المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 24/5/2019
إذا كان هناك أحد يستمتع بالحرب التجارية مع الصين، فسيكون هذا الشخص دونالد ترامب بالتأكيد. فأوضح الرئيس الأمريكي قبل أسبوعين موقفه قائلا: "أحب الوضع الذي نحن فيه،" وتابع حديثه مفاخرًا بكم الأموال التي تجمعها الحكومة من التعريفات المرتفعة المفروضة على الصين، وهذا موطن جدل بين الاقتصاديين. وقال ترامب هذا، في حين خططت بكين للانتقام من الأعمال العدائية التي شنها، وقبل تصعيد الصراع بفرض حظر على شركة هواواي.
لكن، هناك شيء آخر يعجب ترامب ويستمتع به، وهو: أسعار النفط المنخفضة، تلك التي استمر في التغريد حولها.
فكان النفط من أكبر الخاسرين في الحرب التجارية هذا الأسبوع.
فانهار سعر خام غرب تكساس الوسيط يوم الأربعاء، بنسبة هبوط بلغت 6%، ليقع أسفل 60 دولار للبرميل، دعم الشهر الماضي، بينما هبط نفط برنت 5%، أسفل 70 دولار للبرميل. وكان الأربعاء أسوأ أيام تداول النفط منذ بداية العام، بعد إقرار الأوبك لتخفيضات الإنتاج في ديسمبر. وفي بداية الجلسة الآسيوية يوم الجمعة، اتجه خام غرب تكساس الوسيط لخسارة أسبوعية نسبتها 7%، وبرنت 6%، بيد أن الأرباح على جانب من بداية العام وحتى اليوم، تبلغ 29%، و27% على التوالي.
ويعد النفط أكبر أصول المخاطرة في فضاء التجارة، فليس من المدهش أن يكون الأكثر انكشافًا في السوق.
لماذا يصعد ترامب الحرب التجارية الآن؟
الأمر الغامض فيما يحدث الآن هو: التوقيت.
لم يوضح ترامب أسباب اختياره هذا الوقت بالتحديد لضرب قطاع الشركات التكنولوجية الصيني، ولم يظهر سوى أنه يبذل جهده لينتصر في صراعه مع الصين العنيدة.
وبالطبع من المزعج أن نشاهد مفاوضات استمرت لشهور، تعود لنقطة الصفر بسرعة.
ولكن، لو كان التاريخ دليلنا في هذه الرحلة، سنرى أن الصين لم تكن جبهة سهلة للتفوق عليها في الحرب.
فيخبر ترامب قاعدته الجماهيرية في المسيرات السياسية خلال الأسابيع الماضية أنه يركز جهده على وصول الولايات المتحدة "لأفضل اتفاق" وتصعيد الحرب التجارية كان شرًا لا بد منه لتحقيق الصالح الأمريكي، ويتهم ترامب أوباما، سابقه، بتجاهل الصالح الأمريكي عمدًا.
ولكن، ضرب ترامب بشهور المفاوضات الست عرض الحائط، فبدأت تلك المفاوضات في ديسمبر بقمة مع الرئيس الصيني، تشي شين بينغ، عندما التقيا في قمة العشرين المنعقدة في بيونس آيريس. واستمرت بعد القمة الرسائل المطمئنة من مسؤولي الطرفين، بما فيهم ترامب، بأن الأمور تسير على ما يرام، والاتفاق وشيك، إلا أن ما وقع مؤخرًا لم يكن منطقيًّا.
ليس مدهشًا أن يخشى المنافسون انتهاز ترامب لمنفعة سياسية، وهي ما تحركه، بالنظر إلى أنه بنهاية تحقيق مولر، يستمر ترامب بمواجهة محاكمة من الكونجرس، لأن أعضاء الحزب الديموقراطي مستمرين في اعتقادهم بأن روسيا ساعدت ترامب في الفوز بالانتخابات الرئاسية لعام 2016. وتشرح أفعال ونوايا ترامب تلك النظرية، نظرية النفعية، مثلا: وجه ترامب مساعدات قدرها 16 مليار دولار للمزارعين في الولايات المتحدة، هؤلاء الذين تضرروا من الحرب التجارية. وهناك حسنات تتولد من هذا المسار، وربما تقرب ترامب أكثر من قاعدته الجماهيرية، خاصة مزارعي فول الصويا في الغرب الأوسط، وتساعده في التهيؤ لإعادة الانتخاب في 2020.
أسعار النفط المنخفضة دائمًا في ذهن ترامب
أعجبك أم لم يعجبك، فأسعار النفط المنخفضة تظل على أجندة ترامب السياسة، بغض النظر عمّا إذا كان انهيار السوق الحالي "حسنة" غير مقصودة من الحرب التجارية.
في واقع الأمر، نجح صراع ترامب مع الصين في مواجهة ومحو تأثير معاركه الأخرى مع إيران وفنزويلا، تلك الصراعات التي نجحت في رفع سعر النفط الخام الأسبوع الماضي إلى أعلى مستويات 2019. ويبدو أن هناك بعض التخطيط الذكي من جانب ترامب، نظرًا لوصوله لتلك النتائج، عوضًا عن كون ما حدث مجرد مصادفة سعيدة له.
في 5 مايو، رفع ترامب التعريفات الأمريكية على الصين، وفي 15 مايو بدأ ترامب أعماله العدائية ضد هواواي. ويأتي هذا في قبل اجتماع تحالف الأوبك+ في جدة بتاريخ 19 مايو، وفي ذلك الاجتماع أعلن التحالف عن استمرار العمل باتفاق تخفيضات الإنتاج، وأوضح عدم وجود نية لدى السعودية بتهدئة تخفيضات الإنتاج، رغم التمكن من وصول الرالي لنسبة 40% لأسعار النفط هذا العام.
وبالطبع، لم يكن ما حدث للأسعار هذا الأسبوع بدافع من الصين فقط. ولكن، خرجت من الولايات المتحدة بيانات صادمة عن ارتفاع النفط في المستودعات حوالي 5 مليون برميل في المتوسط، للأسبوع الثاني، وكذلك تراجع الطلب من مصافي النفط قبل عطلة يوم الذكرى، والتي تعطي إشارة البداية لذروة موسم القيادة في الولايات المتحدة.
وباقتراح فكرة إقدام الرئيس الأمريكي على إعاقة المحادثات مع الصين للتأثير على أسعار النفط، ربما يبدو الأمر مهين لأنصار إدارة ترامب.
ولكن، عادة ما يرى المحللون أن غياب الاتفاق التجاري كان الحاجز الوحيد أمام رالي النفط القوي، وربما يدفع هذا الاتفاق بسعر برنت فوق 90 دولار، وبالنظر لما يحدث يمكننا التساؤل حول حجم رغبة ترامب القوية في الهبوط بالسعر.