فيروس كورونا: ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين (الجزء 2)

تم النشر 29/03/2020, 22:17

سوف نتحدث عن موضوع فيروس كورونا ما بين الولايات المتحدة الامريكية والصين من خلال سلسلة مقالات وسوف تكون هذة هي المقالة الثانية بعنوان

فيروس كورونا ما بين الولايات المتحدة الامريكية والصين(2)

تحدثت في المقال السابق عن بداية ظهور فيروس كورونا وأجبت عن بعض الأسئلة والاشاعات الذي ظهرت في الآونة الأخيرة في مواقع التواصل الاجتماعي. وسوف أتحدث اليوم عن كيف تعاملت الصين مع فيروس كورونا وكيف استطاعت السيطرة عليه واحتوائه بالرغم من أن بؤرة تفشي وانتشار الفيروس في العالم كان من إقليم هووبي في مدينة ووهان بالتحديد حيث سجلت الصين حينها أكبر عدد من الإصابات بفيروس كورونا تجاوز 81897 حالة بحسب اخر احصائيات من موقع تريدنج فيو إلا إنها نفذت خطط فورية واستنفار بشكل مهيب يجعلنا اليوم نفتخر بالتجربة الصينية الأكثر من رائعة في التعامل مع ازمة فيروس كورونا، وأيضا تعاون وتكاتف الشعب الصيني مع بعضة البعض في مشهد مهيب يسطر أجمل مثال للتعاون والإنسانية والالتزام بتعليمات الحكومة حيث نستطيع ان نبدأ بسرد التجربة الصينية ونقول بالصوت العالي وبكل فخر هنا الصين الذي بتاريخ 24/3/2020 عندما سجلت صفر حالات جديدة بفيروس كورونا خلال 72 ساعة.

وسوف أتحدث عن اول قرارات الصين في مكافحة فيروس كورونا وهو اتخاذ قرار العزل الصحي وقفل مدينة ووهان ومنع كل أشكال الحركة والتجمعات وطبقت هذه الإجراءات أيضا على 15 مدينة مجاورة لمدينة ووهان:

  • حجر اكثر من 60 مليون نسمة في البيوت ونشر القوات الحكومية لتزويد السكان بالغذاء والدواء وتعقيم الشوارع وتوجيه الإعلام بعدم التضخيم من المرض وبث الرعب في نفوس السكان والعمل على تطمين الناس في حال التزموا بالتعليمات،
  • وأيضا تم إنشاء صندوق دعم مالي مخصص لحملة مكافحة فيروس كورونا وتم بناء مستشفيات بقدرات استيعابية وصلت الى 10000 سرير وعلى رأسها المستشفى العملاق الذي شيد خلال 10 أيام والذي اشتهر في مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات التلفزيونية.
  • وتم تحويل بعض المباني من فنادق ومدارس لمستشفيات ميدانية مؤقتة.
  • وأيضا وجهت الحكومة الشركات الطبية لبدء الإنتاج بكامل طاقتها الإنتاجية وتم انتهاج سياسة الرقابة والفحص والتعقيم لكل شيء يسير على الأرض ولكل شيء يدخل الصين.
  • وعملت الصين على استيراد ملايين الاطنان من الامدادات والمستلزمات الطبية من أقنعة الوجه إلى الستر والنظارات الواقية وتم تحريك رحلات جوية لنقل آلاف الكوادر الطبية الى إقليم هوبي.
  • تكليف 142 مجمعا وشركة للمشاركة في تخزين ونقل السلع الضرورية وتلبية جميع الاحتياجات اليومية للمواطنين وتم جمع التبرعات من مختلف أوساط المجتمع دعما لمكافحة الفيروس وصلت لـ 5 مليون دولار.
  • وشاركت اكثر من 40 شركة طبية تكنولوجية في خدمة مكافحة الفيروس وتسخير الجانب التكنولوجي في مكافحة الفيروس من خلال الشركات العاملة في مجال تطوير روبوتات تقديم الطعام من أجل استخدامها في المستشفيات لتقليل الاحتكاك والتواصل بين الطاقم الطبي والأفراد بما يُسهم في تعزيز جهود عزل الفيروس والحد من انتشاره.
  • إحدى أشهر الشركات بهذا السياق هي بودو تكنولوجي Pudu Technology من مدينة شينزين Shenzhen التي تم استخدام أنظمتها الروبوتية في تقديم الطعام لدعم الطواقم الطبية في أكثر من 40 مستشفى مختلفاً حول الصين. كذلك الأمر بالنسبة لشركة مايكرو ملتي كوبتر MicroMultiCopter من مدينة شينزين المختصة بتطوير الطائرات المسيرة الخدمية حيث تم استخدام تقنياتها من أجل نقل العينات الطبية وإجراء عمليات التصوير الحراريّ للمرضى.
  • وأيضا تم استخدام الخوذات الذكية لمسح درجة حرارة جسم المارة في أفقها عبر كاميرا الأشعة تحت الحمراء المثبتة عليها. ثم تظهر المعلومات المسجلة في الوقت الحقيقي على شاشة الواقع الافتراضي أمام عيون مرتديها. وإذا تم العثور على شخص تتجاوز درجة حرارة جسمه 37.3 درجة مئوية، ستقوم الخوذة بالإبلاغ عن المنبه على الفور. وتستطيع هذه الخوذة إكمال مسح وتسجيل درجة الحرارة لحوالي مائة شخص في دقيقتين اثنتين.

