لقد كان يوما تاريخيا في وول ستريت...
حيث اكتست وول ستريت باللون الأحمر، على جميع المؤشرات، والأسهم، دفعة واحدة يوم الجمعة الماضية في يوم إغلاق تداولات الأسبوع، والشهر في آن واحد!
حيث أنهت تعاملات اليوم، في نهاية الأسبوع على هبوط جماعي للمؤشرات الرئيسية.
حيث هبط مؤشر داوجونز بأكثر من 2% مع الإغلاق، متخليا عن الارتفاعات التي حققها طوال شهر يناير في يوم واحد!
كما هبط مؤشر ناسداك تقريبا بنفس النسبة، حوالي 2%
وهبط مؤشر S&P500 أيضا بما يقارب 2%
كما هبطت أسعار أسهم الشركات الأمريكية الكبري بشكل جماعي.
حيث خسر سهم شركة آبل (NASDAQ:AAPL) 3.75% من قيمته
ومثله سهم شركة أمازون (NASDAQ:AMZN) الذي فقد ما يقرب من 1% من قيمته
ولحق بهما سهم ألفابت المالكة للعملاق جوجل (NASDAQ:GOOG).
حيث خسر السهم 1.47% مع الإغلاق اليوم.
وحتى لا يطول الاستشهاد والصور نختم تلك القائمة بسهم فيس بوك (NASDAQ:FB) والذي انخفض ليخسر 2.52% من قيمته
وجاء سهم Johnson & Johnson في مقدمة الخاسرين.
حيث فقد السهم 3.56% من قيمته، في هذا الانخفاض.
الأزمة متشعبة بشكل كبير
كورونا
تسببت أزمة فيروس كورونا في أكبر هبوط جماعي في وول ستريت امتد من 20 فبراير 2020 وحتى 23 مارس 2020.
حيث دخلت الاقتصادات العالمية مرحلة كساد وركود جماعي، نجا منها القليل بنهاية العام، وظل الاقتصاد الأمريكي والأوروبي يعاني منها حتى اللحظة.
ومازالت رحلة البحث عن حلول مستمرة.
إلا أن سيل البيانات والأخبار المغلفة بالضبابية إن لم تكن سلبية عن كورونا ولقاح كورونا، والتي كان آخرها زيادة نسب التأخير في إنتاج لقاح COVID-19 والتي تحولت إلى خلاف بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي وصانعي الأدوية حول أفضل السبل لتوجيه الإمدادات المحدودة من اللقاح.
حيث عرضت AstraZeneca ثمانية ملايين جرعة إضافية من لقاح COVID-19 إلى الاتحاد الأوروبي بعد أن أعلنت بشكل غير متوقع عن خفض الإمدادات الأسبوع الماضي.
ليفاجئنا مسؤول في الاتحاد الأوروبي بتصريح لرويترز يوم الجمعة أوضح فيه أن هذه الكمية أقل بكثير مما وعدنا به والمتفق عليه مع الاتحاد أصلا.
وخبر اكتشاف أول حالات إصابة أمريكية في ولاية كارولينا الجنوبية يوم الخميس، بنسخة جديدة من COVID-19 آتية من جنوب إفريقيا، والذي وجد أنه مقاوم جزئيًا للقاحات وعلاجات الأجسام المضادة الحالية.
مازال هذا السيل السلبي مستمرا، وتأثيره امتد، واشتد خاصة بعد الإعلان عن ظهور تلك التحويرات الجديدة للفيروس والتي أدت إلى اتخاذ تدابير احترازية جديدة، اتسمت بالصرامة في الدول الأكثر تأثرا بالموجة الجديدة من الفيروس، والتي في مقدمتها قاطرات الاقتصاد الدولي، سواء في الاتحاد الأوروبي، أو الأمريكيتين!
مما صب في صالح إطالة فترات الإغلاق وعزز من فشل توقعات اقتراب الانتعاش الاقتصادي.
بيانات الفيدرالي باهتة وربما تصب الزيت على النار!
أدي عدم الوضوح الجازم في بيان الفيدرالي الأمريكي، بشأن التعامل مع الأزمة، وخطة التحفيز إلى تسرب شعور عام مفاده "نحن مقبلون على فترة سكون، لا نعلم ما الذي سيجري، ولا ما سيتم فعله، فقط سنضطر للتعامل بالتجزئة مع كل حالة، كرد فعل".
