مع اقتراب العام الحالي من نهايته ودخول الأسواق العالمية في مزاج الاجازة ’ يبدو من غير المتوقع حدوث تغييرات جذرية في تقلبات الأسواق العالمية من الآن الى يوم الأربعاء القادم , موعد اجتماع الفيدرالي الأمريكي في آخر مرة هذا العام حيث تتوقع الأسواق أن يرفع الفائدة بربع نقطة مئوية إضافية تضع أسعار الفائدة الأمريكية عند 2.5% ’ الأعلى بين الاقتصاديات المتقدمة .
لا يمكن بأي حال من الأحوال القول أن رفع الفائدة كان خطئاً استراتيجياً , بل على العكس الخطأ كان في تأخير رفعها لعامين كاملين عندما كان الاقتصاد الأمريكي يصعد تدريجياً ولكن بثبات منذ العام 2015 . يقف مؤشر الدولار الأمريكي عند مستويات 97.16 نقطة حالياً , حيث افتتح اليوم على تراجع من مستويات 97.73 نقطة حيث يمكن القول بسببين أساسيين لهذا التراجع :
أولاً , تقرأ الأسواق رفع الفائدة بشكل عادي ودن مبالغة او مفاجأة وعليه فان رفع الفائدة لم يعد حدثاً تثور له الأسواق .
ثانياً , تدرك الأسواق تعقيدات المرحلة القادمة بمعنى الشكوك بشأن القدرة على رفع الفائدة لاحقاً خلال العام القادم والذي يليه. تقرأ عوائد السندات الأمريكية سيناريو غير جيد للفائدة تدريجياً حيث نعتقد أن مسار العوائد المتراجعة سيكون مستمراً وتدريجياً.
تبقى اللعبة السياسية موجودة وجزءاً مهماً من أي قرار لأي بنك مركزي كبير على مستوى العالم. بمعنى , لن يغامر الفيدرالي بمزيد من رفع الفائدة اذا لم يتخذ الأوربيون هكذا اجراء وخاصة اذا كان الاقتصاد الأمريكي يعطي إشارات ضعيفة ,( أسواق الإسكان ضعيفة منذ عدة أشهر , مبيعات التجزئة تبقى جيدة لكنها أقل بكثير من السابق) . التحدي الأكبر للفيدرالي خلال العام القادم سيكون تكلفة الدين الأمريكي الذي وصل الى 21$ تريليون , بينما هذا الرقم أقل بكثير من الديون الكاملة التي تشمل أيضاً القطاع الخاص وديون الأشخاص الأمريكيين . بمعنى ان مزيداً من أسعار الفائدة المرتفعة ستكون عبئاً اضافياً للحكومة الفيدرالية ووزارة الخزانة , يدفعها الناخب الأمريكي تدريجياً وستقود البلاد مرة أخرى الى ركود تدريجي اذا لم يبقى نمو الاقتصاد قوياً. كل هذه السيناريوهات تشير الى دولار ضعيف خلال المرحلة القادمة , هو سيكون نتيجةً ولكن أيضاً سيكون هدفاً غير معلن للفيدرالي الأمريكي والإدارة الأمريكية التي قد تجد شيئاً واحداً على الأقل تتفق فيه مع جيروم باول رئيس الفيدرالي الأمريكي .