وهكذا حتى انخفض عدد المصابين داخل الصين الى الصفر واستطاعت الصين السيطرة على الفيروس واحتواء الازمة وبدون وجود أي لقاحات حتى الان وحاليا تمر 4 أيام على التوالي من تاريخ 20 مارس بدون تسجيل أي حالات إصابة جديدة فقط لان المجتمع الصيني اشتغل وكافح على مدار 24 ساعه حكومة وشعب وهكذا اثبتت الصين مكانتها وحجمها الحقيقي في التعامل مع الازمة وقد بدأ عدد الحالات الجديدة يتناقص بحدة في الصين ويتزايد في الولايات المتحدة الامريكية وأوروبا وهنا ظهر الفرق ما بين تصرف الصين مقارنة بتصرف الولايات المتحدة الامريكية على لسان ممثلها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب الذي يصرح مرارا وتكرارا وينسب الفيروس للصين ويسميه بالفيروس الصيني ومرة أخرى يصرح بأن الفيروس "سيختفي مثل المعجزة"، وإنه حيلة من تدبير أعدائه.

وهنا يظهر الفرق بين تصرف الامريكان بتصرفات غير مسؤولة نتج عنها تفشي الفيروس بأعداد هائلة وصلت الى 121478 حالة والذي تصبح الولايات المتحدة الامريكية هي الدولة الأكثر إصابة لفيروس كورونا على مستوى العالم.

ويبين لنا التصرف الصيني جراء الازمة مع بقية الدول حيث أن الصين عرضت مساعدتها على العالم من أجل مواجهة الفيروس.

وارسلت أطباء صينيين إلى إيطاليا ومعهم 31 طنا من المعدات الطبية في الوقت الذي كان فيه الإيطاليون يشتكون من غياب الدعم من دول الاتحاد الأوروبي وأرسلت الصين مليون قناع لفرنسا ايضا. كما تعهدت بكين بتزويد الاتحاد الأوروبي بأكثر من 2 مليون كمامة و50 ألف جهاز فحص. فمن هنا بدأت الصين بتحسين صورتها امام العالم وفشلت أمريكا بتشوية الصين امام العالم بإلقاء الاتهام عليها بخصوص انشاء الفيروس وانقلب السحر على الساحر وبدا العالم كله ينتقد الرئيس ترامب على تصريحاته الغير مسؤولة والعنصرية بنسب الفيروس الى الصين وتسميته بالفيروس الصيني.

ومن الجانب الاقتصادي تلقت الصين ضربات موجعة اقتصاديا أولها حدوث انكماش في الاقتصاد الصيني وتراجع النتاج الإجمالي المحلي بنسبة 13 % خلال شهرين يناير وفبراير وتراجع قطاع الخدمات بنسبة 13% لنفس الفترة. وانخفض الاستثمار في الأصول الثابتة بنسبة 24.5% ويعتبر الإنتاج الصناعي هو الأقل خلال نفس الفترة متراجعا بنسبة 13.5% ناهيك عن ارتفاع نسب البطالة الى 6.2% وفقد 5 مليون صيني وظائفهم جراء هذه الازمة.

