خلال هذا الأسبوع سنمر بما يمكن أن نطلق عليه بكل ثقة أصعب أسبوع تداول خلال آخر أربع سنوات حيث لا يتعلق الأمر بعامل واحد مؤثر على الأسواق ويمكن أن يطيح بأي أصل من أصول التداول لكننا أمام عدة عوامل تتجمع مع بداية هذا الأسبوع لتمثل خطرا جما على المتداولين
فمن ناحية لدينا ما يمكن أن نطلق عليه بداية جديدة لإغلاق الأسواق في القارة الأوروبية، بريطانيا تغلق كل شيء وتبقى على المدارس والجامعات فقط والتي قد تلحق بباقي النشاطات المغلقة مع تنامي المخاوف من موجة أعنف من كوفيد 19، إيطاليا ورغم تجدد جائحة كوفيد 19 إلا أن شعبها فضل الاشتباك مع قوات الأمن رافضا لقرارات الإغلاق التي تحاول السيطرة على انتشار الفيروس الأصعب خلال أكثر من قرن ، بينما الأوضاع في فرنسا ملتهبة بين تجدد كوفيد 19 والكثير من العنف والخوف على ضوء اضطرابات على خلفية الرسوم المسيئة وعمليات الطعن والقتل المستمرة دون توقف
ألمانيا الاقتصاد الأقوى أوروبيا ليس خارج السياق وإن كان أهدأ أعصابا لكنه ليس بمعزل عن مخاوف تجدد جائحة كوفيد 19 لكن ربما تكون أنظام المستشارية الألمانية مركزة بشكل أكبر عبر المحيط على الانتخابات الأمريكية
وبعيدا عن القارة العجوز فإن الأوضاع في اليابان صاحبة عملة الملاذ الآمن لا تبدو جيدة فاقتصاد اليابان يتأثر كثيرا بالاقتصاد الأمريكي من ناحية، وبتأثير الاقتصاد الأمريكي وحروبه الاقتصادية على الصين من ناحية أخرى، إلى جانب أن اليابان من الدول التي عانت بشدة من كوفيد 19 في موجته الأولى وتتأهب لمواجهة الموجة الثانية بكثير من التخبط
الصين أيضا لا تبدو هادئة ، مخاوف مزدوجة من تجدد كوفيد 19 أولها بسبب ما قد يلحق بالصين نتيجة غلق الإقتصاد مرة أخرى ، والثاني بسبب تجدد الخطاب المعادي للصين على خلفية التذكير بأنها السبب المباشر لتلك الجائحة التي داهمت العالم على مدار العام ، ويضاف سبب آخر للقلق الصيني فرغم الاستطلاعات الرسمية التي لا تصدق دائما حول الانتخابات الأمريكية ، تدرك الصين جيدا أن ترامب يحافظ على فرصه في الفوز بفترة رئاسية ثانية إذا حدثت سيكون مطلق اليدين متحررا من أعباء انتخابات جديدة ليمارس على الصين حربا اقتصادية عقابية في جولة ننتظر أن تصبح أقرب لـ ( فن من أجل الفن ) حيث أوضح ترامب أنه (سيعاقب الصين ) في ولايته الثانية على ما ألحقته بالعالم
عبر المحيط الأوضاع لا تبدو مستقرة على الإطلاق، أصبح في حكم المؤكد ألا يتم إعلان الرئيس القادم يوم الثالث من نوفمبر كما كان مقررا وكما هو متبع حيث من المعتاد أن يتم إعلان الرئيس الجديد في الثلاثاء الأول من شهر نوفمبر، لكن هذا تغير تماما مع تمديد التصويت الإلكتروني وعدم قدرة الدوائر الانتخابية على فرز الأصوات قبل يوم 4 نوفمبر
