المتابع للأسواق العالمية يدرك تماماً أن الترابط correlation بين مختلف الأدوات الاستثمارية اختلف جذرياً منذ سنوات الأزمة المالية العالمية قبل عشر سنوات . كنا دائماً معتادين على الترابط أو التناقض الذي قد يعطينا ماهية التقلبات المستقبلية ويساعدنا في رسم تصور واضح لأداء الأسواق المالية ككل . لطالما كانت العوائد على سندات الخزينة الأمريكية معياراً حقيقياً لقياس قوة الدولار الأمريكي أولاً , ومعرفة معنويات الأسواق ومخاطرها ثانياً . كلما ارتفعت هذه العوائد , كلما كان زخم الدولار الأمريكي أقوى , كما أن ارتفاع العوائد يعني أن سعر هذه السندات بات رخيصاً أكثر لأن المستثمرين يثقون أكثر بقوة الاقتصاد ألأمريكي وأداء سوق الأسهم وبالتالي ليس هناك من حاجة للرهان على أدوات الدين الثابت الأكثر آماناً . في سوق العملات , لطالما كان زوج العملات الدولار ين من أكثر الأزواج تحركاً اضافةً الى امتلاكه لميزتين أساسيتين :
أولاً , الارتباط الوثيق والمباشر بأداء مؤشر نيكي الياباني بعلاقة عكسية . بمعنى , تراجع الين وارتفاع مؤشر نيكي لأن الين الضعيف يرفع من هامش الصادرات اليابانية التي تشكل عصب هذا الاقتصاد العملاق.
ثانياً , لطالما كان هذا الزوج أكثر أزواج العملات تأثراً بعوائد السندات الأمريكية أكثر منها اليابانية لأن سوق السندات الأمريكي هو الأكبر والأكثر سيولة في العالم بينما يبقى سوق السندات الحكومية اليابانية متربطاً بالكامل ببنك اليابان الذي يتحكم فعلياً بهامش هذه العوائد والتي لطالما بقيت متدنية تاريخياً.
لكن هذه المرة قد لا تكون هذه الصورة مماثلة. في الأسبوع الأخير استمر ارتفاع العوائد الأمريكية ووصلت قبل يومين الى 3.22% على سندات العشر سنوات , الأعلى منذ سبع سنوات ولكن بالمقابل لم يرتفع الدولار الأمريكي بنفس الزخم مقابل الين . من جهة أخرى كان أداء مؤشرات الأسهم مخيباً , بمعنى ليس هناك من تصحيح قاسي ولكن هناك خوف حقيقي من الشراء عند هذه المستويات المرتفعة . يشير أداء الين الى أن الكثير من المستثمرين والمضاربين يحجم عن المخاطرة حالياً , كما أن الكثيرين يستشعرون بداية تصحيح قاسي قد يكون مرتبطاً بعاملين أساسيين :
أولاً , الفوائد الأمريكية التي ترتفع تدريجياً .
ثانياً , الحرب التجارية التي نعتقد أن تأثيرها الحقيقي لم يظهر بعد , والتي قد تكون سيئة في حال لم يتم التراجع عن الكثير من الإجراءات التي تم الإقرار بها بين الصينين والأمريكيين .
صحيح أن اليورو دولار تراجع في الأسبوعين الأخيرين من مستويات قريبة من 1.18$ ويتداول حالياً عند 1.15$ لكننا نعتقد أن التراجع بجزء كبير منه سياسي مؤقت . سيكون اليورو خياراً بديلاً منطقياً اذا ما تراجع الدولار الأمريكي خلال المرحلة القادمة .
