أسبوع واحد فقط كان كافياً حتى يخسر الذهب مايعادل 2.7% من قيمته , متراجعاً من 1324$ للأونصة مع بداية الأسبوع وصولاً الى مستويات 1287$ للأونصة التي وصلها اليوم صباحاً في آسيا . لا شك أنها خسارة قاسية في أسبوع واحد خاصةً أن الأسواق تغلي يومياً بهاجس الركود الاقتصادي الأمريكي المتوقع, قضية البريكزت الكارثية التي تحولت الى ابتزاز سياسي أكثر من كونها اتفاقاً لمستقبل بريطانيا, وصولاً لعوائد السندات الأمريكية لعشر سنوات التي تراجعت الى أدنى مستوياتها في أربعة عشر شهراً خلال الأسبوع الجاري . لفهم هذا التراجع لا بد أن نعرف تماماً ماهو سبب الارتفاع أصلاً !
العامل الرئيسي ولا شك كان الدولار الأمريكي الذي تعرض لخسارة قاسية مع بداية الأسبوع الثاني من الشهر الجاري حيث تراجع مؤشر الدولار الأمريكي قريباً من مستويات 97 نقطة ليصل الى 95.45 نقطة في الأسبوع الثالث ’ قبل أن يبدأ رحلة مكاسب قوية خلال الأسبوع الأخير كانت كافيةً لتصل به مجدداً الى 96.83 نقطة أي مايعادل 1.5% مكاسب وهذا بلا شك نسبة تعتبر ممتازة في أسبوع واحد للعملة الأمريكية . كان الفيدرالي الأمريكي واضحاً أنه لا مزيد من رفع للفائدة خلال العام الجاري حيث لايبدو الوضع الاقتصادي مستقراً وفيه زخم كاف للوصول الى مستويات أعلى للفائدة التي تبلغ حالياً 2.5% . الاستجابة الأسرع لسوق السندات الأمريكية التي تعتبر الأكبر والأكثر سيولة في العالم حيث تراجعت عوائدها بفعل شرائها حالياً. هذا ربما الذي دفع الذهب للتراجع خلال الأسبوع الجاري ولكن السؤال الأهم ماهي امكانية استمراريته ؟
تبقى امكانية التراجع الى مستويات أدنى قائمة من الناحية الفنية. لاتعتبر المستويات الحالية دعماً قوياً الذي يتركز بين 1283$ و 1290$ . المؤشر الساعي يشير الى ارتافع ولكنه قد يكون خجولاً, بينما الشموع اليومية تبدو قويةً من ناحية البيع.لانريد الدخول في تفاصيل فنية قد لايتفق عليها كثيرون, ولكن كما نرى حالياً ونعتقد أن قوة الدولار الأمركي كانت ردة فعل على غياب البديل خلال المرحلة الحالية لأن كل البنوك المركزية الكبرى لا تريد أصلاً رفعاً للفائدة , ببساطة ماهو البديل الحقيقي؟ للأسف ليس من بدل حالياً للدولار الأمريكي من ناحية الاستقرار الاقتصادي , أسعار الفائدة وسنداتها المقومة بالدولار الأمريكي. ولكن هذه القوة لن تكون مستمرة لعوامل عديدة:
أولاً , لا تظهر الأرقام الاقتصادية الأمريكية تراجعاً حاداً ولكن ليس هناك من زخم قوي يجعل هذا الاقتصاد يتجاوز النسب المتوقعة للنمو خلال العامين القادمين .
ثانياً , سيتعقد وضع الفيدرالي الأمريكي اكثر اذا بدأت البنوك الأخرى بتخفيض أسعار الفائدة (النيوزيلندي مثلاً).لا ننسى أن سعر الفائدة الأمريكية الحالي يمكّن الفيدرالي الأمريكي من المناورة مستقبلاً.
ثالثاً, لن تتوقف الحكومة الصينية على قضية الاتفاق التجاري مع أمريكا’ حيث السياسة النقدية المتساهلة ستستمر وهذا لصالح شراء الذهب كتحوط من أسعار التضخم المرتفعة تدريجياً في الاقتصاديات الناشئة.
رابعاً, على الرغم من العلاقة الطردية بين قوة اليوان وقوة الذهب , الا أن تراجع اليوان الصيني في حال تخفيض الفائدة الصينية قد لا يترافق مع تراجع للذهب لأنه هذا الاجراء ان حدث سيكون له أبعاد سياسية وستقرؤها الأسواق على أنها حرب عملات جديدة يرفع المخاطر .
نعتقد أن الخيار الجيد يكون بالابقاء على شراء الذهب كخيار بديل تدريجياً, وعدم تحقيق انكشاف كبير من نسبة رأس المال المستثمر.