لا تتعجب من اسم المقال، فهو ليس موجهًا لمن يبحث عن الربح بل لمن يبحث عن الخسارة، ولن أطيل عليك عزيزي المتداول الباحث عن الخسارة، فهيَّا بنا لقصة متداول باحث عن الخسارة.
قام أحد المتداولين بعد أن تعلم على حساب تجريبي بإيداع مبلغ 1000$ كي يبدأ رحلته في الفوركس، لكنه تفاجأ بأن مشاعره وسلوكه في الحساب التجريبي مختلفة تمامًا عن مشاعره وسلوكه في الحساب الحقيقي، مع أن المبلغ الذي تم إيداعه هو ذات المبلغ الذي تعلَّم عليه بالحساب التجريبي، ففي الحساب التجريبي كان يحلل الرسم البياني ويحدد وقف الخسارة بدقة بعد الدعم أو المقاومة بنسبة بسيطة تحسبًا للاختراقات الكاذبة، أما جني الربح فكان العكس كان يضعه قبل الدعم أو المقاومة بنقاط بسيطة خوفًا من عدم مقدرة السعر للوصول إليه، وكان يعود بنهاية اليوم ويجد أنه ربح ربحًا وفيرًا، لكن ما الذي اختلف معه في الحساب الحقيقي؟
في الحساب الحقيقي اختلف سلوكه كليًا فكان لصيقًا للشاشة وبمجرد أن رأى الصفقة ربحت ولو قليلًا كان يغلقها على الفور، لكن ماذا عن الخسارة، كان يتابع الخسارة بحرقة مع أنه حدد وقف الخسارة، ومع كل تحرك معاكس لتحليله كان يشعل سيجارة تلو الأخرى ويفكر، هل أسحب وقف الخسارة للأعلى قليلًا (في حالة البيع مثلًا)؟
ليقوم بالنهاية بسحبة ويخترق السعر منطقة المقاومة ويقترب من نقطة وقف الخسارة الجديدة يعاود سحبه للأعلى مجددًا، ليقرر بنهاية المطاف إغلاق الصفقة بعد أن تعظَّمت الخسائر.
ودعنا نلقى نظرة على حساب صديقنا الذي ضاع بأقل من شهر، كانت أول عملية يقوم بها صديقنا في حسابه الحقيقي هي شراء الجنيه الإسترليني مقابل الدولار من منطقة 1.4015 وكان حجم العقد 0.1 هو داخليًا يعرف أن منطقة 1.4000 منطقة دعم قوية جدًا، لكنه لم يشتري ويحدد أمر وقف الخسارة أسفل 1.4000 كما كان سيفعل لو كان حساب تجريبي بل تركها دون وقف خسارة وأخذ يتابع حركة السعر وهو ملاصق للشاشة، وبمجرد ربح 20 دولار أغلق الصفقة خوفًا من الهبوط، أغلقها وأصبح بحساب صديقنا 1020$ غاب (NYSE:GPS) لساعات وعاد ليتفاجأ بأن الجنيه الإسترليني وصل إلى 1.4092 فندم وقرر الشراء، لكن بعد متى يا صديقي فالسعر عاد للتراجع وبمجرد رؤية مبلغ 50 بالأحمر خاف وأغلق الصفقة لكن للأسف عاد وصعد مجددًا، بقي في حساب صديقنا 970$ قال لنفسه: ماذا عن الذهب والنفط؟
قرر الدخول في الذهب، وكانت توصيات الخبراء بأن الذهب سيخترق 1800 بسبب عدة عوامل لكنه قال لنفسه: لقد ارتد السعر عدة مرات قبل أن يلامس 1800 وستكون فرصة ذهبية للبيع، وجلس أمام الشاشة وبمجرد وصول السعر إلى 1790 باع بحجم عقد 0.1 (مع أنه كان يتداول بالتجريبي على الذهب بحجم عقد 0.05) وحدد وقف الخسارة عند 1805 لكن للأسف شمعة خضراء طويلة تخترق 1800 بشكل سريع وتلامس وقف الخسارة متجهة إلى 1813 ليصيبه الذهول ويتبقى برصيده 820$ أخذ يدخن ويفكر كعادته ورأى بأن سعر الذهب بدأ يسير باتجاه عرضي بين 1810 إلى 1818 وقال لنفسه لا بد أن يعود لمنطقة 1800 وقام بالبيع من 1817 بحجم عقد 0.1 وحدد 100 دولار كخسارة هبط السعر إلى 1812 وصديقنا ظن أنه في طريقه إلى 1800 كما توقع، لكن للأسف شمعة خضراء طويلة باتجاه 1843 ارتبك صديقنا بعد أن تبقى بحسابه 720$ فقرر هذه المرة مضاعفة العقد بعد أن وجد أن الذهب غير قادر على اختراق 1843 وقرر البيع من منطقة 1841 مع وقف خسارة 1846 بحجم عقد 0.2 وهذه المرة حالفه الحظ وهبط إلى 1818 لكنه خرج من 1821 بمكسب 400$ ليصبح حسابه 1020$ مجددًا.
