يحقق ترامب ما يطلق عليه "ربحًا" في إعادة التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا)، كما يستمر على رفضه التحاور مع الصين، أو بدء محادثات مع إيران، وتضمن تلك الأحداث أرباحًا يمكن لمتداولي السلع تحقيقها بطريقين: الاول خفض سعر النحاسإلى أسفل 2.50 دولار للرطل، والوصول بسعر النفط إلى 100 دولار فيما فوق.
كان أداء سوق الأسهم الأمريكية جامحًا في اليوم الأول من الربع الرابع، فأضاف داو حوالي 200 نقطة، ويعزى ذلك الأداء إلى اتفاقية التجارية التي بين المكسيك والولايات المتحدة (التي توصل لها الطرفين بسبب إعادة التفاوض على نافتا)، وأطلقوا عليها USMCA. وزعم مستشار التجارة في البيت الأبيض، بيتر نافارو، "أنه يوم منتعش للولايات المتحدة" كما قال أن الولايات المتحدة "حصالة" العالم بعد الآن.
يختلف رد الفعل في سوق السلع إزاء الاتفاقية الجديدة، فرد الفعل هنا كان محسوبًا، مع بقاء النفط بمعزل عمّا يحدث، لأن النفط متأثر أكثر بالأحداث ذات الصلة بإيران، وليست الأحداث المرتبطة بكندا والمكسيك.
وقفز خام برنت بنسبة 3%، ليصل إلى ارتفاعات 4 أعوام جديدة فوق 85 دولار للبرميل، ويحصل النفط على قوة الارتفاع من العقوبات الاقتصادية التي ستفرضها الولايات المتحدة على إيران في الرابع من نوفمبر. ويعتقد أغلبية محللي وول ستريت، أن سعر برنت سيصل إلى 100 دولار قبل نهاية العام الجاري، أو في بداية العام المقبلة، في حال عدم التوصل لحل للأزمة بين الولايات المتحدة وإيران.
وبينما تراجع النحاس حوالي 0.6% فقط، إلا أنه يعد من السلع التي يجب أن نوليها اهتمام، بسبب الطلب الصيني على السلع المستخدمة في البنية التحتية.
يقول المدير التنفيذي لـ 50Park Investments في نيويورك، آدم سرحان أن تقاعس ترامب عن عقد اتفاقية تداول مع الصين "يجعلني متمسك بضرورة إخبار عملائي ببيع النحاس عند سعر 2.50 دولار أو أقل، لأن ذلك النطاق هو ما ستتحرك فيه السلعة في الفترة ما بين وقتنا الراهن، واتفاقية التداول." واستقر النحاس يوم الاثنين عند سعر 2.788 دولار للرطل.
يقول بعض الاقتصاديين وخبراء السياسة الخارجية أن اتفاقية التداول التي استطاعت إدارة ترامب أن تتوصل لها مع المكسيك، وكندا، ستجلب أرباحًا للولايات المتحدة، ولكن تلك الأرباح متعلقة بالاتفاقية نفسها، لأنه يمكنها أن ترفع تكلفة السيارات وغيرها من البضائع التي يُعاد دخولها للولايات المتحدة للتصنيع، وذلك لتحقيق وعد خلق فرص عمل جديدة في المصانع داخل الولايات المتحدة. ويقول كرزيستوف بيلك: "إجمالًا، تخلق إدارة ترامب أزمة، ومن ثم تتفق على حلها،" بيلك خبير التجارة الدولية، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة McGill، مونتريال.
والخبر الجيد بشأن USMCA، وفق بيلك: "هو وجود الاتفاق في حد ذاته، وما ينذر به من تبديد حالة عدم اليقين." ويضيف:
"تأتي رد فعل الأسواق على هذا الأمر (وجود اتفاق)، لأن الأسواق وضعت في اعتبارها بالفعل احتماليات عدم الوصول لاتفاق، لو البقاء في منطقة قانونية ضبابية."
هل أرباح الاتفاق محدودة؟
ستزود كندا مزراعي منتجات الألبان الولايات المتحدة بإمكانية الحصول على ما يقارب 3.5% من الإنتاج السنوي لمنتجات الألبان في كندا، ويبلغ هذا الإنتاج 16 مليار دولار، تحت الاتفاقية الجديدة، وفق ما جاء في رويترز على لسان أحد المصادر. كما وافقت أوتاوا على الحد من فئات وتصنيفات الألبان، التي دفعت المزارعين الأمريكيين خارج سوق منتجات الألبان الكندي.
