شهدت الجلسة الأسيوية مزيد من التراجُعات داخل أسواق الأسهم الأسيوية هبط معها مؤشر نيكاي 225 الياباني ل 27765 خاسراً أكثر من ألف نُقطة إلى الآن مع انخفاض العقود المُستقبلية لمؤشرات الأسهم الأمريكية ليهبط مؤشر ستاندارد أند بورز 500 المُستقبلي ل 4137.2 إلى الآن، كما هبط مؤشر ناسداك 100 المُستقبلي لحدود مُستوى الـ 14000 النفسي، كما تواصل هبوط داوجونز المُستقبلي ليصل ل 33025 إلى الآن بعد تسارع في الانخفاض في آخر ساعات تداول الأسبوع الماضي وضعه تحت ضغط فني على المدى القصير في بداية هذا الأسبوع.
بينما عاود الدولار ضغط على اليورو ليهبط زوج اليورو أمام الدولار مرة أخرى للتداول بالقرب من 1.1850، كما انخفاض الجنيه الإسترليني ل 1.3785 أمام الدولار الذي تراجع ل 109.70 أمام الين المُستفيد الأكبر من تجنُب المُخاطرة في بداية الأسبوع نظراً لكونه عملة تمويل مُنخفضة التكلفة يُفضل بيعها للإقبال على المُخاطرة وشراؤها عن تجنُبها، بينما وضع هذا التقدُم للين أسهم شركات التصدير اليابانية تحت مزيد من الضغط لاضعافه تنافُسية مُنتجات هذه الشركات.
بعد تزايدت الضغوط على شهية المُخاطرة وعلى مؤشرات الأسهم الأمريكية بتصريح جيم بولارد مُحافظ الاحتياطي الفيدرالي عن ولاية سانت لويز أنه من الممكن مع تواصل ارتفاع التضخم أن يلجأ الفدرالي للبدء برفع سعر الفائدة العام القادم.
بعدما سبق وقام أعضاء لجنة السوق يوم الأربعاء الماضي عقب اجتماعهم بشأن سعر الفائدة برفع مُتوسط توقعهم بالنسبة للنمو مرة أخرى ليكون ب 7% هذا العام من 6.5% كانوا يتوقعونها في مارس الماضي نتيجة لخطة بايدن لمواجهة الفيروس بما قيمته 1.9 ترليون دولار التي تم تمريرها قبل اجتماع مارس، بعدما كانت تُشير هذه التوقعات ل 4.2% عقب اجتماع السادس عشر من ديسمبر الماضي.
كما رفع أعضاء اللجنة توقعهم بالنسبة للتضخُم ليبلُغ مُؤشر الأسعار للإنفاق الشخصي على الاستهلاك المؤشر المُفضل للفدرالي لاحتساب التضخم 3.4% هذا العام من 2.4% كان يتوقعها الأعضاء في مارس الماضي لكن مع وصف الصعود الجاري في بيانات التضخُم السنوية بالاستثنائي، إلا أن ذلك لا ينفي إدراكهم بتزايُد صعود التضخم مع مرور الوقت بفضل التطعيم ضد الفيروس والجهود المبذولة من جانب الفدرالي والحكومة أيضاً كما يتضح من تصريحات جيم بولارد.
ما أدى بطبيعة الحال لقيام الأعضاء برفع مُتوسط توقعاتهم بشأن سعر الفائدة الذي كانت تترقبه الأسواق ليصل ل 0.5% خلال 2023، بعدما كانت تُشير توقعاتهم بعد اجتماع مارس لعدم الرفع قبل نهاية 2023 وهو ما يعني بالتأكيد أن اللجنة ستقوم بتخفيض دعمها الكمي البالغ مُعدله الشهري حالياً 120 مليار دولار في وقت أقرب مما كانت تنتظر الأسواق.
كما سبق وبدأت اللجنة من قبل بخفض مُعدل الدعم الكمي قبل البدء في رفع سعر الفائدة في السادس عشر من ديسمبر 2015 في دورة صعود وصلت به ل 2.25% في 26 سبتمبر 2018 في عهدة رئيسة الفدرالي السابقة وسكرتيرة الخزانة الحالية جانت يلن التي جاء عنها الشهر الماضي "أنه سيكون هناك احتياج لرفع سعر الفائدة للحد من زخم الأداء الاقتصادي وصعود التضخُم".
