لا تبدو الصورة واضحة بشكل كاف حول تحركات أزواج العملات والسلع، الذهب كان الأكثر تأثرا والأكثر إثارة للجدل على مدار الأيام الماضية بينما تثبت القاعدة القديمة القائلة بأن السر دائما في البساطة جدواها مرة أخرى
نعلم جميعا أن الولايات المتحدة الأمريكية مع الرئيس الجديد تتجه إلى منح حزم تحفيز كبيرة قد تستمر لفترة، ستحتاج الإدارة الأمريكية لتمويل ذلك بزيادة الدين عبر إصدار المزيد من الصكوك وأذون الخزانة بفائدة عالية نسبيا وهو ما يضعف الدولار الأمريكي على المدي البعيد
المفاجأة أن الدولار الأمريكي يبدو أقوي حاليا ويمكن ملاحظة أن الذهب يتراجع كثيرا أمام الدولار الأمريكي بينما يسجل مؤشر الدولار الأمريكي أرباحا بصورة دائمة منذ بدأ الحديث عن حزم التحفيز التي طالب بها الرئيس الأمريكي الجديد
لماذا؟
لدينا عدد من الأسباب يجب الاهتمام بها كالآتي:
أولا: حزم التحفيز تحتاج لبيع المزيد من السندات الحكومية، هذا البيع يتم بالدولار، وبفائدة عالية نسبيا، بالتالي سيتخلى المستثمرون عن حيازاتهم من العملات الأخرى إلى جانب تخليهم عن أصول الملاذ الآمن (ذهب – ين ياباني – فرنك سويسري) بينما يتجهون لشراء الدولار لتمويل شراء السندات الجديدة، هذا منح الدولار الأمريكي قوة واضحة خلال الأيام الماضية
ثانيا: النفط يبدو قويا حاليا لكنها احتفالية قد لا تدوم لذلك لا يجب التورط في الشراء من المستويات الحالية لأسباب، تراجعات النفط السابقة كانت على ضوء تراجع الطلب بسبب توقف السفر تقريبا بين دول العالم لذلك كان هناك عرض متزايد وطلب متراجع، حاليا لدينا تفاؤل بنجاح لقاح كورونا الجديد وهو ما يفسره المشترين بأنه سيدفع لزيادة الطلب على النفط، هذا تسبب في ترند صاعد لكن إلى متى، هل إلى قمة بداية عام 2020 التي وصل إليها النفط بسبب النزاع الأمريكي الإيراني؟ خلال أيام من هذا النزاع تراجع النفط سريعا إلى مستويات الـ 40 دولارا مرة أخرى، قد يكون هذا السيناريو منتظرا مرة أخرى وربما بشكل أعنف
ثالثا: هل الذهب بأسعار الحالية يمثل فرصة للشراء أم فرصة للبيع؟
لا ننسي أن الذهب حقق أعلى قممه التاريخية خلال فترة رئاسة دونالد ترامب منطلقا من مستويات الـ 1200 وصولا إلى حوالي 2075 خلال أقل من 4 سنوات بدأها مع بداية الإعلان عن فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية، صعود مستمر دون تصحيح تقريبا
حاليا كنا نحتاج لتصحيح عميق لموجة أربع سنوات من الصعود وكنا نحتاج سبب أو عامل يدفع الذهب للتصحيح
ويبدو أن الذهب وجد العديد من العوامل التي تساعده على التصحيح كالآتي:
نجاح واضح للقاح كورونا
انتهاء فترة الحرب الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية بصورتها العنيفة والمعلنة
برنامج التحفيز الأمريكي الجديد الذي خلق طلبا على الدولار الأمريكي
كل تلك العوامل منحت الذهب ما يحتاجه للبدء فيما يمكن أن نطلق عليه (موجة تصحيح دونالد ترامب العميقة)، الأسواق تحتاج للتنفس والحصول على استراحة محارب بعد 4 سنوات من اللهاث والرقص على أنغام تغريدات دونالد ترامب التي لا تتوقف، التصحيح الحالي سيستمر لفترة إلى أن تهضم الأسواق المتغيرات الجديدة، لكن تلك الفترة ستنتج ضحايا يخسرون الكثير عندما ينظرون إلى شارتات التداول والشموع دون النظر إلى (موجة تصحيح دونالد ترامب العميقة)