قد يكون أداء الذهب فعلاً هو المعيار الحقيقي لمعرفة معنويات الأسواق وكيف يمكن أت تقرأ التطورات السياسية والاقتصادية. قد لا نبالغ اذا قلنا أن حيرة الأسواق العالمية في تداولاتها نراها حقيقة في تداولات الذهب التي وصلت اليوم الى مستويات 1221.80$ للأونصة , أدنى مستوياتها منذ بداية الشهر الجاري . لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نربط كل هذه الحيرة بمحضر اجتماع الفيدرالي الأمريكي الذي من المقرر أن يصدر مساء اليوم وهو يحمل تفاصيل الاجتماع السابق للفيدرالي الأمريكي الذي رفع فيه الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة وبالتالي كيف يرى الفائدة مستقبلاً والنظرة الشمولية للاقتصاد الأمريكي . نعتقد أن هذا المحضر لن يغير كثيراً في تفاصيل التداولات , الفائدة الأمريكية سيكون توجهها ايجابياً للأعلى خلال السنوات القادمة ولكن حسب اعتقادنا أن التكيف مع التغيرات الاقتصادية سيكون مهماً للغاية حتى لو أن الفيدرالي الأمريكي ألغى مفهوم السياسة المتكيفة من بيانه السابق , بمعنى التفاؤل يبقى موجوداً بفائدة أعلى ولكن ليس علينا أن نتفاجأ اذا ما أبطأ الفيدرالي رفع الفائدة في حال حدوث انكماش اقتصادي أو تراجع مستمر لأكثر من ستة أشهر متتالية. لاتهم الكلمات أحياناً بقدر ما يهمنا الواقع الحقيقي لرفع الفائدة الأمريكية .
لا بد أن نأخذ بعين الاعتبار نقطتين هامتين :
أولاً , هذا الكونجرس المنقسم بين الجمهوريين والديمقراطيين سيعقد السياسة أكثر في واشنطن , التعقيدات السياسية ليست في صالح الإيجابية في مؤشرات الأسهم على المدى المتوسط . من المتوقع أن تزداد حدة المناورات السياسية وكذلك التسويات بين الحزبين وهذا في غير صالح سياسة ترامب .
ثانياً , لن يكون الديمقراطيون في موافقة كاملة مع سياسة ترامب لتخفيض الضرائب على الشركات وبرامج الرعاية الصحية ومستويات عجز الميزانية الحكومية وكذلك الحرب التجارية ولذلك قد نرى مزيدا من التساهل اتجاه ملف المفاوضات مع الصين في الأسابيع القادمة . بالمجمل , ترامب لن يتوقف عن التدخل في سياسة الفيدرالي ولكن لا نتوقع أن يؤثر في القرار الخاص برفع الفائدة تدريجياً وكذلك الديمقراطيين .
قد يحافظ الدولار الأمريكي على مكاسبه الحالية دون حدوث تصحيح قاسي أو تغيير جذري , كذلك الحال بالنسبة للذهب حيث لم تتغير مستويات الدعم والمقاومة كثيراً. اذا حدث تراجع للذهب بعد محضر الفيدرالي سيكون مناسباً لبناء مراكز جديدة شرائية, والحقيقة لا ننصح بعمليات بيع قوية لأن الاتجاه البيعي المؤقت قد يكون خادعاً.
