرون أن الاتجاه الفوري سيتراجع. وكتب جيلبر مايرز: "على الرغم من العوامل (الدافعة للصعود)، إلا أن الإنتاج يستمر في الحوم حول مستويات قياسية، ملقيًا بثقله على الأسعار." "هناك شعور بأن الصعود لا مجاله له فوق مستوى 3 دولار، نظرًا لضخامة الإنتاج، وكلما ظلت الأسعار على النطاق الأطول غير نشطة تحت ذلك المستوى، يصعب ذلك من محاولة رفع أسعار الطاقة للأعلى."
ولدى ADM رأي مشابه. فكتبوا في مذكرة يوم الخميس تعليقًا على الغاز: "يجب أن تزداد المقاومة، بينما يدفع السوق السعر نحو مستوى 3 دولار، خاصة مع معدل إنتاج برقم قياسي، وزيادة طول مدى التداول على مدار الأسابيع القليلة الماضية في الأخبار."
"سيسارع معسكر الدببة (مضاربو الهبوط) نحو الإشارة إلى الاستمرار في زيادة الإنتاج، وربما نحتاج فقط إلى معدل إضافة أدنى من المعتاد اليوم لتجنب العودة إلى مستوى 2.90 دولار."
رؤية غائمة بسبب الأحوال الجوية المختلطة
ويقول دومينك تشيرشيلا، من معهد إدارة الطاقة في نيويورك، أن الأحوال الجوية المختلطة تزيد من غموض التحليل حول أسعار الغاز. وكتب يوم الخميس: "بارتفاع درجات الحرارة عن المعتاد على أغلب المناطق الشرقية من ولاية كولورادو، ولن يتسبب الضخ الأسبوع القادم في أي تغيير للعجز."
وقال: "اتسم آخر تقارير تنبؤات درجات الحرارة على المدى القريب بتزويده بدعم أقل عن التقرير الذي صدر أمس. يعرض هذا التنبؤ تراجع ضئيل في الاتجاه الدافئ لدرجات الحرارة. وبالتالي ربما لن يكون الطلب الخاص بأغراض التدفئة أقوى من المتوقع."
وأضاف: "يتسم التنبؤ الخاص بـ 8 أيام إلى 14 يوم بكونه أكثر دعمًا من التنبؤات قصيرة المدى، لأن التقرير الأول يشير إلى تراجع حدة ارتفاع درجات الحرارة. وربما يشهد التنبؤ انخفاض نسبة الطلب لأغراض التدفئة خلال تلك المدة."