وفي الوقت الحالي بدأت الصين باستئناف العمل مجددا ورغم استئناف النشاط الاقتصادي مرة أخرى، إلا أنه لم يعد حتى الآن إلى مستوياته الطبيعية، في ظل معاناة العديد من المشاريع الخدمية والتوقعات القاتمة بالنسبة للمصدرين، نظرًا لاستمرارية تفشي الفيروس في باقي أنحاء العالم. ونقلت وكالة أنباء “بلومبرج”، عن يولو قوله، إن بنك الشعب الصيني سيواصل توجيه التمويل إلى الشركات الخاصة والصغيرة، وكذلك تلك الحاسمة بالنسبة لسلاسل الإمداد. وقال نائب رئيس هيئة تنظيم الأوراق المالية في الصين، لي تشاو، والذي تحدث في المؤتمر الصحفي نفسه، إن سوق الأسهم كان أكثر مرونة من الأسواق العالمية الأخرى، في ظل انخفاض المخاطر واستيعاب التأثير الاقتصادي لتفشي الفيروس.وأضاف يولو، نائب محافظ بنك الشعب الصيني، أنه في الوقت الذي يتوقع فيه استمرار تأثير تفشي الفيروس على الإمدادات والتضخم لفترة من الوقت، فإن ارتفاعات الأسعار ستبدأ في الاعتدال مع عودة النشاط الاقتصادي.كما أن التضخم سيبدأ في التباطؤ بداية من الربع الثاني ويستمر على هذا النحو على مدار باقي العام.

وفي ختام الجزء الثاني من المقال أحب أن أذّكر ان الربع الثاني من العام 2020 سوف يكون مفصلي ومصيري على الاقتصاد الصيني وعلى الاقتصاد العالمي بحيث إنه سوف يظهر اذا ما استطاعت الصين ودول العالم من السيطرة اقتصاديا واحتواء الفيروس بشكل صحيح ام لا وفي الجزء الثالث من المقالات سوف اتحدث عن التعامل الاقتصادي للصين والولايات المتحدة واكبر الدول مع ازمة فيروس كورونا وسوف اتطرق الى الإجراءات التي تم اتخاذها وتأثيرها على الاقتصاد وسوف نذكر اهم الحلول والنتائج المستجدة اقتصاديا على المستوى العالمي.

تقبلوا اطيب التحيات

أ/ محمد قيس عبد الغني

فيروس كورونا ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين

أحدث التعليقات

جاري تحميل المقال التالي...
قم بتثبيت تطبيقاتنا
تحذير المخاطر: ينطوي التداول في الأدوات المالية و/ أو العملات الرقمية على مخاطر عالية بما في ذلك مخاطر فقدان بعض أو كل مبلغ الاستثمار الخاص بك، وقد لا يكون مناسبًا لجميع المستثمرين. فأسعار العملات الرقمية متقلبة للغاية وقد تتأثر بعوامل خارجية مثل الأحداث المالية أو السياسية. كما يرفع التداول على الهامش من المخاطر المالية.
قبل اتخاذ قرار بالتداول في الأدوات المالية أو العملات الرقمية، يجب أن تكون على دراية كاملة بالمخاطر والتكاليف المرتبطة بتداول الأسواق المالية، والنظر بعناية في أهدافك الاستثمارية، مستوى الخبرة، الرغبة في المخاطرة وطلب المشورة المهنية عند الحاجة.
Fusion Media تود تذكيرك بأن البيانات الواردة في هذا الموقع ليست بالضرورة دقيقة أو في الوقت الفعلي. لا يتم توفير البيانات والأسعار على الموقع بالضرورة من قبل أي سوق أو بورصة، ولكن قد يتم توفيرها من قبل صانعي السوق، وبالتالي قد لا تكون الأسعار دقيقة وقد تختلف عن السعر الفعلي في أي سوق معين، مما يعني أن الأسعار متغيرة باستمرار وليست مناسبة لأغراض التداول. لن تتحمل Fusion Media وأي مزود للبيانات الواردة في هذا الموقع مسؤولية أي خسارة أو ضرر نتيجة لتداولك، أو اعتمادك على المعلومات الواردة في هذا الموقع.
يحظر استخدام، تخزين، إعادة إنتاج، عرض، تعديل، نقل أو توزيع البيانات الموجودة في هذا الموقع دون إذن كتابي صريح مسبق من Fusion Media و/ أو مزود البيانات. جميع حقوق الملكية الفكرية محفوظة من قبل مقدمي الخدمات و/ أو تبادل تقديم البيانات الواردة في هذا الموقع.
قد يتم تعويض Fusion Media عن طريق المعلنين الذين يظهرون على الموقع الإلكتروني، بناءً على تفاعلك مع الإعلانات أو المعلنين.
تعتبر النسخة الإنجليزية من هذه الاتفاقية هي النسخة المُعتمدَة والتي سيتم الرجوع إليها في حالة وجود أي تعارض بين النسخة الإنجليزية والنسخة العربية.
© 2007-2025 - كل الحقوق محفوظة لشركة Fusion Media Ltd.