لا تبدو الأسواق ديناميكية بالقدر الكافي هذا الأسبوع وربما تبدو مملة أيضا لمن اعتاد على نطاق واسع من التحركات لكن لا يسيطر الآن على الأسواق سوي الخوف والترقب بانتظار المناظرة الرئاسية القادمة بين فرسي رهان البيت الأبيض، وفي انتظار ما لا ينتظر تتراجع أهمية خطابات كريستيان لاجارد المكررة والبيانات البريطانية التي لا تحرك ساكنا وتحركات بنوك ما وراء المحيط في استراليا ونيوزلندا التي لا تبدو أنها تعني أحدا الآن سوى مواطني تلك الدول.. تثبت أمريكا مرة أخرى أنها من يوجه الاقتصاد العالمي
الجمعة القادمة هو موعد المناظرة الرئاسية الثانية بعد مناظرة 29 سبتمبر التي لم تضف جديدا ، لكن المناظرة القادمة يوم الجمعة 15 أكتوبر وربما أيضا مناظرة 22 أكتوبر ستعني الكثير للمتابعين والمراهنين على تحركات الأسواق على وقع الأهداف التي يحرزها كل من فرسي الرهان في مرمى الآخر فبينما لا يعدو سرا انحياز الرئيس الأمريكي الحالي لدولار ضعيف وسوق أسهم نشطة ، فإن التوجه الديمقراطي لخصمه يبدو على النقيض تماما وهو ما يضع الدولار الأمريكي ومن خلفه الذهب في بؤرة الاهتمام بينما يتمسك ثيران الأسهم بوجهة نظرهم في إمكانية تحقيق دونالد ترامب النصر بالضربة القاضية حتى لو كان مريضا بالكوفيد 19 ، فحتى هذا المرض يبدو أنه سيصب في مصلحة الشركة المنتجة للدواء الذي يتناوله
ماذا لو فاز بايدن:
بادين أصغر سنا من ترامب لكن ليس أصغر كثيرا ففي النهاية الاثنان من العجائز لكن بايدن ملتزم ديمقراطيا إلى الدرجة التي تجعله مرشح ديمقراطي نموذجي ، ومع سنوات عمره الـ 77 لا يبدو أنه سيتغير حال فوزه بالرئاسة بل سيكون أكثر رغبة في البقاء كما هو وهو ما يعني أنه لن يمنح أي امتيازات لصناعات التعدين التزاما بمبدأ الاقتصاد الأخضر المناصر للبيئة وقد تكلف وجهة نظره تلك الناخب الأمريكي 3 مليار دولار موزعة بين 1.7 ترليون لدعم السياسة المناخية المنحازة لمناهضة الاحتباس الحراري إضافة لـ 1.3 تريليون لتعديل البنية التحتية بما يتناسب مع سياسات حماية البيئة
وفيما يخص النظام الضريبي سيكون على الشركات وكبار رجال الأعمال التعامل مع زيادات ضريبية كبيرة وهو ما سينعكس سلبا على الأسهم والمؤشرات الأمريكية ويزيد الطلب على الذهب مع تراجعات محتملة لقوة الدولار الأمريكي ماذا لو فاز ترامب:
فوز ترامب يبدو مساندا بشكل أفضل للدولار الأمريكي لكنه لن يحدث فارقا في أسعار صرف الدولار ، فالرئيس الأمريكي الحالي الذي يبذل ما بوسعه للضغط على الدولار لإتاحة فرص تصديرية أفضل واجتذاب الصناعات من الخارج مارس فعليا نموذجه الاقتصادي بنجاح حتى الآن ولديه ما يقوله للناخبين ( لقد اختبرتم إدارتي على مدار أربع سنوات ) وسيضغط دون هوادة على الفيدرالي الأمريكي لخفض الفائدة ودون تحفظات كما هي عادة الرؤساء الأمريكيين في الفترة الرئاسية الثانية وهو ما سيدفع أسعار الذهب للارتفاع بشكل هادئ لكن مستقر مصحوبة بمزيد من المكاسب لسوق الأسهم المدعوم بسياسات ضريبية ملائمة لرجال الأعمال ، وفي النهاية سنكون على موعد قبل 2023 مع مستويات قياسية للذهب والمؤشرات والأسهم الأمريكية
ترامب يملك إثارة الفوضى حتى لو فاز بايدن:
لا يبدو أنه حتى في حالة فوز بادين فإن اختفاء ترامب من الساحة سيكون سهلا، دونالد ترامب وضع كل ما يملك من الأدوات لإفساد كل شيء في حالة فوز بايدن بالانتخابات، وأعلن عن ذلك بشكل واضح مما قد يدفع بعض الأصوات المترددة لانتخاب دونالد ترامب طمعا في تحاشي فوضى غير مسبوقة في حالة فوز بايدن
ترامب وبشكل ماهر وذكي شكك مسبقا في دقة التصويت عبر البريد، بينما هو يعلم أكثر من غيره أن كوفيد 19 قد يجعل الانتخابات الحالية أحد أكثر الانتخابات الأمريكية اعتمادا على تصويت البريد، وبذلك فإن دونالد ترامب وضع تهديدا واضحا يبدأ مع لحظة إعلان النتائج في حالة فوز بايدن حيث أنه شكك مسبقا في دقة التصويت عبر البريد وبالتالي لا نتوقع منه قبول هزيمة انتخابية عبر انتخابات اعتمدت بشكل كبير على أداة تصويت لا يثق فيها
بالتالي وفي حالة اعتراض ترامب على فوز بايدن وعدم اعترافه بالخسارة فإن فوز بايدن سيصبح فوزا معلقا بانتظار معركة في المحكمة العليا الأمريكية وهو ما يضع الكثير من البهارات على تلك العملية الانتخابية والتي في حال انحازت العملية الانتخابية لهذا السيناريو فسنشهد مستويات غير مسبوقة وقياسية للذهب مع تراجعات حادة في سعر صرف الدولار مع ما يحدثه ذلك من فوضى في أسواق العالم
لدينا احتمالات منطقية دائما لكل انتخابات أمريكية تبقى محصورة بين فوز أحد المتنافسين لكن ترمب منحنا اختيارا آخر وجديد بإبقاء النتيجة معلقة وقتما أراد وهو كارد انتخابي يبدو أنه استخدمه استباقيا للتأثير على الكتلة الحرجة من الأصوات المترددة والتي ستميل إلى اختيار الاستقرار حتى تحت رئاسة رئيس لم تكن تتمنى فوزه بفترة رئاسية ثانية سيكون فيها أكثر حرية وقسوة في كل قراراته.
لمتابعة المقالة الأصلية اضغط هنا