ماذا يحدث لغاز الطبيعي باستمرار الفجوة بين الإنتاج والمخزون، هل يستمر مرتفعًا؟

لو أُعيد صياغة "قصة الشرق والغرب" لتتناسب مع سوق الغاز الطبيعي، لوجدنا الافتتاحية الأشهر تبدأ كالتالي: "أوّه، الانتاج هو الانتاج، والمخزون هو المخزون، ومهما جرى لن يلتقي الاثنان أبدًا."

يعد ذلك النص أحد النصوص الاستثنائية، وينطبق على أحد أصغر الأسواق في الولايات المتحدة، فالإنتاج والمخزون سيظلان ضد بعضهما البعض. وربما يلتقي الاثنان لفترات زمنية قصيرة، ليسعدا بذلك ثيران الغاز الطبيعي (مضاربي الصعود).

وصلت العقود الآجلة للغاز الطبيعي، شهر نوفمبر، على بورصة نيويورك، إلى المستويات المرتفعة التي وصلتها منذ 14 شهر، عند سعر 3.111 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. ولكن الاستقرار عند سعر 3.056 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، كان مرتفع لدرجة معتدلة فوق إغلاق السوق لعام 2017، عند سعر 2.953 دولار، وبذلك حقق الغاز الطبيعي عائد من بداية العام وحتى اليوم بنسبة 3.5%.

أرقام إنتاج قياسية

يقول المحللون أن وضع الغاز الطبيعي سوف يصبح أكثر تشاؤما إذا وضعنا في الاعتبار مستويات الإنتاج القياسية التي يحققها، وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية وصول الإنتاج إلى 81.34 مليار قدم مكعب يوميًا، مرتفعًا من الرقم الذي حققه في 2017، 73.57 مليار قدم مكعب.

ولكن الوضع يصبح أكثر انتعاشًا لو أضفنا لهذا المزيج انخفاض المخزون الشتوي، الخاص بالتدفئة، إلى أدنى مستويات له منذ عام. ويرجع ذلك الانخفاض إلى كميات الغاز الضخمة التي تحرقها الخدمات هذا الصيف، لتشغيل مكيفات الهواء.

وجاء في تعليق لدانيال مايرز، يوم الخميس: "يصعب على الأسعار أن تحافظ على المستويات المرتفعة مع انخفاض الطلب المتوقع على مدار الأسابيع القادمة،" مايرز هو محلل الغاز الطبيعي في Gelber&Associates، مقرها تكساس. وأضاف:

"على الرغم من ما يعانيه السوق من إرهاق، بسبب الوعود المتكررة حول تسجيل الإنتاج لمستويات قياسية، ستكون كافية لتغطية كافة النقص في المخازن لفصل الشتاء، ويزداد الإرهاق بعد وجود نتائج تدعم تلك الوعود... عاد العبء على العرض يثبت نفسه عن طريق زيادات لا يمكن إنكارها في المستودعات."

على العرض أن يثبت نفسه

فشل مخزون الغاز الطبيعي في الاختبار مجددًا، كما تثبت بيانات إدارة معلومات الطاقة الصادرة يوم الخميس.

ضخت الخدمات 46 مليار قدم مكعب في المستودع الأسبوع الماضي، كما أظهرت البيانات، مقابل ضخها لـ 86 مليار قدم مكعب الأسبوع الماضي. وتعد عملية الضخ الأخيرة تلك الثالثة من حيث الانخفاض عمّا يتوقعه المحللون، عن 64 مليار قدم مكعب. والأهم، هبط الارتفاع الأخير في كم المخزون عن متوسط الخمس سنوات لـ 81 مليار قدم مكعب من حيث عمليات الضخ الأسبوعي، ويعد هذا الهدف من أصعب الأهداف التي تحاول الخدمات تحقيقها منذ بداية فصل الصيف، لأن المنازل والمكاتب والشركات تتطلب المزيد من الطاقة لتشغيل مكيفات الهواء في ظل درجات الحرارة المرتفعة.

دومينيك تشيرشيلا، مدير إدارة المخاطر والتداول في معهد إدارة الطاقة، مركزه نيويورك، ويقول:

"مع تسجيلنا لكافة عمليات الضخ التي جرت في المستودعات لهذا العام، يبدو أنه من الأكيد أن المستودعات في بداية فصل الشتاء، ستكون أقل من الطبيعي بنسبة تتراوح ما بين 15 إلى 20%."

وأظهرت بيانات وكالة معلومات الطاقة أن الغاز المتواجد في المستودع بلغ الإجمالي له 2,768 مليار قدم مكعب، مقابل النطاق التاريخي الذي عادةً ما يتراوح فيه وهو 3,389 مليار قدم مكعب.

من الجانب التقني يوجد نداء شراء

يعطينا التحليل التقني اليومي على Investing.com نداء "شراء قوي" على العقود الآجلة لبورصة نيويورك التجارية، بدون أهداف بيعية قريبة.

رغم ذلك، لا تصب جميع العوامل في مصلحة الغاز الطبيعي.

فيشير تشيرشيلا إلى أن احتمالية حدوث ظاهرة النينو خلال فصل الشتاء، والتي يمكنها أن ترفع درجات حرارة المياه في وسط وشرق المحيط الهادي. وتستطيع تلك الظاهرة تقليل الحاجة إلى الاعتماد على وسائل التدفئة، لتخفف قليلًا من الضغط الواقع حاليا على مستودعات الغاز.

الثيران ودرجات الحرارة

يبدو أن الثيران يفقدون دعم درجات الحرارة المرتفعة، فالتنبؤات الجوية لفترة ما بين 8 إلى 14 عام تشير لانخفاض درجات الحرارة، مما يشير إلى أن الطلب على الغاز المستخدم في مكيفات الهواء سيقل على مدار الأسابيع القادمة.

ومن ناحية تقنية، تستطيع العقود الآجلة على بورصة نيويورك لشهر نوفمبر أن تعود إلى القاع الذي سجلته في 7 سبتمبر، عند سعر 2.759 دولار، لتقوم بعملية إعادة الشحن "وهناك احتمالية جيدة لارتفاع الأسعار مرة أخرى فوق 3.100 دولار،" كما تذكر شركة EWM المختصة بالرسومات البيانية التفاعلية. وقالت الشركة:

"بعد ذلك، يجب توقع التحول إلى مناطق سلبية، لأن كل تصرف متسرع يتبعه 3 موجات تصحيح في الاتجاه المضاد."

"سواء كان سيحدث انسحاب أو انخفاض أكبر لا نعلم بعد. ولكن المتداولين يجب أن يعلموا أن أسعار الغاز الطبيعي بها نسبة مخاطرة عالية، إذا كانوا يتخذون مراكز طويلة الآن، والمخاطرة أعلى مما كانت عليه منذ أسبوعين عند 2.830."

وبوضع التحليل الفني جانبًا، إذا عجزت عمليات الضخ الأسبوعي عن الارتفاع، وركد الإنتاج، عندها سنرى أسعار الغاز الطبيعي عند 3 دولار أو أعلى.

بذل ثيران الغاز جهدًا استثنائيًا في الحفاظ على السوق عند هذه المستويات في المرحلة المتأخرة من فصل الصيف. وعلى الرغم من التقلب الذي أخذ كثيرًا من الأرباح السنوية.