هل سيعود التضخم في 2021؟!

من أكبر الأسئلة التي تؤرق الاقتصاد حاليًا وتقسم العالم المالي بشكل قوي، هو ما إذا كان التضخم في طريقه للعودة. فحربنا ضد فيروس كورونا والإنفاق غير المحدود وضعا الاقتصادات المتقدمة (SE:2330) على مسار ارتفاع الأسعار على نطاق لم يسبق له مثيل منذ عقود، فهل حقًا سيعود؟!

» ما هي الدورة الاقتصادية؟
- لنفهم أولًا كيف يعمل الاقتصاد، ولماذا يٌتوقع ارتفاع التضخم بعد انتشار بيئة الفائدة السلبية والتي ستستمر معانا لعدة أعوام. البنك المركزي يُخفض الفائدة على القروض والتمويل لتحفيز الاقتصاد والاستثمار أوقات الأزمات، ومع مرور الوقت، يحدث توسع ونمو اقتصادي وزيادة أرباح، مما يتبعه زيادة في إنفاق المستهلكين. وهنا، تبدأ الأسعار في الارتفاع مع عودة دوران الاقتصاد، ويرتفع التضخم. فيرفع البنك المركزي الفائدة لكبح التضخم وسيطرة عليه، وهكذا.
لذلك، قد تواجه البنوك المركزية ضغوطًا لتقليص جهود الإغاثة من الوباء، وقيمتها حوالي 20 تريليون دولار وفقًا لبنك أوف أمريكا، إذا تسببت في ارتفاع الأسعار. إذ سيؤدي هذا الإنفاق الضخم إلى خفض قيمة العملات ورفع التضخم عالميًا.

» لماذا نعتقد أن التضخم سيعود للارتفاع مجددًا في 2021؟! الأسباب والبراهين:
1. المعروض النقدي: اتفق معظم المحللين بأن التحفيز النقدي والمالي غير المسبوق الذي شهدناه في 2020 وموجة طباعة الأموال التي أنشأتها الحكومات لمحاربة الوباء، ستؤدي في النهاية إلى ارتفاع الأسعار والتضخم في 2021.
2. عودة إنفاق الأسر: مع تلقي العديد من الأشخاص اللقاحات، ستتعافى معدلات الإنفاق وسيعود الاقتصاد للدوران جديًا في النصف الثاني من 2021. وحينها سيبدأ سيناريو ارتفاع الأسعار في التشكل مع زيادة إنفاق المستهلكين، مما سيدفع الاقتصاد والتضخم لأعلى. ولكن يظل هناك تخوفًا من عدم عودة الناس للإنفاق سريعًا على الرغم من إعادة فتح الاقتصادات وتوفير الظروف للخروج، إذ سيظلون حذرين وسيميلون للادخار.
3. سياسات البنوك المركزية التيسيرية: أحد الأسباب التي تجعل معظم المحللين يتوقعون ارتفاع التضخم هو ببساطة لأن البنوك المركزية، أكثر استعدادًا من أي وقت مضى للسماح له بالارتفاع.
4. العوائق أمام سلاسل الإمداد: هناك بالفعل دليل على أن الاضطرابات في سلاسل التوريد أدت إلى ارتفاع الأسعار مع نقص السلع والمنتجات المستوردة في البلاد. ففي الصين، مثلًا، تسارع تضخم أسعار المواد الغذائية في الأشهر الماضية، بسبب الضغط على الواردات من وراء توقف حركة السفر والتجارة بسبب الوباء.

» 4 أسباب وراء القلق من تسارع نمو التضخم في الولايات المتحدة:
- لا يتوقع أن يعود التضخم في الولايات المتحدة إلى هدف الاحتياطي الفيدرالي فوق 2% قبل 2023، (حاليًا عند 1.4%). ولكن هذا لا يعني أن اتجاه معدلات التضخم المنخفضة للغاية سيستمر طويلًا، فهناك عدة أسباب ستجعل التضخم الأميركي يعود تدريجيًا بسرعة أكبر، منها:
1. في مارس وأبريل الماضيين انخفضت الأسعار بشكل حاد مع ظهور فيروس كورونا، ومعه هبطت قراءات التضخم السنوية. ولكن بعد أبريل 2021، ستصبح هذه القراءات المنخفضة هي الأساس الجديد للمقارنة. ومع ارتفاع التضخم المتوقع، وستقفز المقاييس على أساس سنوي.
2. سيسمح توزيع اللقاحات والتطعيمات للناس بالعودة إلى أنماط الإنفاق العادية بحلول النصف الثاني من 2021. على أن تستعيد صناعة الترفيه والسياحة - بما في ذلك المطاعم والفنادق وشركات الطيران - بعض قوتها مع انتعاش الطلب.
3. لن تكون الشركات قادرة على تلبية الطلب المتزايد مع استمرار معاناتهم من تبعات الوباء، لذلك ستزداد قيمة المعروض المحدود من الخدمات.
4. عدّل الاحتياطي الفيدرالي سياسته النقدية بطريقة تسمح بارتفاع التضخم. يهدف البنك المركزي الوصول لمعدل التضخم 2٪ في المتوسط، مما يعني أنه يجب أن يتجاوز 2٪ لفترة طويلة لتعويض الأخطاء السلبية المزمنة التي تراكمت خلال العقد الماضي. ولن يرفع الفيدرالي الفائدة على المدى القصير حتى يحقق هدفيه وهما: العمالة القصوى بشكل مستدام، والتضخم إلى 2٪. ولن يستجيب البنك لكبح أي زيادة في التضخم حتى يتأكدوا من أنها مستمرة.

» تأثير ارتفاع التضخم على الدولار:
- ارتفاع أسعار السلع الأساسية مرتبط عكسيًا بهبوط الدولار. فارتفاع التضخم في النصف الثاني من 2021، سيؤدي إلى انخفاض الدولار، كما هو متوقع في 2021. ويحذر بنك أوف أمريكا (NYSE:BAC) من أن التحفيزات التي ستقدمها إدارة بايدن في وجود الموجة الديمقراطية الزرقاء قد يزيد من الضغط على الدولار وعلى الفيدرالي لبدء خفض برنامج شراء السندات في وقت لاحق من هذا العام.
وأخيرًا، لن يختلف الوضع كثيرًا عند البنك المركزي الأوروبي أو بنك إنجلترا، فكلاهما يريدان التضخم بالقرب من 2% أيضًا، وسيرحبان بأي علامات إيجابية تشير إلى بداية ارتفاع الأسعار. ولكن سيظل ارتفاع الإصابات واستمرار الإغلاقات العامة مع بطئ عملية توزيع اللقاحات أسبابًا في إعاقة هذه الأهداف.