المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 25/1/2019
وصلت العملات المشفرة لذروتها بنهاية 2017، ومن هنا حدثت حالة هوس بالعملات المشفرة لدى شركات رأس المال الاستثماري، فرغب الجميع الحصول على حصة في سوق العملات المشفرة الجديد. ورافق هذا زيادة في شعبية الأفكار القائمة على شبكات سلسلة الكتل (بلوكشين)، وكذلك الطرح الأولي للعملات المشفرة، وحصل كلاهما على تمويل سخي جدًا.
ولكن خلال 2018، انفجرت فقاعة العملات المشفرة، وبدأ الشتاء، إذ دخلت العملات سوق دببة مستمر، ولم تزدهر سوى 5 رموز مشفرة، أو مشروعات ناشئة على شبكة البلوكشين، وكان نموها كافيًا لتحصل على حالة أحادي القرن (كائن أسطوري على شكل حصان له قرن)؛ وتعبر تلك الحالة عن العملات التي تقف قيمتها السوقية عند مليار دولار، أو تزيد عن ذلك.
وإليك الشركات الخمس الموصوفة بأنها "وحيد القرن" وهي مزيج من العملات الرقمية، ومشروعات بلوكشين:
1.Bitmain: هي شركة ذات ملكية خاصة، يتواجد مقرها في بكين. وتصمم الشركة تطبيقات متخصصة، وشرائح دوائر إلكترونية متكاملة، ودوائر إلكترونية متكاملة مثل ASICs، الخاصة بتعدين بتكوين.
2.كاردانو: شركة العملة المشفرة ADA، والتي تستخدم لإرسال واستقبال التمويلات الرقمية. ظهرت العملة المشفرة للوجود في 2015، وتستطيع إرسال النقد مباشرة عن طريق التشفير الذي يضمن الأمن.
3.Dfinit: وهو برنامج حوسبة سحابية مبني على شبكات البلوكشين، ويهدف هذا المشروع لتطوير "شبكة إنترنت لا مركزية، ستصبح السحابة رقم 3.0." والبرنامج مسجل كمؤسسة غير هادفة للربح في زوغ، وللشركة معامل أبحاث في بالو ألتو، كاليفورنيا، وألمانيا.
4.إيثيريم: وهي عملة مشفرة مفتوحة المصدر، وعامة، مبينة على منصة الحوسبة الموزعة، ويتسم نظام عملها بقدرته على إدارة العقود الذكية. كما تدعم إيثيريمنسخة معدلة من نظام الإجماع ناكاموتو، عن طريق المعاملات المبنية على تحويل الحالة.
5.Xapo: يقع مقر الشركة في هونغ كونغ، وهي توفر محفظة (لبتكوين)، ومخزن للذهب، وكذلك بطاقة دين لبتكوين.
ومن المثير للاهتمام أن الشركات الخمس تلك جاءت من إقليم أطلق عليه محبو العملات المشفرة "كريبتو فالي،" ويقع هذا الإقليم في أوروبا، وهو عبارة عن كانتون زوغ في سويسرا، وأجزاء من ليختنشاتين. وسجلت أكثر من 600 شركة لها صلة بالبلوكشين أوراقها في هذا الإقليم، بنهاية سبتمبر 2018، والقيمة السوقية لتلك الشركات مجتمعة تعادل حوالي 44 مليار دولار، وأتت تلك الأرقام وفقًا للتعاون الجاري بين شركة رأس المال الاستثماري CV، وشركة الخدمات الاحترافية PricewaterhouseCoopers، والشركة التكنولوجية inacta.
بذلك بلغ عدد تلك الشركات المسجلة ضعف عدد الشركات المسجل في تلك المنطقة خلال ربيع 2017. بيد أن التصحيح الحاد الذي مرت به العملات المشفرة، ألقى بثقله على القيمة السوقية، فهبطت تلك القيمة لـ 20 مليار دولار خلال الربع الرابع من 2018، بخسارة 55%.
فما مدى صعوبة وصول القيمة السوقية للشركة الناشئة إلى مليار؟ في أيام ازدهار بتكوين، عندما وصلت لأعلى رقم قياسي لها، أي في نهاية 2017، أصبحت منصة تداول العملات المشفرة Coinbase أولى الشركات التي وصلت قيمتها السوقية إلى مليار دولار وأكثر في فضاء العملات المشفرة. فارتفعت قيمتها السوقية بدافع من زيادة الاهتمام الكبيرة ببتكوين في تلك الفترة، وإيثير، وغيرهما من الرموز المشفرة.
كما نعلم أصبح الفضاء وعر للغاية. فيصعب الوصول لتلك القيمة، وعدد أقل من المشاريع الناشئة ستكون قادرة على الارتفاع لأرقام المليار دولار، وربما يستحيل في بعض الأحوال الوصول لتلك القيمة. فتراجع الطرح الأولي للعملات هو الآخر، وكان أحد أدوات الحصول على تمويل، بيد أنه ظهر عدد من المشاريع الناشئة الواعدة، التي ترنو إلى الوصول لقيمة سوقية بمليار دولار فأكثر، وتصل لذلك عن طريق استحواذ شركة قيمتها مليار فأكثر عليها.
