النفط يعود لسوق الثيران، وترامب مشغول بالجدار الحدودي فقط، فماذا يحدث؟

المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 10/1/2019

تحاول البنوك الدولية وضع الاقتصاد السعودي، وتنفيذ طرح شركة النفط القومية للاكتتاب العام في المسار المحدد. وليست البنوك وحيدة في هذا المسعى، فيوجد فضل للمكسيك، المستهدفة حاليًا من الرئيس ترامب.

عادت أسعار النفط الخام إلى سوق الثيران يوم الاربعاء، محققة ارتفاع نسبته 25% منذ ليلة عيد الميلاد. واستطاع النفط بذلك تزويد الرياض بما تحتاجه من تحتاجه من أموال لسد عجز الميزانية، والحفاظ على ثقة السوق قبل طرح أرامكو للاكتتاب العام. ولكن المختلف أن تلك الأحداث كافة لم يذكرها ترامب في أي من تغريداته، ولم يحاول التأثير على السوق بأي شكل.

التركيز على الحكومة المغلقة

تمكن النفط من الصعود إلى مستويات ست شهور ماضية، وفي الأحوال العادية كان ترامب لينطلق على موقع تويتر ليغرد حول تلك القضية. ولكن ترامب مشغول هذه الفترة بالحكومة الفيدرالية المغلقة، والتي أغلقها في خضم صراعه مع الحزب الديموقراطي، بسبب رفضه تمويل الجدار الحدودي الذي يرغب ترامب في بنائه بين الولايات المتحدة والمكسيك لمنع دخول أي من المهاجرين غير الشرعيين. وقال ترامب في البداية إن المكسيك ستدفع لقاء بناء هذا الجدار الحدودي.

لاحظ كاتب الرأي في بلومبرغ، جوليان لي، تنوع المواضيع التي ينتقدها ترامب في تغريداته من يوم ليوم، وربما يعود ترامب فجأة للتعليق على توجهات أسعار النفط، وأفعال حليفه، السعودية، لأن السوق يرتفع بسبب تنفيذ السعودية لما وعدت به من تخفيض للإنتاج.

ويقول لي إن هناك دليل مبدأي على دور تخفيض الإنتاج السعودي في رفع الأسعار، فخفضت السعودية من صادراتها إلى الولايات المتحدة، وبالتالي سيتكبد المشترون الأمريكيون دفع أسعار قريبة من الأسعار القياسية لشحن ما يحتاجونه للنفط في شهر فبراير. ويضيف: "يمكن أن تكون تلك أنباء سيئة للرئيس الذي احتفل لتوه بأسعار الغاز المنخفضة."

مصائب قوم عند قوم فوائدهم

يقول آدم سرحان، الرئيس التنفيذي لـ 50Park Investments، إنه من الشائع قيام الأسواق المتشبعة بيعيًا بعمليات تصحيح مبالغ فيها. ولكن يلاحظ أيضًا:

"يشعر السعوديون بالراحة بسبب أزمة الكونجرس الأمريكي حيال الجدار وإغلاق الحكومة، وكيف سيتسبب هذا في إلهاء، ، ومنع الرئيس ترامب من التفكير في التغريد حول النفط."

ولا يوجد أي يقين حيال تأثير تغريدات ترامب على السوق، سواء بارتفاع أو بانخفاض، ولكن ترامب قادر على صنع الأنباء، مما يؤثر على الناتج النهائي، ويبدو أن تغريداته كانت واحدة من المحركات الدافعة لهبوط سعر النفط بنسبة 40%، وبداية تصفية هبوطًا من الأرقام المرتفعة المسجلة العام الماضي.

ولكن يعتقد البعض بتلاشي قوة الرئيس ترامب على سوق النفط، والآن، تنفذ السعودية الخطة التي أعلن عنها في ديسمبر العام الماضي، لتخفيض الإنتاج مقدار 1.2 مليون برميل يوميًا حتى شهر يونيو من العام الجاري.

