إذا ساورتك الشكوك عليك العودة للأساسيات، هذه قاعدة مهمة في إدارة أعمالك وفي الحياة. ولا تتجلى أهمية تلك القاعدة إلا في الوقت الراهن لسوق النفط، حيث يكمن السؤال الصعب: هل يغالي المتداولون في تأثير العقوبات الأمريكية على الصادرات النفطية الإيرانية؟ والأهم، هل ما يحدث الآن هو تقليل لقوة تلك العقوبات، أم تأكيد منهم على سلكهم طريق خاطئ في البداية؟
طال التغيير كافة توازنات النفط خلال الربع الرابع ويعد ذلك "صغير بالمقارنة بعمق التغير في مشاعر السوق، والتصفية التي أعقبت ذلك التغيير،" وفق ما تذكره الشركة البحثية الاستشارية Energy Aspects، وموقعها نيويورك. وتشير الشركة في الحديث السابق إلى الانخفاض المفاجئ الذي حدث في أسعار النفط، المصاحب للدراما المحيطة بالنفط منذ 5 أشهر.
في واحدة من أعنف التقلبات، ارتفع سعر النفط حوالي 20% على مدار خمسة أشهر، ومن ثم تنازل النفط عن كافة الأرباح في فترة أقل من خمسة أسابيع، جاء الارتفاع بعد قرار الرئيس ترامب بإعادة فرض العقوبات على إيران، بعد إلغاء الاتفاق النووي الذي عقدته إدارة أوباما، وهدف الاتفاق إلى وضع قيود على البرنامج النووي الإيراني، مقابل رفع العقوبات عن إيران والسماح لها بشحن النفط.
جاء الارتفاع بناء على المخاوف بخسارة السوق العالمي لما يصل إلى 3 مليون برميل يوميًا من الصادرات النفطية الإيرانية. وجاءت التصفية بعد تعهد السعودية بضخ كافة ما تستطيع من النفط الخام لسد الفراغ الذي يأتي من العقوبات. ولزيادة الوضع ملائمة للدببة، سجلت الولايات المتحدة فوائض أسبوعية ضخمة، ووصل إنتاج النفط الصخري إلى مستويات قياسية، وأعلنت إدارة ترامب منحها إعفاءات لثماني دول، إذ تستمر تلك الدول في استيراد النفط الإيراني عندما تبدأ العقوبات هذا الأسبوع.
شعور غير ملائم؟
قالت Energy Aspects إن السوق قلل من التأكيد على أهمية واحد من العناصر التي تسبب انخفاض النفط، وهو حاجة ترامب إلى إبقاء أسعار البنزين منخفضة قبل انتخابات التجديد النصفي المنعقدة أمس الثلاثاء، وهذا الهدف لم يكن ليتحقق إذا لم تهبط أسعار النفط الخام.
وتقول الشركة الاستشارية، حتى قبل إعلان الولايات المتحدة عن الإعفاءات، فقد الثيران قوتهم، وتضيف:
"لم يعتقد أحد وصول الصادرات الإيرانية إلى الصفر. فأغلب التوازنات المعقودة كانت تتضمن نوعًا من الإعفاءات، أو عمليات التحايل."
فبدلًا من دوران الأسئلة حول المبالغة أو التقليل من شأن العقوبات الأمريكية، يجب أن يكون السؤال هنا هل نال التغيير من توازنات النفط، وتقول:
"هل الأمر مجرد شعور، ورد فعل على تلقي معلومات جديدة تنبع من شيء خارج التوقع، وهو زيادة صادرات الشرق الأوسط هذا الصيف، قبل هبوط الصادرات الإيرانية؟"
يلوح الآن انتهاء عملية التصفية، ويعتقد بعض المتداولين في إمكانية اختراق خام غرب تكساس الوسيط إلى أقل من 60 دولار للبرميل، بعدما وصل إلى 77 دولار تقريبًا في بداية شهر أكتوبر، ويرى البعض أن السعر المعياري برنت يمكن أن ينزلق إلى ما أسفل سعر 70 دولار، بعدما كان فوق 86 دولار الشهر الماضي.
مخاطر التراكم في النفط والبنزين
يختلف البعض الآخر حول ما إذا السوق سيهبط مزيدًا من الهبوط.
جاء في مذكرة لـ TD Securities: "نلاحظ أنه إذا اخترق السعر 60.40 دولار، ستزيد فترة عملية البيع." وقالت الشركة:
"نؤكد على وجهة نظرنا المتفائلة حول العقوبات، وما أحدثته من اختلال في المخاطرة، يصب الاختلال هذا في صالح ارتفاع الأسعار. بينما يمكن لمديري الأموال أن يسكنوا قبل انتخابات التجديد النصفي. يحتمل أن يكون هناك نقطة محورية في تحركات النفط في المدى القريب. في الوقت نفسه، يستمر بيع البنزين، ولكن حسب توقعاتنا لن يستمر طويلًا."
وتتفق Energy Aspects على احتمالية عدم وجود تخمة في المعروض، لأن السعودية ودول الأوبك "ستنشط لضمان عدم حدوث تخمة في السوق."
ولكن، من المحتمل وجود فائض كبير في البنزين، إذا لم تتحكم معامل التكرير في إنتاجها، بعد عودتها للعمل في أعقاب القيام بعملية صيانة، تحذر الشركة. وتقول الشركة إن زيادة المعروض من البنزين، يمكن أن تزداد سوءًا في الشتاء عندما ينخفض الطلب الموسمي. وتضيف:
"يتطلع البعض إلى تحويل محركات الديزل إلى محركات البنزين... لتخزين الخام المستخدم صيفًا. ويعني هذا أن البنزين المخصص لفصل الشتاء ربما يجد له أرض صلبة يقف عليها الآن، إلا إن هناك خطورة تنتظر في صيف 2019، بسبب البنزين الصيفي المخزن."