قرر صديقنا العودة لزوجة المفضل الجنيه الإسترليني ووجده السعر 1.4210 وقال لنفسه، يُقال في المنتديات أن الجنيه الإسترليني سيصل إلى 1.4400 إذا اخترق 1.4200 لذا قام بالشراء بحجم عقد 0.1 وارتفع السعر نحو 1.4230 بربح 20 دولار لكنه قرر مواصلة الطريق أمام الشاشة إلى 1.4300 كما توقع كهدف أولي، لكن لسوء الحظ عاود السعر الهبوط إلى 1.4210 بشمعة انعكاسية وقال ليتني أخذت ال 20$ لم يتصرف صديقنا بحكمة عندما رأى الشمعة الانعكاسية وخرج من الصفقة بخسارة لا تتجاوز 2$ بل أصبح الأمر عناد ليهبط السعر إلى ما دون 1.4200 وبقي مراقبًا للخسارة حتى أغلقها بنفسه بخسارة 75$ لأنه خاف أن يكسر دعم 1.4100 ليصبح رصيده 945$ إلى أن جاء اليوم الذي كلفه الكثير، إذ قرر دخول صفقة شراء نفط بعد أن قرأ أن الطلب على النفط بارتفاع وتم تخفيف القيود في عدد من البلدان، والمنتديات التي يتداول فيها أعضاؤها بأن النفط في طريقه ل 70$ للبرميل ونصائح من الأعضاء بشراء كل انخفاض، لذا قرر الدخول كي لا تفوته الفرصة ودخل بصفقة شراء بحجم عقد 0.5 ومن منطقة أقل ما يمكن وصفها بأنها من أسوأ مناطق الشراء حيث كان السعر قريبًا للمقاومة القوية 67 حيث اشترى من سعر 66.9 ياله من خطأ كارثي يا صديقي، وقد حدد صديقنا وقف الخسارة عند 65.90 قائلًا لنفسه: من المستحيل أن ينزل عن 66 وظن أنه رابح لا محالة، لكن وللأسف هبوط حاد لامس وقف الخسارة وما دون ذلك بكثير، وهنا كانت خسارته 500$ مرة واحدة، وتبقى برصيده 445$ لتبدأ من هنا مرحلة التخبُّط في اتخاذ القرارات، ما هذا يا صديقي أتشتري من هذه المنطقة وبحجم عقد بهذا الحجم؟
قرر مجددًا العودة إلى الإسترليني دولار وجد أنه قام ببناء قاعدة دعم قوية عند مستويات 1.1430/40 وقرر التعويض بالدخول بحجم عقد 0.3 وحدد وقف خسارة 1.4125 واتجه السعر نحو الأعلى وقرر الخروج من 1.4150 بربح 60 دولار ليصبح رصيده 505$ وقرر العودة للنفط ليثأر منه، دعونا نلقى نظرة على تداولاته في النفط، وجد صديقنا أن النفط قام ببناء قاعدة دعم قوية عند سعر 63 حيث لم يستطع النفط كسر هذا السعر لأكثر من 6 ساعات وقال: لن يستطيع الكسر وقام بالشراء من سعر 63.10 بحجم عقد 0.2 ولم يحدد وقف خسارة ولا جني ربح كونه يريد المتابعة بشكل مباشر وصعد النفط إلى 63.60 وكان ربحه 100$ لكنه لم يكتفي بها ولم يغلق جزء من العقد لضمان الربح وتحديد وقف الخسارة لنقطة الدخول، بل فضل الانتظار لمزيد من الصعود، لكن حصل ما لم يكن في الحسبان، هبوط حاد ليتحول ربح 100$ إلى خسارة 100$ وصار يقول ليته يعود إلى 63 ولا أريد ربحًا لكنه السعر واصل الهبوط ليغلق على خسارة 150$ ويصبح رصيده 355$ وبدأت مرحلة التداول بلا وعي معه وقام بشراء الذهب بحجم عقد 0.1 كون الكل أجمع على صعود الذهب فنيًا وأساسيًا ليبدأ الذهب بالتصحيح وأغلق الصفقة بخسارة 60$ لكن السعر عاود الارتفاع بعد التصحيح لينزل رصيد حسابه عن 300$ (ماذا لو انتظرت يا صديقي؟).
وهنا قرر المضاربة اللحظية حيث يأخذ ربحه ويخرج مباشرة مع تحديد أمر وقف خسارة ضيق جدًا حيث بدأ العمل على فريم الدقيقة والخمس دقائق قائلًا لنفسه: 5 أو 10 دولارات ليس بتلك الخسارة، لكن مع عدد من التداولات المتتالية التي لامست فيها وقف الخسارة بين 3 و 5 و 10 دولار مقارنة مع ربح زهيد 1 و 3 دولار كان مجموع خسائره اليومية من هذا التداول 80$ ليفقد الثقة بنفسه ويقوم ببيع الذهب دون تحديد وقف خسارة قائلًا لنفسه حان وقت الهبوط، لا بد أن يهبط، لا يمكن أن يصعد دون هبوط راميًا بالنصائح والتحليلات عرض الحائط لينطلق الذهب متجاوزًا ما تبقى من رصيده وتم إغلاق الصفقة آليًا، وبهذا انتهت رحلة صديقنا في عالم الفوركس بسبب عدم إلتزامه كما كان في الحساب التجريبي وقيامه بالتداول بحجم عقد كبير مقارنة بحسابه والأهم عدم الاعتماد على تحليله الشخصي بعد أن أصبح يتداول بحسابه الشخصي، وبدأ يتخبط ويتوه جرَّاء متابعته للمنتديات.
آمل أن تأخذ قصة صديقنا عبرة على أن نلتقي بمقال آخر عن صديق آخر مختلف تمامًا، صديق استطاع تنمية مبلغ شحيح إلى مبلغ ممتاز للتداول.