ربما تكون حالة الاضطراب الذي نعايشه منذ جلسة التداولات الآسيوية السابقة هي جزء يسير مما يمكن أن نختبره خلال الأسبوع الانتخابي الساخن ضمن أعنف انتخابات أمريكية ينتظرها العالم بأكمله وليس الولايات المتحدة فقط ، التذبذبات العالية وغير المبررة وأحيانا غير المنطقية تبقى ضمن المحتمل طوال الوقت ، وبينما نختبر حاليا هامش تداول ضيق على الذهب فإننا أيضا نلاحظ نموا في قوة الين الياباني أمام الدولار واليورو و بهامش كبير خلال يوم تداول واحد لكن فعليا لا يبدو أن الأسواق مستعدة للتفاعل مع مستجدات الانتخابات الأمريكية فإما ينحاز فريق ويراهن على فوز ترمب أو يراهن فريق آخر على فوز بايدن بينما يتجاهل الجميع سيناريو فوز نانسي بيلوسي لكي تصبح هي الرئيس القادم للولايات المتحدة الأمريكية رغم أنها لم تخض الانتخابات
الطرح محتمل في الواقع وطبقا لنظام الانتخابات الأمريكية – وهو نظام انتخابي معقد للغاية يعتمد على آلية عتيقة تسمى المجمع الانتخابي – فإن عدد الأصوات التي يحصل عليه المرشح ليست أمرا حاسما في الفوز فمن خلال المجمع الانتخابي يتم إعادة تسوية الأمر بحيث تتمتع كل ولاية أمريكية بعدد أصوات يمثلها ، وإجمالي عدد الأصوات للمجمع الانتخابي هو 538 صوت ، وكمثال فإذا فاز ترمب بولاية كاليفورنيا مثلا فإنه يحصل على 55 صوتا هو نصيب كاليفورنيا من أصوات المجمع الانتخابي ، بينما يمكن لبايدن أن يحقق أصوات كثيرة للغاية ويفوز في ولايات وايومينج وآلاسكا ونورث داكوتا وحتى العاصمة واشنطن لكنه رغم كل ذلك لن يحصل داخل المجمع الانتخابي إلا على ثلاثة أصوات فقط الطريف أن ترامب فاز عن طريق المجمع الانتخابي بالرئاسة حيث حصلت هيلاري كلينتون على 54% من أصوات الناخبين لكنه حصل على أصوات أكثر من خلال المجمع الانتخابي وهو أمر نظريا قابل للتكرار مرة أخرى وربما هو ما يراهن عليه ترامب فعليا الذي يحتاج إلى 270 صوت على الأقل من أصوات المجمع الانتخابي للفوز بالرئاسة
وربما لا تأتي الرياح بما تشتهي سفن دونالد ترامب الذي ولا شك سيبدأ السيناريو الذي مهد له طويلا وهو التشكيك في نزاهة الانتخابات وعدم الاعتراف بفوز منافسه
وبينما من المفترض أن تنتهي ولاية ترامب الرئاسية ظهر 20 يناير القادم فإنه في حالة إصرار دونالد ترامب على عدم الاعتراف بفوز منافسه (في حالة فوز بايدن) فإن بقاء ترامب على موقفه حتى ما بعد ظهر 20 يناير القادم سيعني أن بايدن لن يكون بمقدوره تولي الرئاسة
ترامب لديه فعليا ما يمكنه من الحول دون تمتع بايدن والديمقراطيين بانتقال هادئ للسلطة، فلديه ما يقوله حول نزاهة الانتخابات الأمريكية لا سيما أنه شكك مسبقا في نزاهة التصويت عبر البريد (وحتى الآن هناك أعداد متزايدة من الأمريكان ممن صوتوا عبر البريد حتى اللحظة) وبالتالي سيكون من حقه التشكيك في نتيجة الانتخابات برمتها وتعطيل إعلان الفائز
الطريف أن الديمقراطيين أنفسهم قد يفعلون نفس الشيء وربما لدينا إعلان واضح حول استعدادهم لذلك حيث نصحت هيلاري كلينتون نصيحة علنية لجو بايدن، مفادها "لا تعلن قبول الهزيمة مطلقاً".