وجاء في أحد مقالات الرأي على واشنطن بوست، مكتبها المؤرخ ومحلل السياسة الخارجية، ماكس بوت، تذكيرًا لمراقبي صناعة منتجات الألبان، بأن واشنطن لديها فائض من منتجات الألبان مع أوتوا بلغ 474 مليون دولار العام الماضي، وباع مزارعو الولايات المتحدة منتجات ألبان إلى كندا تفوق منتجات الألبان التي اشتراها المستهلكون الأمريكيون من كندا مقدار 5 مرات. وكتب بوت: "على أي حال، تمثل منتجات الألبان 0.06% فقط من التداولات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وبنسبة 99% لم يفرض عليها أي تعريفات."
ورحب سوق العقود الآجلة لمنتجات الألبان في الولايات المتحدة بتلك الاتفاقية الجديدة يوم الاثنين، بارتفاع العقود الأكثر نشاطًا، عقود حليب الدرجة الثالثة، بنسبة 0.6%، ليستقر عند 15.90 سنت للرطل، كما تظهر بيانات بورصة شيكاغو التجارية.
على العكس من ذلك، وصلت أسعار الحليب الأمريكي إلى ارتفاع 10 شهور، لسعر 16.55 سنت في 2 سبتمبر، عندما كانت هناك تكهنات حول عقد اتفاقية تجارية تصب في صالح المزارعين المحليين.
وبينما تسعى بنود الاتفاقية نحو إعادة إدخال صناعة السيارات إلى الولايات المتحدة، وتحويلها من المكسيك، إلا أن بوت يقول من المحتمل أن يدفع صانعو السيارات التعريفات البالغة 2.5% لإبقاء مصانعهم في المكسيك. ويمكنهم أيضًا أن يستبدلوا المزيد من العمال بالروبوتات، ويعيدوا توجيه عملية التجميع إلى خارج أمريكا الشمالية بالكامل. ويضيف: "أيًا كان ما سيحدث، من الصعب معرفة كيفية استفادة المستهلكين في الولايات المتحدة أو حتى صانعي السيارات."
تعقد الأوضاع مع الصين وإيران
لو اتخذنا USMCA دليل يرشدنا، سيحاول ترامب أن يصل إلى مكاسب أعلى في المفاوضات مع الصين وإيران، تفوق تلك التي حققها مع المكسيك وكندا. فيقول دان هيوبير: "بالتأكيد، أي توقعات بأن إذا فشلت المفاوضات مع طرف، فهناك طرف آخر،" ويشير دان بذلك إلى أن الاتفاقية مع المكسيك وكندا كانت جزء من أحجية تتكون من 3 أجزاء، الجزئين الباقيين هنا هم: إيران والصين؛ يعمل هويبر في St. Charles، لتداول الحبوب.
قال ترامب يوم الاثنين أن "الصين ترغب بشدة في بدء المحادثات،" ولكنه يؤجل هذه المحادثات. وفرضت واشنطن تعريفات إضافية بنسبة 10% على ما قيمته 200 مليار دولار من البضائع الصينية الشهر الماضي، وردت الصين على تلك التعريفات بفرضها تعريفات 60 مليار دولار على الصادرات الأمريكية.
ارتفع فول الصويا في شيكاغو لمرتفعات 6 أسابيع، ليصل لسعر 8.64 دولار للبوشل يوم الاثنين، مما يدل على وجود تعافي في السوق، ذلك السوق الذي يأرجحه الطلب الصيني. اعتبر بعض المتداولين أن تلك علامة على أن أحد الطرفين (الولايات المتحدة أو الصين) سيهرع إلى التوصل لاتفاق. يقول هوبر: "يمكن أن يصعب هذا من الأمر."
أمّا بالنسبة لإيران، نرى بأن الإدارة تفرض قيودًا على إيران بسبب التدخلات الإقليمية لها، بعيدًا عن برنامج الصواريخ البالستية لها، أو نشاطها النووي. رفضت طهران المفاوضات على تلك الشروط، واستمرت في الالتزام بالاتفاق النووي الذي عقدته مع إدارة أوباما، لتكسب الدعم من الشركاء الأوربيين.
يقول سرحان، مدير لصندوق استثماري: "ربما تنجح إيران في الالتفاف على العقوبات التي يفرضها ترامب، لأن الأوروبيين يبدو أنهم مصممين على الحفاظ على تلك الاتفاقية التي عقدها أوباما، والتي وضعت حدًا لنشاط إيران النووي. ويضيف: "إذن، ربما يقترب النفط من 100 دولار، وربما تستفيد إيران من تصدير المزيد من النفط أيضًا."