وهذا الشعور عزز الانطباع بأنه لا توجد حلول واضحة، إنما هي بيانات دبلوماسية في كلماتها، خاوية من الحسم.
وبالتالي التقليل من المخاطرة، وفقدان شهية المتداولين ورغبتهم في ضخ الأموال للاستثمار في المشتقات والأوراق المالية في سوق الأسهم، والتي أصبحت تحمل مزيدا من المخاطرة مع هذه المواقف والبيانات الضبابية، التي علي أقصي تقدير تنتظر مثل الجميع تغير الظروف للانتقال للخطوة التالية!
ارتفاع عوائد السندات والتضخم
ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية يوم الجمعة، بالتزامن مع نظيرتها في أوروبا، بعد أن أظهرت البيانات ارتفاع التضخم الشهر الماضي.
فقد ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات 3.8 نقطة أساس لتصل إلى 1.0808٪.
مما أوصل الفارق بين السندات لأجل سنتين و10 سنوات إلى 98.20 نقطة أساس، وهو الأوسع في حوالي أسبوع.
الدولار مازال يعاني الضعف
كان لقرار الفيدرالي بتثبيت الفائدة عند مستويات صفرية الأثر الأكبر على تحركات الدولار السعرية أمام العملات الرئيسية.
فعلي الرغم من ارتفاع عوائد السندات فقد نراجع مؤشر العملة الأمريكية ليومين متتالين، إلا أنه إيجابي إجمالا بالنسبة للأسبوع، ومع ذلك يظل دون مستوي بداية ديسمبر الماضي.
إلا أن العملات الرئيسية قد سجلت تحركات متباينة أمام الدولار يوم الجمعة.
حيث أغلقت عملات، الدولار الكندي والدولار النيوزيلندي واليورو على ارتفاعات.
بينما انخفضت عملات، الين الياباني والفرنك السويسري، والدولار الاسترالي، والجنيه الإسترليني.
كالعادة سار خام برنت في ذيل الركب مع مؤشرات وول ستريت، خاصة بعد سلسلة بيانات سلبية خاصة بمخزونات النفط الأمريكي، وتوقع تباعد فترة التعافي لمدة أطول، خفضت الطلب على الخام!
حيث ارتفع الذهب ليغلق عند 1847.37 دولار للأونصة.
والفضة عند 26.97 دولارا للأونصة
صخب وجدل كبير في وول ستريت
تسببت أزمة شركة Robinhood وسهم شركة GameStop في انقسام كبير داخل دهاليز وول ستريت، وإن كان تأثيره على خط سير الأحداث في اتجاه ما يريده الكبار لن يتأثر!
إلا أن الأزمة عززت الانشقاقات والتمرد، كذلك.
فبينما سعي كبار وول ستريت للحد من نشاط المضاربين والوسطاء الصغار، انتقد أبرز رجال الأعمال، إيلون ماسك أسلوب لجنة الأوراق المالية في التعامل مع الأزمة، ساخرا من أسلوب صناديق التحوط التي تريد فقط المكسب ولو كان على حساب تدمير الشركات الناشئة من خلال بيع أسهمها بكميات كبيرة، رغم أنها لا تملك تلك الأسهم في الأساس.
وهو أول انتقاد صريح لأسلوب البيع على المكشوف من أحد المديرين التنفيذيين لواحدة من أكبر الشركات ربحا في وول ستريت في 2020.
حيث قال في تغريدة له على تويتر: "لا يمكنك بيع منازل لا تملكها، لا يمكنك بيع سيارات لا تملكها... لكن يمكنك بيع أسهم لا تملكها، البيع على المكشوف عملية احتيال".
إلا أن الأزمة قد رسخت فكرة توجه أسعار الأسهم للارتفاع غير المبرر، مما يعزز من توقعات كثير المراقبين إلى أن سوق الأسهم يمر بأكبر فقاعة منذ أزمة 2008.
وعلق جيمس راجان James Ragan، مدير أبحاث إدارة الثروات في D.A. Davidson، قائلا: "إن ما حدث لسهم GameStop والأسهم الأخرى يعطينا بالتأكيد بعضًا من دواعي القلق، على الأقل، عليك أن تفكر في أن هناك فرصة للتصحيح في السوق، هذا يذكرنا بفقاعة الدوت كوم"!!