هذا سيعني الدخول في معركة قانونية لحسم مصير الرئاسة وهو سيناريو استعد له الجمهوريين والديمقراطيون أيضا حيث رصد الجانبان ملايين الدولارات وتعاقدوا مبكرا مع أفضل المحامين للدخول في معركة قانونية أمام المحاكم للتشكيك في النتيجة وعدم القبول بها
النتيجة المحتملة في حالة عدم تحقيق فوز ساحق لأي من الطرفين هو لجوء المهزوم لمعركة قانونية طويلة وممتدة قد لا تنتهي قبل ظهر يوم 20 يناير القادم
وبالتالي سيكون لدينا رئيس منتهية ولايته يخرج من البيت الأبيض ورئيس لم تثبت أحقيته في الرئاسة لن يدخل البيت الأبيض
معسكر ترامب من ناحيته يفعل كل شيء لإرغام الأصوات المترددة على التصويت لصالح ترامب حيث يخرجون للشوارع بشكل واضح وعنيف كما لو كانوا يوجهون رسالة مفادها أن عدم فوز ترامب سيعني معادلة صفرية وعدم فوز أي أحد آخر، في محاولة لدفع أنصار الاستقرار للقبول بالتصويت للرئيس الحالي وتحمله على مضض حتى نهاية الرئاسة الثانية
وعودة للنتيجة المحتملة من عدم تحقيق فوز ساحق لأي من الطرفين هو لجوء المهزوم لمعركة قانونية طويلة وممتدة قد لا تنتهي قبل ظهر يوم 20 يناير القادم، فإن ذلك الاحتمال ينتهي بسؤال: من يتولى الرئاسة في تلك الحالة
يجيب على ذلك القاضي أندرو نابوليتانو، كبير المحللين القانونيين في شبكة Fox News ، الذي قال إنه بحلول ظهر يوم 20 يناير من العام المقبل، وهو موعد نهاية رئاسة ترامب رسمياً، سيتولى منصب رئيس البلاد أياً كان رئيس مجلس النواب.
وأوضح أندرو أنه وفقا للقانون الأمريكي فإن الحالة المطروحة تمنع المجمع الانتخابي من إعلان اسم فائز بالرئاسة وعندها سيكون رئيس مجلس النواب تلقائياً رئيس الولايات المتحدة الأمريكية".
وتتولى نانسي بيلوسي في الوقت الحالي رئاسة مجلس النواب (حتى الآن) ما لم يخسر الديمقراطيون انتخابات النواب في نوفمبر القادم وهو احتمال ضعيف لكنه قائم، وبالتالي فإنه في حالة حسم الديمقراطيون معركة مجلس النواب فإن بيلوسي قد تصبح الرئيس القادم للولايات المتحدة الأمريكية
وإذا مضت نظرية الاحتمالات إلى منتهاها فسيكون على دونالد ترامب أن يسلم مقاليد السلطة للسيدة التي رفض مصافحتها أمام الكاميرات ومزقت هي بدورها نسخة خطابه، ربما نشهد المزيد من التشاحن بينهما أمام الكاميرات أيضا في تلك الحالة
لكن الأهم أن هذا السيناريو لن يكون جيدا للدولار الأمريكي الذي سيتعرض لكثير من الضغوط وفي نفس الوقت لن يكون جيدا لسادة وول ستريت التي ستعاني أسهمها ومؤشراتها كثيرا خلال تلك الفترة بينما قد يكون هذا هو السيناريو الأمثل للذهب للقفز باتجاه ما هو أعلى من 2200 بكثير.
لمتابعة المقالة الأصلية اضغط هنا