لم يكن تراجع مؤشر داو جونز الأمريكي بأكثر من 500 نقطة يوم أمس مفاجئاً , السؤال المهم كان عن التوقيت , متى سيحصل هكذا تراجع والى أين يمكن أن يستمر تراجع المؤشرات العالمية ككل ؟
لا أحد ربما يملك الإجابة الكاملة عن التوقيت ولكن العوامل كلها تساعد الآن على مثل هكذا تراجع , سواءً ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية والتي تاريخياً لا تنسجم مع مؤشرات الأسهم , وكذلك من خلال المخاوف الحقيقية من الحرب التجارية , اضافةً الى القيم الحقيقية للكثير من الشركات الأمريكية والتي قد لا تعكس الأداء الحقيقي للاقتصاد الأمريكي . المزيد من تشديد السياسات النقدية تباعاً سيؤثر على المؤشرات العالمية ولكن تراجعها قد يكون متبايناً بين مؤشر وآخر , الأوربية والأمريكية والآسيوية .
تراجع الباوند يوم أمس الى مستوى 1.2840$ مقابل الدولار الأمريكي , أدنى مستوياته في شهر ولكنه يبقى قريباً من أدنى مستوياته التي وصلها قبل أكثر من عام . السياسة هي ما يؤثر بالباوند حالياً أكثر من الاقتصاد وكما قلنا سابقاً بأن تيريزا ماي , رئيسة وزراء بريطانيا ليست حاسمةً وقوية بما فيه الكفاية لتقود هذه العملية مع الأوربيين خاصةً بوجود الجدل السياسي داخل الحكومة البريطانية نفسها وعمليات الابتزاز السياسي التي تمارسها بعض الأطراف التي تقف ضد تيريزا ماي. ما يهمنا الآن أن نركز على أرقام البطالة البريطانية ومستويات الأجور التي ستصدر في وقت لا حق من الآن . تشير التوقعات الى تحسن في الأجور من 2.7% الى 3% خلال شهر أيلول الفائت , اذا أتت التوقعات كما هي فقد نرى ارتفاعاً على الجنيه الإسترليني ولكنه قد لا يكون قوياً.
من ناحية فنية , يبدو الوصول الى مستويات 1.2705$ ليس بعيداً ولكن الوصول الى هذه المستويات يحتاج الى عاملين أساسيين:
أولاً , أرقام بريطانية سيئة بأقل من التوقعات .
ثانياً , مزيد من التعقيد في ملف المفاوضات بين بريطانيا والاتحاد الأوربي .
نعتقد أن الأوربيين أكثر براجماتية للوصول الى اتفاقية والتي ما نزال نراها ممكنة من ناحيتين سياسية واقتصادية. اذا فشلت تيريزا ماي داخلياً , سيتراجع الباوند ولكن لا بد أن ننظر الى جهة مختلفة وهي أن حدوث استفتاء آخر والخروج من قبول البريكزت سيكون له تأثير جيد , الآن وخلال المرحلة القادمة. لن يكون الكلام عن تغيير السياسة النقدية لبنك إنكلترا مطروحاً حالياً. شراء الباوند يلزمه صفقات صغيرة تدريجية من مستويات تعتبر متدنية تاريخياً. بقاء الباوند ضعيفاً ليس هو الأولوية لبريطانيا ولكنه سيكون جيداً مع الأوربيين في حال التوصل لاتفاق تجاري , ويرتفع في حال حصول اتفاق تجاري بين الطرفين.