تقصي حقائق: هل أوشكت نهاية سوق الثيران؟ إليك كيفية معرفة متى تنتهي دورة الثيران

المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 22/7/2019

وقعت الأزمة المالية في 2008، عندها انهارستاندرد آند بورز 500 إلى 666، ومنذ ذلك الحين صعد المؤشر نسبة ضخمة، حوالي 340%، ليسجل الأرقام القياسية التي نشهدها اليوم.

طال أمد سوق الثيران هذه المرة، فمن الطبيعي أن يدور في خلد المستثمر تساؤلًا حول متى ستنتهي تلك الدورة. ولكي يبقى المستثمر متنبهًا لما يحدث عليه البحث عن إشارات الخطر في الأحداث الماضية. فعادة ما يكرر التاريخ نفسه، وبالاطلاع على نهايات أسواق الثيران في الماضي، يمكن أن نحدد المشكلات المحتملة قبل وقوعها.

إس آند بي 500

في الانهيارات السابقة للسوق كان اللوم يقع على: تضييق السياسة النقدية، تقييد السياسة المالية، الاضطرابات الجيوسياسية، والمبالغة في تقييم سوق الأسهم. ومن الأجدر أن ننظر لما حدث، وبعدها نبني التنبؤات.

تضييق السياسات النقدية

جلبت سياسات التضييق النقدي ركودًا مرة بعد مرة، توصلنا لذلك بفحص نهايات أسواق الثيران في الماضي. فتستطيع تلك السياسات الحد من النمو المحتمل، والقضاء على التوسع الاقتصادي، لنقطة يبدأ عندها مسار الاقتصاد بالانعكاس.

سبقت التضييقات النقدية نهايات دورات سوق الثيران في الماضي، على سبيل المثال: أسواق الثيران في 1937، و1956، و1966، و1968، و1990. أمّا في 1980، تولى بول فلوكير رئاسة الاحتياطي الفيدرالي، ورفع عندها معدل فائدة الفيدرالي إلى 20%، أعلى مستوى لها في التاريخ. كان هدفه من ذلك احتواء التضخم الذي كان يتحرك حول مستويات 13-14%. وتمكن بالفعل من احتواء التضخم، وأعاده إلى المستوى المناسب، كان 7% ذلك العام، ولكن ما قام به أدى للركود المالي لعام 1981، وهبط عندها إس آند بي 500 نسبة 27%، ما بين عامي 1980-1982. ومثال آخر: في عام 1966 انتهج رئيس الفيدرالي ويليام ماكينزي مارتين سياسة نقدية سليمة، ولكنها في توقيت خاطئ، تولد عن تلك السياسة أزمات ائتمانية، أسهمت بدورها في الهبوط بإس آند بي 500 نسبة 22% لذلك العام.

سياسات مالية تقييدية

وتنبع مخاوف الركود من تقليل الحكومات للنفقات، ففي عامي 1937، و1946 خفضت الحكومة الأمريكية النفقات. وفي العامين على التوالي هبط السوق نسبتي 60%، و30%. وتشرح لنا اقتصاديات كينز التي دخلت المجال العام خلال الركود العظيم، أن تخفيض النفقات هو سبب الركود. ففي اقتصاديات كينز كانت الاستثمارات الحكومية في البنية التحتية هي الحل للركود، الذي بدأ عام 1929. في واقع الأمر، خفضت الحكومة الأمريكية النفقات في 1937، و1946، وهذا ما تسبب بعكس الأسواق لمسارها في تلك الأعوام.

الاضطرابات الجيوسياسية وأسعار النفط

لم تتمكن الاضطرابات الجيوسياسية، وأسعار النفط سابقًا من توجيه رصاصة قاتلة لسوق الثيران، ولكنها كانت تلعب دورًا مهمًا في إيقاف تحركات الأسواق أكثر من مرة على مر العقود السابقة. في ثلاث مناسبات سابقة، بلغت أسعار النفط، والتوترات الجيوسياسية ذروتها، في اللحظات غير المواتية. ففي 1973، حظرت الأوبك تصدير النفط. وفي تلك الأثناء كانت اقتصاديات الولايات المتحدة تتحرك في منطقة خطر، عقب وقف العمل باتفاقية بريتون وودز (مما يعني أن الدولار لم يعد يُحول لذهب كما كان الأمر في السابق)، وهذا ما خلق تضخمًا عنيفًا، وارتفعت أسعار النفط فجأة نسبة 39%، مما قتل سوق الثيران في تلك الفترة. ويمكن تطبيق نفس الفكرة على ارتفاع أسعار النفط المفاجئ عقب أزمة 1979، واجتياح العراق للكويت في 1990.

