في ثلاث حلقات نعرض عليكم ملفا كاملا يخص أزمة تعطل قناة السويس وأثره على التجارة العالمية وأسواق النفط ضمن ثلاث حلقات منفصلة متصلة الأولي بعنوان أزمة تعطل قناة السويس.. من يدفع التعويضات، الحلقة الثانية بعنوان أزمة تعطل قناة السويس.. الرابحون من الأزمة كثيرون، والأخيرة بعنوان أزمة تعطل قناة السويس.. هل تنجح جهود تعويم السفينة الجانحة
ونبدأ من الحلقة الأولي أزمة تعطل قناة السويس.. من يدفع التعويضات
مع إعلان تعطل قناة السويس لفترة غير محددة بسبب جنوح الناقلة العملاقة إيفر جرين والتي تسببت في توقف المجري الملاحي الأهم عالميا للمرة الأولى منذ نهاية الحرب المصرية الإسرائيلية ثارت التساؤلات عن التعويضات الكبيرة المنتظرة ومن سيدفع تلك التعويضات ، وبينما من المنتظر أن تتشبث مصر باتفاقية القسنطينية التي تعفيها من دفع تلك التعويضات وتلقي بها على كاهل الشركة المالكة والمستأجرة للناقلة وشركة التأمين المؤمنة عليها ، فإن آلية العمل ونظام تناوب المرشدين في القناة من المنتظر أن يصبح على المحك في محاولة ملاك إيفر جرين لإلقاء عبء التعويضات على مصر
وفقا لاتفاقية القسطنطينية فإنه لا توجد اتفاقية تعاقدية بين مصر مالك الممر الملاحي وبين الشركة المالكة للناقلة ، ويتحدد دور مرشدي قناة السويس في توفير الإرشادات لطاقم عمل السفينة دون التورط في قيادة السفينة بشكل كامل وبذلك يصبح الأمر برمته منوط بمالك السفينة ، لكن حديث متواتر خرج مؤخرا عن آلية العمل مع كافة السفن العابرة للقناة تحدث فيه البعض لأحد قنوات التلفزيون الياباني عن دور مرشدي القناة في الأمر حيث كان من الواضح أن هناك تركيز على دور المرشدين ووصف المتحدثين دورهم بأنه لا ينتهي عند تقديم الإرشادات بل يتعدى ذلك للقيادة الفعلية للسفينة بمجرد دخولها المجري الملاحي وما يحتاجه ذلك من إعطاء الأوامر والتحكم في كافة الجوانب الملاحية إلى حين تسليم قيادة السفينة إلى الطاقم الأصلي قبل الخروج مباشرة من القناة
هو حديث لو صح قد يلقي على كاهل مصر المثقل بالأساس المزيد من الديون والتعويضات المستحقة لكثير من السفن وأصحاب البضائع وربما حتى لأصحاب وملاك إيفر جرين
من جانبه أعلن الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، في تصريحات تلفزيونية أن الهيئة ستدرس آلية تعويضات مناسبة للسفن، دون الإفصاح عن أية تفاصيل.
وبينما يأتي إعلان الفريق أسامة ربيع عن آلية التعويضات للسفن المتعطلة كإشارة إلى إمكانية تورط مصر في سداد بعض التعويضات فمن المرجح أن يطالب مالكو البضائع على متن السفينة وعلى السفن الأخرى العالقة في القناة بتعويضات من شركة التأمين على السفينة الجانحة
ويحاول الرئيس الحالي للاستشارات المتعلقة بالمخاطرة البحرية في شركة آليانز السيد راهول خانا فك الاشتباك المبكر بين المطالبين بالتعويضات حيث يشير راهول خانا إلى أنه في حالة ثبات براءة مرشدي القناة من الأمر فإن قناة السويس قد تطالب أيضا بتعويضات عن “الأضرار التي لحقت بالمجرى الملاحي”.
نظريا تبدو هيئة قناة السويس في الموقف الأقوى قانونا محتمية باتفاقية القسطنطينية التاريخية الموقعة عام 1888 بشأن حرية الملاحة في قناة السويس، والتي لا تنص على تقديم القناة أي تعويضات للسفن العابرة كما أن اللائحة المنظمة لعبور السفن تنص على أن طاقم السفينة هو المسؤول بالكامل عن قيادتها داخل المجرى الملاحي، ويقتصر دور المُرشد المكلف من قناة السويس على تقديم إرشادات للعبور واعتبار رأيه استشاريا
عمليا قد يلجأ ملاك الشركة والمستأجرين وحتى شركة التأمين لمحاولة إثبات انغماس مرشدي القناة في قيادة السفينة بمجرد دخولها المجري الملاحي ، ما استشهدوا به في آخر حديث متلفز كان يتحدث عن أن (هذا ما يحدث) مشيرين إلى أن المرشدين يهرعون للسفن العابرة بمجرد دخولها المجري الملاحي ومن ثم لغرفة القيادة بينما لو كان دورهم استرشاديا فكان يمكن أن يمارسوا ذلك عبر إرشادات المرور اللاسلكية لكن حتى الآن فنحن تحدثنا عن الخاسرين فقط وهم قناة السويس التي تعطلت بالكاملة لأول مرة منذ عقود ، ومالك السفينة والمستأجرين وحتى شركة التأمين التي تولت التغطية التأمينية للسفينة والتي قد تصبح مطالبة بمبالغ كبيرة للغاية خلال الأيام القادمة ، وهي أزمة إلقاء مسؤولية قد تصل للتحكيم الدولي في النهاية، لكن على الجانب الآخر هناك رابحون من الأزمة وهو موضوع الحلقة التالية.