كما أشار أحدث استطلاع لمديري الصناديق أجراه BofA Global Research إلى أن المخصصات النقدية انخفضت بسرعة، مما يشير إلى أن المستثمرين يضعون المزيد من الأموال في الأصول ذات المخاطر العالية.
كما أن هناك ما يدعو إلي القلق بشأن الأسعار المبالغ فيها للأسهم الرخيصة، خاصة تلك التي تسببت في آخر ضجة في وول ستريت، ألا وهو أنه من الوارد جدا دخول صناديق التحوط علي الخط، وتحول استراتيجياتها للبيع علي المكشوف إلي الشراء وبكميات ضخمة لتغطية مراكزها المكشوفة وتعويض خسائرها، ولا يكون ذلك إلا بالدخول في الاتجاه مع رفع الأسعار لمستويات كبيرة جدا لضمان حدوث فارق إيجابي جيد، وهذا بالضبط ما حدث لأسعار تلك الأسهم.
حيث أغلق سهم غيمستوب كورب (NYSE:GME) الجمعة علي ارتفاع بنسبة 400%!!
إلا أن السيناريو القادم بالتأكيد لن يكون استمرار ارتفاع الأسهم بهذا الشكل، وستنفجر الفقاعة في وجه البقية!
يعزز هذا الرأي ما قاله أندرو ليفت، الموظف في Citron Research، أحد صناديق التحوط التي أطلقت شرارة تلك المعركة هذا الأسبوع مع صغار المتداولين على GameStop Corp، في مقطع فيديو على YouTube يوم الجمعة أن شركته لن تنشر بعد الآن أبحاث البيع على المكشوف.
هل ساهم المضاربون الصغار في كشف فقاعة حقيقية في سوق الأسهم الأمريكية؟
يبدو أن النشاط المتزايد لمستثمري التجزئة، الذين ساعدوا العام الماضي في دفع ارتفاعات أسهم شركة Tesla Inc وأسماء أخرى كثيرة، قد يكون أحد المؤشرات الجديدة التي يمكن منها قراءة تحولات السوق الكبيرة.
أقصد هنا ، الإشارة إلي وجود خلل جوهري في تقييم الأسهم، وأن ما يحدث من مضاربات كبيرة، ورفع لأسعار الأسهم بهذا الشكل، ما هو إلا مقدمة لفقاعة كبيرة ستنفجر في وجه الجميع عندما تهدأ الأسواق.
ومن المؤيدين لهذا التوجه، مايك مولاني Mike Mullaney، مدير أبحاث الأسواق العالمية في Boston Partners حيث قال: "عندما تفكر في فقاعات السوق، فإن آخر اللاعبين الذين يقفزون على متن الطائرة هم تجار التجزئة، وهذا ما يحدث عمومًا الآن". كما أشار آخرون إلى اضطراب السوق المحتمل في المستقبل.
حيث نجد أن Stephen Suttmeier، استراتيجي الأبحاث الفنية في BofA Global Research ، قد حث العملاء في وقت سابق من الأسبوع الماضي على "جني بعض الأرباح" قبل شهر فبراير، معللا ذلك بأنه شهر ضعيف نسبيًا بالنسبة للأسهم.
كما قال Scott Schermerhorn، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة Granite Investment Advisors، إن العلامات الأخرى المقلقة هي انفجار شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، أو SPACs ، والارتفاع في أسهم شركات السيارات الكهربائية في أعقاب مكاسب Tesla.
ليست فقاعة والوضع آمن
علي عكس الرأي السابق، والذي يعتقد بوجود فقاعة في وول ستريت، شكك المحللون في LPL Financial في أن الاضطرابات الأخيرة في GameStop وأسهم أخرى تشير إلى فقاعة سوق أوسع
مشيرين إلى أن عدد الأسهم المشاركة في الارتفاع يظل جيدًا وأن أسواق الائتمان تعمل "على ما يرام".
وقالت الشركة في تقرير يوم الجمعة "ربما حان الوقت للاستراحة بعد صعود ستاندرد آند بورز 500 الكبير!
علي كلٍ لا تصرح الأسواق عن وجود فقاعة
ولا يعرف الناس الانفجار وقت حدوثه، إنما بعد الانتهاء منه غالبا!
--------------------------------
ماجاء من تصريحات في هذا المقال لغير الكاتب مصدره: رويترز