المغالاة في التقييم

ترتفع أسعار الأسهم في بعض الأحيان، ترتفع دونما أي صلة بأي محفزات على أرض الواقع، وبالتالي تحتاج تلك الأسهم عودة للواقع. كانت مغالاة الأسواق في تقييم الأسهم ضمن أسباب نهاية أسواق الثيران لعامي 1961، و2000، كما أسهمت في نهاية سوقي 1946، و1987. وتلك الأعوام الأربعة تمكن معدل ربحية السهم على مؤشر إس آند بي 500 من الارتقاء فوق 20، تلك العتبة التي من ناحية تاريخية تعد مرتفعة السعر.

وتعد فقاعة الدوت كوم مثالًا صارخًا على ما يحدث، فيصبح المستثمرون في حالة هوس قوية بالأسهم، عند أي سعر. في 2000، ارتفعت أسهم الإنترنت ارتفاعًا مهيمنًا، قادت المستثمرين لحالة من جنونية من الشراء، مما أدى لتقييمات غير مستدامة. وتمكنت شركات مثل بيتس.كوم من جمع مئات الملايين من الدولارات، لتختلفي بعدها بفترة قصيرة، ويتضح أن الشركة ليس لديها نموذج عمل، ولا أي خطة أو مسار لتحقيق عائد مستدام.

كما انفجرت الفقاعة العقارية هي الأخرى في 2007. وبانفجار فقاعة الإسكان، وقعت أزمة مالية على قطاعات البلد كلها، ودخلت في عامين من الركود، مؤدية لانهيار إس آند بي 500 بنسبة 57% في الفترة بين أكتوبر 2007، ومارس 2009.

خلاصة القول

نعود إلى عام 2019، استمر سوق الثيران هذا لعقد كامل من الزمن الآن، ومن المشروع طرح تساؤل حول متى سينتهي. فهناك دائمًا احتمالية التفافة غير متوقعة للأحداث، ولكن يبدو أن معدلات الفائدة متجهة للانخفاض، وليس الارتفاع، لذلك فلا مصدر قلق هنا.

أمّا من الجانب المالي، فتنفق الحكومة حوالي 100 مليار دولار على البنية التحتية سنويًا، ولا سبب لتباطؤ معدل الإنفاق الحكومي في أي وقت قريب. بينما التوترات السياسية وسعر النفط مصدر قلق، فلدينا الصين، وكوريا الشمالية، وإيران، وتقف تلك الأزمات غاية القرب من نقطة اندلاع صراع.

وبالنسبة لنقطة مغالاة التقييم، فالسوق الآن ليس زهيد السعر. معدل ربحية السهم على إس آند بي 500 عند 22، أعلى من المعدل التاريخي 15.75. والقيمة السوقية لسوق الأسهم مقارنة بمعدل الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة تعادل 143%، قريبة من أعلى رقم قياسي عند 148%، وبلغت تلك النقطة أثناء فقاعة الدوت كوم.

إذن إلى أين نتجه الآن؟ يمكن للسوق احتمال قيم الأسهم المغالى فيها، والتي تبدو غير معقولة في بعض الأحيان، أمّا الأحداث الجيوسياسية، فتظل بعيدة عن اندلاع حروب، أو غزو. وبالنظر لأسباب انهيار أسواق الثيران الماضية، يبدو أنه طالما عربات الفيدرالي متجهة نحو تخفيض الفائدة، سيكون كل شيء على ما يُرام. ومتى توقفت تلك العجلات عن التقدم، ستلوح مخاطر القيم غاية الارتفاع غير المبرر تلك، وربما يقع تصحيح نسبته 20%.