انتهت انتخابات التجديد النصفي، وكذلك قضية مقتل خاشقجي

يقول جون كيلدوف، الشريك المؤسس في Again Capital:

"عليك أن تضع في اعتبارك أن تغريدات ترامب ذات الصلة بالطاقة أرسلها في الفترة السابقة على انتخابات التجديد النصفي العام الماضي، عندها رغب في رؤية أسعار مواد الطاقة منخفضة. والآن، تتلاشى دوافعه للتأثير على السوق. وكان عامل مقتل خاشقجي كبير الأثر العام الماضي، ولكن لا يبدو أن له ذكر هذا العام."

قالت صحيفة الفايننشال تايمز يوم الأربعاء إنه بعد مرور ثلاثة شهور على جريمة القتل البشعة لصحفي الواشنطن بوست، جمال خاشقجي، تلك الجريمة التي دفعت المستثمرين نحو الامتناع عن حضور المنتدى الاقتصادي المعقود في الرياض، ومنعت بعض البنوك مثل: BNP Paribas SA (PA:BNPP)، (NYSE:وسيتي جروب)، (NYSE:HSBC)، (NYSE:جي بي مورغان) من الحضور، تلك البنوك المتولية إدارة اتفاق سندات يصل سعرها إلى 7.5 مليار دولار للمملكة، وامتنع بنك NCB، المتولي إدارة أكبر شطر من أصول المملكة.

وذكرت الصحيفة أيضًا تلاشي القلق العميق إزاء حرب السعودية على اليمن.

فكانت الولايات المتحدة على وشك توقيع عقوبات على الرياض لسببين، هما: مقتل خاشقجي، وحرب اليمن، وأظهر هذا أن السعودية مدينة بالفضل لترامب، وخائفة من أن يذكرها في أحد تغريداته.

الحكومة السعودية أكثر حزمًا، بمعاونة البنوك العالمية

وكشفت السعودية عن ميزانيتها لعام 2019 يوم الأربعاء، وبدت الميزانية أكثر حزمًا. فتعهدت الحكومة برفع الإنفاق نسبة 7%، بينما أظهرت مساعي لإعطاء بعض القوة للقطاع الخاص المتعرض لأذى شديد جراء انخفاض الإنفاق الحكومي على مدار السنوات السابقة، بعد انهيار أسعار النفط في 2014، وتأثير هذا الانهيار على الإصلاحات الهيكلية، كما تسبب الانهيار في رفع أسعار الطاقة المحلية، ورفع الرسوم على العمالة الأجنبية.

بينما يرتفع دين أرامكو إلى 40 مليار دولار، وفق التوقعات، والهدف من ذلك هو الحصول على المال الكافي، المقدر بـ 70 مليون دولار، للاستحواذ على شركة البتروكيماويات، سابك، ويتم هذا قبل إدراج أسهم الشركة على البورصات في 2021. وتؤجل السعودية طرح أرامكو للاكتتاب العام هذه السنة.

النفط يبتعد عن السياسة، ويعود لتوازن العرض-الطلب

تقول جيني ماكجيليان إن السعوديين تمكنوا من تحويل اهتمام السوق بعيدًا عن السياسة، والعودة بالنفط إلى تحكمات العرض-الطلب، تعمل ماكجيليان مدير أبحاث الطاقة في Tradition Energy. وتضيف:

"لو تمكن ترامب من تجاوز أزمة الجدار الحدودي، والإغلاق الحكومي، سيعود مرة أخرى للتغريد حول النفط، ولكن السوق سيتجاهله. فالسعودية مسيطرة على المشهد في السوق الآن."

قال وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، يوم الأربعاء إن الاحتياطي من الغاز والنفط يقف عند حوالي 268.5 مليار برميل من النفط، و325.1 تريلون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، وتلك الأرقام لنهاية عام 2017. وتهم الإجابة عن هذا السؤال المستثمرين الراغبين في شراء أسهم أرامكو.

أمّا بالنسبة لمتداولي النفط، قالت المملكة إنها خفضت إنتاج النفط مقدار 800,000 برميل يوميًا، بعد الأرقام التي سجلتها في نوفمبر، والتي بلغت 10.2 مليون برميل يوميًا. وستصدر المملكة للخارج في فبراير بانخفاض مقداره 100,000 برميل يوميًا، منخفضًا من 7.2 مليون برميل الذي كانت تصدره في يناير الماضي، وفق ما ذكره الفالح.

لو كانت تلك الأحداث تقع العام الماضي، كان ترامب ليتدخل بتغريداته السلبية لدى سماعه هذا.