أصبحت أرقام الوظائف الأمريكية خلفنا , والحقيقة أن 155 ألف وظيفة عمل خلال الشهر الفائت لا تعتبر سيئةً بالمطلق كرقم , ولكنها أقل بكثير من التوقعات التي أشارت الى 200 ألف كما أنها اقل بكثير من 237 ألف وظيفة خلال الشهر ما قبل الفائت أكتوبر / تشرين الأول 2018. قلناها من قبل , لا يجب أن نجعل من هذه الأرقام هوساً يومياً للأسواق العالمية تتصارع على تحديد اتجاهها العام. مستويات البطالة الأمريكية استقرت دون ارتفاع عند 3.7% وهي تحافظ بذلك على أفضل مستوياتها في أربعة عقود وهذا تفصيل مهم. اذا أخذنا بعين الاعتبار عدم ارتفاع نسبة المشاركة في سوق العمل أو تراجعها واستقرارها عند 62.9% اضافةً الى تراجع ارقام الوظائف هذا يدل بشكل مهم على أن سوق العمل قد وصل لقمته تقريباً , ليس هناك من يترك عمله بسرعة كما أن الداخلين الى سوق العمل لم يرتفع. تبرز هنا ثلاثة نقاط أساسية :
أولاً , اذا بقيت أرقام الوظائف تتراجع خلال الأشهر القادمة وعدد الداخلين لسوق العمل لا يتغير , من الصعب عنده توقع ارتفاع في مستويات الأجور التي يراهن عليها الفيدرالي في سياسته النقدية حالياً.
ثانياً , من غير المتوقع أن نرى تغييراً جذرياً في اتجاه السياسة النقدية بهكذا بيئة معقدة , بمعنى ستبقى السياسة النقدية متكيفة حتى لو لم يصرح الفيدرالي بذلك , لن يرفع الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة اذا بدأ سوق العمل بإعطاء اشارات تراجع مستمرة لثلاثة أشهر على الأقل.
ثالثاً , لا نرى سبباً يجعل من قوة الدولار الأمريكي عاملاً محققاً. من الصعب على الدولار الأمريكي تحقيق مكاسب قوية خلال المرحلة القادمة آخذين بعين الاعتبار تراجع عوائد السندات الأمريكية , ووصول الدين الأمريكي لمستويات قياسية ستجعل من مهمة الفيدرالي لرفع الفائدة شبه مستحيلة وتقود البلاد تدريجياً الى ركود .
الخيارات التي أشرنا اليها سابقاً تبقى منطقية كم نراها حالياً , ان كان من ناحية الرهان على اليورو , أو الاحتفاظ بعمليات شراء الذهب التي تمت سابقاً , حيث نعتقد أن مكاسب الذهب لم تنتهي حالياً , وصل حالياً الى مستويات 1250.57$ للأونصة الأعلى منذ شهر تموز/ يوليو الفائت.
