المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 3/5/2019
تقول منظمة الأوبك إنها تحاول ألا تخلط السياسة مع النفط. ويجب تحية السكرتير العام لمنظمة الأوبك، محمد باركيندو على شجاعته بقوله هذا خلال اجتماع في إيراني، في حضور منتجي النفط.
وتنبع تلك الشجاعة من أنه لا يمكن ذكر حقائق أبعد من هذا التصريح.
تأسست منظمة الأوبك في 1960 لتنظيم سياسات الدول الأعضاء، ومنحهم المساعدة الفنية والاقتصادية، وانحرفت الأوبك عن أهدافها النبيلة التي تأسست عليها.
في الجوهر، تظل الأوبك منظمة هادفة لتنظيم سوق النفط على المستوى العالمي من جوانب الإمداد والسعر لتجنب حدوث التقلبات التي يمكن أن تؤثر على اقتصاديات الدول، وخاصة الدول المنتجة، ومن بعدها العملاء. ويظل مقرها في فيينا، وانتقلت إليها بعد سنوات خمس من اتخاذ جينيف مقرًا لها.
عضو واحد يضع كل القواعد في الأوبك: السعودية
لا يمكن تجاهل أن عضو واحد في المنظمة من بين الخمسة المؤسسين، والتسعة الأعضاء المنتظمين (كانوا عشرة لحين مغادرة قطر العام الماضي)، هذا العضو يضطلع بوضع قواعد المنظمة، والعضو هو السعودية.
ويأتي بعدها من حيث النفوذ داخل الأوبك، حليفتها: الإمارات العربية المتحدة.
لم يأت هذا الأمر عن طريق المصادفة، لذلك تميل قرارات الأوبك بقوة ناحية كفة السعودية، حتى في أثناء محاولة الأوبك رسم نفسها على أنها منظمة قائمة على الإجماع، إلا أن الأعضاء لا يتاح أمامهم الكثير من الخيارات، فيجب أن يصطفوا وراء أي قرار يصب في صالح السلعة. يحرك النفط العالم بأكمله، مما يعني أن الرياض تحرك العالم، لأنها أكبر مصدر للنفط، وتعززت قبضة السعودية على السلعة وعلى منظمة الأوبك بهذا الامتياز.
وتظل الأوبك قائمة، على مدار ستة عقود لم يمسها سوء، من الحظر الذي فرضته الدول العربية على تصدير النفط في السبعينيات من القرن الماضي، إلى الانهيارات السعرية التي ضربت السلعة على مدار السنوات الخمس الماضية. فالمنظمة تشبه في هذا الحالة القط بأرواحه المتعددة، فكلما تعرضت لضربة مهلكة تبعث مرة أخرى إلى الحياة، حتى بعد تلاشي أنواع المنظمات الاحتكارية الأخرى.
الأعداء ينضمون
وبينما زادت القوة الدولية للسعودية، وجد أعداؤها أنفسهم في حالة عزلة متزايدة شدتها من مستويات السلطة العليا في الأوبك، مما تسبب في خروج قطر، والوضع الإيراني الحالي، في خضم ما تشهده إيران من حظر الولايات المتحدة لها من تصدير النفط، بينما يشاهد السعوديون ما يحدث دون اكتراث، أو ربما ببعض البهجة. ولا يقلق السعوديون حول أحد أهم الأعضاء، فنزويلا، وما تتعرض له من عقوبات أمريكية.
وبالعودة إلى السكرتير العام باركيندو، فهو لا يستحوذ على سلطة كبيرة في الأوبك، مما يجعل تذكرته للدول الأعضاء مضحكة، خلال زيادة إيران هذا الأسبوع، فأخبرهم أن يتركوا جوازات سفرهم في بلدانهم، عندما يأتون للمنظمة (يعني بهذا وضع الصالح العام للمنظمة أولوية فوق المصالح الخاصة للدول الأعضاء).
بوتين أقوى من باركيندو
لم يحضر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اجتماعًا واحدًا للأوبك، ولكنه ربما لديه سلطة أكثر نفوذًا من سلطة رئيس شركة النفط النيجيرية القومية السابق، باركيندو.
ساهم بوتين في إنقاذ الأوبك من الانهيار العام الماضي، عندما وافق على تجديد اتفاقية خفض الإنتاج بين الدول الأعضاء وغير الأعضاء. وأصبح بوتين نوعًا ما عرابًا لطموحات الأمير ولي العهد الطموح، محمد بن سلمان. فيتحكم الرجلان بالأوبك عن طريق وكلائهما، من الناحية الروسية يوجد وزير الطاقة، ألكسندر نوفاك، ونظيره السعودي، خالد الفالح، وهما يحاربان للحفاظ على الرالي الذي بلغ ارتفاعه 40% هذا العام، نظرًا لتحكم الدولتين في 25% من إنتاج العالم.
في الطرف الآخر من الحلبة يوجد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي دخل للساحة معززًا بإنتاج دولته البالغ 12.3 مليون برميل يوميًا، ولديه حصة من القدرة على هز أسعار النفط. في جولة سابقة، أوقف ترامب التقدم الروسي نحو عضوية الأوبك الرسمية.
والآن، حصلت السعودية على صفقة ثلاثية هي الأفضل لها، فلديها روسيا بجانبها، وترامب بتصرفات لا تنم عن براعة وحكمة يبقي أسعار النفط قرب 70 دولار للبرميل بسبب ما يفرضه من عقوبات على إيران. وتتسم العلاقة بين السعودية وإيران بالغموض لمن يغطي أنباء الأوبك، ففي الظاهر تربط الدولتان علاقات وهما عضوان في منظمة الأوبك ويعملان معًا لصالح السلعة، وفي الوقت نفسها لن تتوانى واحدة عن طعن الأخرى في ظهرها إذا ما لاحت لها فرصة فعل ذلك. وعند الغوص في مصالح دول الأوبك+، نرى أن بوتين يدعم الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، والذي يحاول ترامب إزاحته عن منصبه عن طريق دعم عدوه، جوان غوايدو.
إيران لن تمنح السعودية الراحة إذا استطاعت
في وقت سابق من الأسبوع، قال وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه:
"استخدام النفط سلاحًا ضد اثنين من الأعضاء المؤسسين للأوبك (إيران وفنزويلا) سيغير شكل الوحدة في المنظمة، وتتحول إلى انقسام، وتنذر بانهيار الأوبك."
"وعليهم قبول عبء مسؤولية هذا الأمر."
لم يحدد من يعني بهذه التعليقات، ولكن على ما يبدو أن يلقي باللوم على الثلاثي: أمريكا، والسعودية، وروسيا.
وحافظت إيران على وعدها، بأنها لن تغادر المنظمة كما فعلت قطر.
ويعتقد جون كيلدوف، الشريك المؤسس في معهد إدارة الطاقة بنيويورك، أنه من المنطقي قول إيران ما قالته.
ويضيف:
"أعتقد أنهم يرغبون بالإبقاء على وجودهم في المنظمة، وأن يكون لهم صوت مسموع، ويجعلون السعودية في حالة من عدم الراحة قدر الإمكان."
ويأتي هذا بنا إلى ما حدث هذا الأسبوع، عندما قال رئيس المحللين، تود هوارتز، مؤسس Bubba Trading، واصفًا الأوبك إنها "لا تزيد عن كونها منظمة مدعية."
وقال إنه بزيادة الولايات المتحدة لإنتاجها النفطي، "لا يسع الأوبك فعل أي شيء،" "وفقدوا قدرتهم على تهديد الأمريكان بحرمانهم من النفط."