هل تتغير المعنويات؟

في كثير من الأحيان , لا تعكس مستويات الأسواق العالمية الأداء الحقيقي للاقتصاد الكلي وهذا بالمناسبة تحدي كبير جداً ولكنه من غير المتوقع أن ينتهي قريباً في هكذا مستويات عالية من الدين العالمي , اضافةً الى سوء توزيع الثروة العالمية ومستويات النقد الرخيص التي لم تتوقف خلال العشر سنوات الأخيرة.
مناسبة هذا الكلام أنه سيكون من المقرر أن تصدر أرقام مؤشر أسعار المستهلكين الأمريكي للشهر الفائت( كانون الثاني 2019) وهي بالتالي ستكون الأرقام الأولى هذا العام. تشير التوقعات الى تراجع على أساس سنوي من 1.9% الى 1.5% بينما تبدو التوقعات الشهرية أفضل. لطالما كانت أرقام التضخم مهمةً للغاية ليس لأنها ستؤثر في قرار الفيدرالي لرفع الفائدة , بل لأنها أيضاً تشير الى مدى نمو مستويات الانفاق الأمريكي والتي يعتمد عليها الاقتصاد ككل . سنأخذ بعين الاعتبار عاملين مهمين :

الأول , أسعار الطاقة , حيث تظهر الأرقام تغييراً طفيفاً بأسعار النفط خلال شهر من الآن . فمثلاً نفط خام غرب تكساس وصل مع منتصف الشهر الفائت الى 52$ للبرميل , ارتفع من بعدها الى 55$ ثم يتداول حالياً عند مستويات 53.60$ للبرميل . لن يكون هناك تغيير كبير في هذه المستويات حيث تشكل أسعار الطاقة الأمريكية محوراً مهماً للغاية في معدلات التضخم الأمريكية .

العامل الثاني يتعلق بمؤشر أسعار الإسكان الأمريكي والذي يتضمن بكل الأحوال أسعار المنازل الجديدة والقائمة وأذون البناء الممنوحة . والحق يقال أن أرقام الإسكان الجديدة ومؤشر أسعار المنازل الأمريكي لم يتراجع خلال الشهر الفائت بل حقق ارتفاعاً بنسبة 0.4% وكان أفضل من التوقعات .

آخذين بعين الاعتبار هذه الأرقام اضافةً الى مستويات ثقة المستهلكين الأمريكيين والتي ماتزال مرتفعة عند 91.2 نقطة في بداية الشهر الجاري , يمكننا القول أن معدل التضخم لن يتراجع كثيراً بل قد يبقى مستقراً وقريباً من الأرقام الحالية .

لا نعتقد أن هذه الأرقام ستغير من مجريات التداول الحالية , حتى لو أتت ممتازة فهي لن تجعل من قوة الدولار الأمريكي قاعدةً مستمرة , وكما قلنا يوم أمس بأن الدولار الأمريكي حالياً ليس قوياً بسبب العوائد الأمريكية بل بسبب غياب البديل المهم الفعال.

لابد أن نشير الى نقطة مهمة بأن التداولات ستبقى ضعيفة ضمن هامش يومي بسيط دون حدوث تغييرات كبيرة. الاتفاق التجاري الصيني – الأمريكي ان حدث سيكون لصالح شهية المخاطرة وبالتالي شراء اليورو والاسترليني والدولار الأسترالي مجدداً.