وحدث مثل هذا الاستحواذ في الآونة الأخيرة، عندما اشترت الشركة الأندونيسية Go-Jek، منصة العملات المشفرة Coins.ph، ووصف هذا الاتفاق بأنه "الدافع للارتفاع عن 70 مليون دولار." تعتبر الشركة الأندونيسية منصة متعددة الاستخدامات، فيمكن للأعمال أن تستخدمها في متنوع القطاعات، ومنها: المواصلات التشاركية (مثل أوبر)، وعمليات الدفع الرقمية واللوجستية.
تسهل عمليات الاستحواذ وصول المشروعات الناشئة لقيمة سوقية مرتفعة كفاية وبسرعة. بينما يرجح أن تستثمر شركات رأس المال الاستثماري كأداة لتمويل مشروعات البلوكشين الريادية.
ما غرض شركات رأس المال الاستثمارية من وضع الأموال في مشروعات العملات المشفرة الناشئة؟ يقول أولاف هانيمان، أحد مؤسسي CVCV، إن مجموعته تستثمر في المراحل المبكرة من المشروعات الناشئة، وتمنح رأس المال اللازم للنمو لشركات البلوكشين.
"نهدف من خلال شركتنا الحاضنة إلى بناء شركات ناجحة. ونعتقد بأنه في المراحل الأولية يتم تقدير قيمة السهم عن طريق ما توفره الحاضنة، وليس عن طريق القيمة الحقيقية. وفي مراحل لاحقة، يبدأ التقدير عن طريق القيمة السوقية، ويمكن أن يصبح تسعير الرمز جزء منها. ونلاحظ في هذه الأيام أن معاملة مشروعات البلوكشين تشبه لحد كبير نفس طريقة تمويل الأسهم، وكذلك الأسهم المرمزة. ويمكن أن تصبح الرموز الأمنية، والرموز الأمنية الرقمية أحد أدوات التمويل المهيمنة في المستقبل. ولكن الآن، تعد تلك الشركات مختلفة في بعض الجوانب. في النهاية، نحن نستثمر في المؤسسين ومشروعاتهم الناشئة."
تركز شركة CVCV على المشروعات الناشئة على بلوكشين، ويقول هانيمان إنهم يعملون بنفس طريقة عمل شركات رأس المال الاستثماري التقليدية. ويضيف: "دخلنا هذا الفضاء وسنظل لفترة طويلة، نقدم العون للمشروعات الناشئة الناجحة. ونبحث في أساسيات السوق، والاستثمار. ننظر للفريق، وللمنتج أو السوق المناسبة، والتوقيت، وقدرة المشروع الناشئ، ونضربها في 10. وبعد أن يتحد كل شيء، نبدأ في الاستثمار."
وقال كاتيفا جوبتا في أحد المقابلات إن هناك تغيرًا في طريقة استثمار شركات رأس المال الاستثماري في فضاء العملات المشفرة، وجوبتا هو عضو مؤسس ومدير في ConsenSys Ventures. وأصبح نموذج العمل الجديد مريحًا أكثر فأكثر لشركات رأس المال الاستثماري:
"يتسم الاستثمار في العملات المشفرة بأنه مميز من حيث: السيولة، والمدة، والمخاطرة، والتقلب وغيرهم، وتختلف تلك العوامل كثيرًا عن أدوات الاستثمار التقليدية. كما يتغير المناخ العام في هذا الفضاء بالنسبة لمستثمري البلوكشين، وكذلك يتغير رواد الأعمال. فنرى الآن تحولًا في المديرين التنفيذين المترأسين لتلك الأعمال، فبعد أن كانوا شباب لهم صلة بالأعمال التكنولوجية، أصبح هناك مهندسين من أصحاب الخبرة، ورواد الأعمال الذين لديهم تاريخ في هذا المجال. كما دخل في النقاش العام لتلك المشروعات مفاهيم جديد وأصبحت تلك المفاهيم راسخة، مثل: نسخة المنتج، خارطة الطريق، وفكرة التبني، والواجهة الصديقة للمستخدم. وتستثمر شركات رأس مال استثماري كبيرة في المشروعات الناشئة العاملة على تقريب الويب 2.0 و3.0 من المستخدم، وإدخال تكنولوجيات جديدة في الفضاء، تكنولوجيات بدت مزيفة منذ عام مضى."
ويؤمن الكثيرون بقدرة الشركات الخمس المذكورة سابقًا، وما يشابهها، على بناء أعمال جديدة تسهم في تدعيم أو استعادة قيمتهم السوقية المفقودة. في الواقع، أعلنت مجموعة Bitfury "انطلاق فرع ترفيهي لها، سيشرف على تطوير منصة مفتوحة المصدر قائمة على شبكة البلوكشين، للموسيقى." وتعد المجموعة مزود للبنية التحتية اللازمة لتعدين بتكوين، ومقرها لندن. ووصلت القيمة السوقية لـ Bitfury إلى مليار دولار.
ويشعر أندرى بروكمان بالتفاؤل حيال تلك التطورات، ولكنه يشدد على أن الأفكار الجيدة لا تكفي وحدها لجمع التمويل، وبروكمان هو المدير التنفيذي ومؤسس Mycro.Jobs. وللحصول على عائد فعلي يجب أن تتوافر متطلبات عدة:
"يمكن أن تصبح شركات مثل إيثيريم وكاردانو أساسًا لمجتمع لا مركزي فيما بعد. فالقيمة السوقية لهم الآن هي مجرد البداية. وتبحث شركات رأس المال الاستثماري عن فرق العمل القوية، ونماذج العمل ذات المعنى. فالمشروعات التي لا تمتلك سوى الورقة البيضاء لم يعد لها أي فرصة."