تعافي النحاس: ماذا يخبرنا ذلك عن حالة الاقتصاد؟

نادى وزير المالية التشيلي، دكتور فليبي لاريان، منذ ثلاثة أشهر باحتمالية انخفاض أسعار النحاس، ولكن السوق تجاهله، ومن ثم هبطت الأسعار. هذا الأسبوع، أثناء الارتفاع المذهل للنفط، وظهور بيانات قوية مفاجئة في الذهب بعد رفع الفيدرالي الفائدة. وتحرك سوق النحاس هذه المرة وفق رغبة الدكتور لاريان.

حقق النحاس أفضل بداية للشهر، بعد أول ثلاث جلسات في أكتوبر، وتعتبر تلك البداية الأفضل منذ يونيو، وربح النحاس 2%. الآن، يعتقد بعض راسمي اللوحات البيانية أن العقود الآجلة للنحاس على بورصة نيويورك للمعادن، لديها فرصة الوصول إلى سعر 3.12 دولار للرطل، وهو ما قاله لاريان في يوليو الماضي، وكان هذا السعر هو متوسط الهدف الذي ذكره للعام الجاري.

وصل النحاس لسعر 3.297 دولار في السابع من شهر يونيو، وهو أعلى الأسعار لـ 2018. ومن هناك، انخفض النحاس لنسبة 21%، قبل أن يصل لتعافي 9% في منتصف سبتمبر.

"شراء قوي"

تعطينا التحليلات التقنية اليومية على Investing.com، نداء "شراء قوي" على المعدن، وتظهر علامة بيع قوي فقط عندما يتحرك السعر بعيدًا عن المتوسط المتحرك لـ 200 يوم، عند سعر 2.979 دولار -نظريًا 3 دولار. استقر النحاس يوم الأربعاء عند سعر 2.83 دولار، وارتفعت العقود الآجلة الأكثر نشاطًا للنحاس فوق المتوسط المتحرك لـ 100 يوم.

ويقف النحاس الآن على بعد 6% من تحقيق الهدف الذي وضعه لاريان، فهو لا بالقريب جدًا منها، ولا بالبعيد أيضًا. كما نجد أن النحاس يطلق عليه لقب "دكتور،" نظرًا لقدرته على التنبؤ بحالة الاقتصاد. يرتبط النحاس والنفط بعلاقة وثيقة بجالة الاقتصاد العالمي، خلاف كافة السلع، لأن النحاس يستخدم في البنية التحتية، كما يستخدم في كل شيء من بناء المنازل، إلى الدوائر الكهربية. وتوضح تحركات أسعار النحاس حالة الاقتصاد، إذا ارتفعت يكون الاقتصاد بخير، وإذا مالت للانخفاض يكون الاقتصاد في أحوال متردية.

هل يتمكن النحاس من الحفاظ على تعافيه؟

يواجه متداولو النحاس سؤالًا الآن، وهو ما إذا كان النحاس قادرًا على الاحتفاظ بالأسعار التي وصل إليها، بينما تظل الصين في حالة صراع تجاري مرير مع الولايات المتحدة، فالصين أكبر مستهلك للنحاس، والولايات المتحدة أحد أكبر منتجي النحاس.

وللنحاس دورًا مهمًا في ذلك الصراع التجاري، فقالت الصين في أغسطس الماضي أنها ستستهدف ما قيمته 16 مليار دولار من الواردات الأمريكية، ومن ضمنها كانت الخردوات، برسوم 25% للرد على الخطوات العدائية لواشنطن. ومنذ ذلك الحين، أصبح ما قيمته 260 مليار دولار من التجارة المشتركة بين البلدية تحت ضغط تعريفات جديدة، ولا يبدو أن أي قوة ستتراجع عن خطواتها.

ولنضع هذا جانبًا، يوجد مشكلة أخرى يمكن أن يتعثر فيها النحاس قبل وصوله للهدف الذي وضعه لاريان، وهي: في سوق السلع، يتحرك توازن العرض والطلب في كل شيء، ويمكن أن تذهب جميع تنبؤات المسؤولين أدراج الرياح، بعيدًا عن مركزهم، إذا لم توجد محركات صحيحة تدعمها. يعد النحاس من السلع الرئيسية التي تصدرها تشيلي، وكان نداء لاريان لشهر يوليو في الحقيقة 3.12 دولار، عندما حام المعدن حول سعر 2.80 دولار للرطل، فلا يمكننا أن نعتبر نداء لاريان هذا غير متحيز. فيشير تقرير لبلومبرغ، صدر في يوليو، إلى تقديرات حول زيادة عائد حكومة تشيلي 60 مليون دولار، مقابل كل ارتفاع مقداره سنت يحققه النحاس.

دعم للوصول لـ 3 دولار

رغم ذلك ذكر قال دانيالز ميدلاند، في تقريره حول النحاس هذا الأسبوع، أنه يقف مناصرًا لتنبؤات لاريان، ميدلاند هو تجار سلع دولية في ADM Investor Services.

وصفت ADMIS النحاس بأنه في حالة "بناء تعزيز، ولكن متحيز إلى الانتعاش،" وذكرت الشركة زيادة الطلب العالمي على النحاس المكرر، كقاعدة قوية تدعم التحيز الإيجابي له. وأضاف:

"ظهر هذا الأسبوع أحد المحفزات الإيجابية من وزير المالية التشيلي، والذي اقترح أن السعر سيصل إلى 3 دولار للباوند في 2019."

يعتقد البعض أن ارتفاع النحاس هذا الأسبوع ربما يكون طريقة من مديري صناديق الاستثمار لتحريك بعض السلع الصناعية لتحصل على بعض الدعم من الانتعاش الحالي في سوق السلع ككل، ذلك الانتعاش الذي ارتفع بخام برنت إلى مرتفعات 4 سنوات، لما فوق 85 دولار للبرميل، الذهب وصل إلى المستوى الرئيسي 1,200 دولار للبرميل.ويقول كاتب الرأي آندي هولمز في مقال على رويترز كتبه في 26 سبتمبر:

"سوق النفط في حالة انتفاخ فقاعة، بينما تظل أسعار (CA:الحديد) والصلب قوية في مواجهة حرب تجارية بين أكبر اقتصادين في العالم."

مؤشر صحة الاقتصادات الناشئة

ولكن على جانب آخر أكثر ارتباطًا بدور النحاس في الاقتصاد، نجد أن التعافي الذي طال النحاس سيسهل طريق الأسواق الناشئة، التي بحاجة ماسة إلى أي مؤشرات مشجعة على النمو، في أعقاب أزمات العملات المثيرة للقلق في تركيا والأرجنتين.

ما يحدث لسعر النحاس يهم الأسواق الناشئة، "لأنهما مرتبطان،" تقول كولبي سميث، كاتب الرأي في الفينانشال تايمز، يوم الثلاثاء. وأضافت:

"تعتبر الاقتصادات الناشئة من أكبر منتجي النحاس في العالم، لذلك تلك العلاقة ليست مفاجئة. تقود المجموعة: تشيلي، والبيرو، والصين، ومعهم: الكونغو، وزامبيا، والمكسيك، وإندونيسيا."