استمر تطور محضر إجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في اجتماع يونيو، وكان بيان مجلس الاحتياطي الفيدرالي أكثر تشاؤماً بشكل متزايد من خلال خفض تقييم النمو من "قوي" إلى "معتدل" والاعتراف بزيادة عدم اليقين.
أشار المسؤولون إلى زيادة عدم اليقين تجاه التوقعات لكنهم لم يغيروا التوقعات الاقتصادية بشكل جوهري استجابة للتطورات التجارية الأخيرة أو علامات ضعف الثقة في الأعمال، وقد تخلى الاحتياطي الفيدرالي عن وعده "بالصبر" في تعديل المعدلات وقال إن ذلك سيتصرف حسب الاقتضاء للحفاظ على التوسع الاقتصادي. حيث صوت أعضاء اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة بمقدار 9 أصوات مقابل 1 للحفاظ على معدل الأموال الفيدرالية ثابتاً عند 2.25٪ -2.50٪. كان رئيس الإحتياطي الفيدرالي في سانت لويس "جيمس بولارد" المنشق الوحيد مفضلاً خفض المعدل المستهدف بمقدار 25 نقطة أساس. مع العلم حتى هذا اللقاء لم يكن هناك معارضين من قبل في عهد باول.
لكن صانعي السياسة تجنبوا الإشارة إلى خفض أسعار الفائدة في يوليو بشكل مباشر، وهذا ما توقعه بعض المشاركين في السوق وتُظهر مؤامرة النقاط أن صانعي السياسة منقسمون بالتساوي تقريباً حول اتجاه أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام.
فيما فضل ثمانية مسؤولين عدم التغيير بينما دعا سبعة إلى تخفيض سعر الفائدة، ورأى أحد صانعي السياسة ارتفاعاً آخر وتوقع واحد خفضاً لمرة. مع ذلك، في عام 2020 تحول المتوسط للإشارة إلى خفض سعر الفائدة.
وفي لهجة رئيس الفيدرالي بالمؤتمر الصحفي تشير بقوة إلى أن تبعية البيانات على قيد الحياة وبصحة جيدة، وأكد "جيروم باول" أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يفضل أن يرى كيف ستؤثر مخاطر النمو العالمي والتوترات التجارية على النشاط الاقتصادي قبل اتخاذ إجراءات سياسية. مشيراً إلى أن مجموعة من البيانات الاقتصادية ستصدر من الآن وحتى اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة القادم في يوليو.
أما بالنسبة للتوقعات الإقتصادية ففي الواقع بدت ملامح النمو والبطالة أكثر ثباتاً بالنسبة إلى التحديث السابق للتوقعات في مارس. على هذا النحو فإن التضخم الضعيف مازال قائم حيث تم تخفيض كل من التوقعات الرئيسية وتوقعات نفقات الاستهلاك الشخصي، وهذا الذي دفع المسؤولين إلى التفكير في خفض أسعار الفائدة بشكل متواضع. مما دفع صانعى السياسة بالفيدرالي إلى الإبقاء على توقعات النمو دون تغيير لعام 2019 -عند 2.1%- في حين تم رفع تقديرات 2020 إلى الأعلى عند 2% مقارنة مع 1.9% في التوقعات السابقة، وظلت توقعات النمو 2021 دون تغيير عند 1.8%.
تم تعديل مسار معدل البطالة على مدار الأفق المتوقع، حيث تم تخفيض تقدير عام 2019 إلى 3.6٪ لمواكبة المستوى الحالي لمعدل البطالة. بينما كان الانخفاض في توقعات التضخم هو التغير الرئيسي حيث تم تعديل توقعات التضخم المفضل لدى الفيدرالي في مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي في عام 2019 إلى 1.5% مقابل 1.8% في توقعات مارس، وفي عام 2020 إلى 1.9% مقابل 2% في توقعات مارس في حين أن معدل التضخم لعام 2021 ظل عند 2% دون تغيير.
وفي ردة فعل السوق مع أقرار المشاركون في السوق باللهجة المتشائمة لبيان اللجنة الفيدرالية قد ارتفعت أسواق الأسهم بالقرب من مستويات قياسية خلال هذا العام الجاري، وضعف مؤشر الدولار.
كما قفز الذهب إلى أعلى مستوياته في أكثر من خمس سنوات بعد أن أشار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى استعداده لخفض أسعار الفائدة. وارتفعت أسعار الذهب مقابل الدولار بنسبة 2.5٪ إلى 1394 دولار للأوقية، وهي أعلى نسبة منذ سبتمبر 2013. وحقق الذهب أربعة مكاسب أسبوعية على التوالي، ويرجع ذلك جزئياً إلى الرهان على أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يخفض أسعار الفائدة وسط إشارات على أن النزاعات التجارية المتصاعدة تؤثر على الاقتصاد الأمريكي. ليخترق المعدن الثمين الآن خط مقاومة مدته خمس سنوات في طفرة دراماتيكية جعلته ضمن مسافة صاعدة لإستهداف مستويات 1400 دولار للأوقية.
الذهب يخترق مستوى مقاومة هام على مدى 5 سنوات سابقة بعد قرار الفيدرالي ببعض سياسة التيسير المستقبلية كان للذهب بداية ضعيفة لهذا العام ولكنه اكتسب زخماً هذا الشهر حيث سعى المستثمرون إلى الملاذ وسط تباطؤ النمو العالمي بسبب تداعيات النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، ومع تبني البنوك المركزية لهجة أكثر تشاؤماً.
ليس هذا فقط ارتفاع بالأسعار بنما ازدادت حيازات الصناديق المتداولة في البورصة المدعومة بالذهب لمدة 12 من 14 يوماً الماضية، وتستمر البنوك المركزية الرئيسية في الشراء مع زيادة الصين ثاني أكبر إقتصاد بالعالم لاحتياطياتها للشهر السادس على التوالي في مايو.
حيث تشعر البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم بالقلق المتزايد إزاء تباطؤ النمو العالمي وسط الحرب التجارية الطويلة، وعلى الرغم من أن البنك الاحتياطي الفيدرالي لم يخفض أسعار الفائدة فإن توقعات السوق لبيئة متشائمة وخفض محتمل في يوليو في السوق ستكون إيجابية بالنسبة للذهب.
بشكل عام، سيكون البنك الاحتياطي الفيدرالي أكثر فاعلية في تحفيز النمو والتضخم إذا كان من الممكن أن يساعد في وقف ارتفاع قيمة الدولار، ولكن سيكون من الصعب تحقيق ذلك بأي درجة مادية حيث ينظر روؤساء البنوك المركزية الأجنبية بشكل متزايد في المزيد من المواقف التيسيرية أيضاً. وعلى هذا النحو فإن وجود الدولار القوي في الميزان التجاري سيؤدي إلى انخفاض كبير في معدل التضخم وتناقص القدرة التنافسية للصادرات وكبح الآفاق الاقتصادية المحلية كذلك. ليعتبر ذلك المرة الأولى منذ عام 2016 بعد أن أتبع الفيدرالي سياسته التشديدية نحو رفع معدلات الفائدة، وذلك في ظل تطورات الحرب التجارية ومعارضة الرئيس الأمريكي " دونالد ترامب" لسياسة البنك الفيدرالي ومسؤوليه.
Abdelhamid_TnT@