قرار المحكمة الأمريكية منحت ترامب سببا آخر للاعتراض على الانتخابات ونتيجتها إذا لم تأت في صالحه ، وبالأمس تحدث كثيرا عن ( مستشفى مجانين ) في الولايات المتحدة حال عدم إعلان رئيس فائز بنهاية الثالث من نوفمبر بينما أثار اعتراض مناصري ترامب لمسيرة نظمها الديمقراطيين بالسيارات المخاوف من أن تكون حالة الشراء النهم للأسلحة خلال الشهرين الماضيين والتي توسعت كثيرا خلال الأسبوع الماضي بداية تأسيس لدائرة عنف انتخابي أو سياسي محتمل الأمر الذي دفع السلطات للبدء في تسليم مقار فيدرالية للحرس الوطني الذي ضم مؤخرا لصفوفه رجال شرطة متقاعدين استعدادا لأوقات تبدو ملتهبة وقاسية على الجميع
الدولار الأمريكي لا يبدو بخير وحتى لا يبدو مستقرا فبعض القوة التي أظهرها الأسبوع الماضي تتراجع كثيرا مع بداية تداولات هذا الأسبوع في مواجهة عملات دول متأثرة بالفعل بتجدد المخاوف من جائحة كوفيد 19، بينما لا تبدو وول ستريت في أفضل أحوالها حيث تستمر المؤشرات الأمريكية في نزيفها خلال نهاية الأسبوع الماضي ولا أحد يعلم كم من النقاط يمكن أن يخسر أي من المؤشرات الأمريكية مع افتتاح وول ستريت اليوم
ولا يبدو أن الديمقراطيين سيمثلون دور الطرف الهادئ هذه المرة حيث حثت هيلاري كلينتون المرشحة الرئاسية السابقة أمام دونالد ترامب والفائزة فعليا بأصوات الانتخاب الشعبي والخاسرة بأصوات المجمع الانتخابي، حثت بايدن على عدم القبول بالهزيمة إذا خسر الانتخابات واللجوء للمحكمة العليا والطعن عليها وهو أمر يبدو أن الديمقراطيين استعدوا له عبر الاتفاق مع محامين متخصصين في هذا الشأن
لذلك يبدو أن احتمالية عدم حصول الولايات المتحدة على رئيس جديد خلال هذا الأسبوع هي احتمالية كبيرة وفي حالة تحققها سنشاهد قفزات على الذهب وتراجعات واضحة للمؤشرات الأمريكية وإذا اندلعت أعمال عنف من الصعب السيطرة عليها فإن الذهب قد يتجه مباشرة إلى مستويات الـ 2000 بينما فقدان السيطرة على بعض الولايات قد يمنح الذهب ما يحتاجه ليسجل رقما قياسيا يتجاوز بقمة 2075
كل هذا سيثقل الأسواق وسينتج عنه تذبذبات حادة قد لا تفيد أحدا سواء مشتريا أو بائعا ويمكن أن نشاهد حالات من شح السيولة وتوسع السبريد وجابات سعرية غير مسبوقة تجعل من تفعيل وقف الخسارة أمرا مستحيلا، لذلك قد لا يكون هذا الأسبوع مناسبا للتداول بصورة عادية ومن الأفضل التريث كثيرا قبل اتخاذ القرار بفتح أي صفقة ولا يبدو بعيدا عن الأذهان ما حذرت منه جريدة ستار تريبيون من إمكانية تحول الأمر إلى حرب أهلية لا سيما مع الكم الهائل من السلاح المتاح للمواطنين وصور أنصار ترامب حاملين أسلحتهم علانية في مشهد لم تعتده الولايات المتحدة الأمريكية من قبل لا سيما أن داعمي دونالد ترامب المتمسكين بما يعدهم به من وقف الهجرة وحتى بعض الحديث العنصري الواضح قد يؤجج المشاعر لا سيما أنه أوضح وبشكل متكرر خلال الساعات الماضية أن الديمقراطيين سيزيدون من تدفق اللاجئين من سوريا والعالم الإسلامي بأكثر من 700 ضعف ما هي عليه الآن بعد القيود التي فرضها على عملية الهجرة لذلك تبدو المشاحنات القادمة آتية بشكل مصبوغ طائفيا وعرقيا بشكل واضح مع تنامي موجة وطنية يمينية تنظر لكل من يؤيد بايدن باعتباره خائنا للبلاد بينما الديمقراطيين من ناحيتهم لا يتوقفون عن الحديث عن الخطر الذي يتهدد الديمقراطية الأمريكية على يد دونالد ترامب.
لمتابعة المقالة الأصلية اضغط هنا