بينما أدى تواصل عمل هذه السياسة إلى بلوغ حجم ما تحتويه الميزانية العمومية للفدرالي من أصول مُستوى قياسي جديد في السابع من يونيو الجاري بما قيمته 7.952 تريليون دولار، بعدما كانت قيمة ما لديها من أصول 4.160 في فبراير من العام الماضي قبل بدء تعامل الفدرالي مع الأزمة الاقتصادية التي سببها فيروس كوفيد-19 بخفض سعر الفائدة بشكل مُتسارع بواقع ب 0.5% في الثالث من مارس من العام الماضي أتبعها في الخامس عشر من ذلك الشهر بخفض أخر بواقع 1% ليهبط مرة أخرى سعر الفائدة ما بين الصفر وال 0.25%
بعدما قام بالفعل خلال 2019 بخفض سعر الفائدة ثلاث مرات مُتتالية بواقع 0.25% في كل مرة بدايةً من نهاية يوليو 2019 حتى نهاية أكتوبر 2019 ليهبط لـ 1.75% من أجل مواجهة الأثار السلبية المُترتبة عن حروب الولايات المُتحدة التجارية خاصةً مع الصين.
كما عاود الفدرالي في مارس من العام الماضي اللجوء لسياسية الدعم الكمي وبشكل لامحدود وصل بمُعدل شراؤه الشهري لمُعدل ال 120 مليار دولار الحالي من أجل توفير السيولة بأقل تكلفة ممكنة لدعم الاقتصاد من خلال شراء إذون خزانة أمريكية وأصول مالية على أساس عقاري مع استمرار إعادة شراء ما لديه من إذون خزانة عند استحقاقها حتى تخطي الأزمة.
كما قام أيضاً وبشكل غير مسبوق بعرض توفير السيولة المطلوبة من بنوك مركزية أخرى بضمان ما لديها من إذون خزانة لتجاوز الأزمة ومنع تفاقمها لتصل لأزمة سيولة تضُر بالقطاع المالي والبنكي وهو ما أعلن عن نهاية العمل به مع نهاية هذا العام عقب اجتماع اللجنة يوم الأربعاء الماضي، كما أعلن عن رفع الفائدة التي يدفعها عن الودائع الاحتياطية لديه من 0.10% ل 0.15%.
بعدما سبق وأعلن بداية هذا الشهر عن استغنائه عن العمل ببرنامج شراء سندات الشركات والأوراق المالية الخاصة بصناديق الاستثمار المتداولة والذي امتلك من خلاله الفدرالي ما قيمته 13.6 مليار دولار من أجل دعم الاقتصاد، فيما وصف بأنه تمهيد من جانبه للقيام بخطوات أكبر وبأدوات أقوى من أجل احتواء الضغوط التضخُمية للأسعار.
بينما تنتظر الأسواق يوم غد بإذن الله حديث أخر عن رئيس الفدرالي جيروم باول قد يأتي بجديد عن توقعه لمُستقبل سعر الفائدة والدعم الكمي في الولايات المُتحدة بعدما جاء عنه خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب اجتماع أعضاء لجنة السوق "أن الفدرالي يرى تقدم إسراع من المُتوقع نحو بلوغ أهدافه داخل سوق العمل وبالنسبة للتضخُم الذي تتزايد فُرص ارتفاعه مع عودة الاقتصاد للعمل بفضل التطعيم ضد الفيروس والسياسات التحفيزية التي قام بها الفدرالي وهو ما جعل الأعضاء يبدأون في نقاش قد يستمر لأشهر حول تناسُب خطة الدعم الكمي ومُعدلاتها مع التقدُم الذي يُحرزه الاقتصاد".
كلمة "نقاش" ذكرها باول بالاسم تحديداً ليُعبر عما يدور حالياً داخل اللجنة للأسواق بعدما أظهرت وقائع الاجتماع الأخير في 28 إبريل الماضي احتمال بدء هذا النقاش في الاجتماعات القادمة مع استمرار تعافي الاقتصاد وتحسُن أدائه.
بينما كانت رسائل باول التي تبعت اجتماع الثامن والعشرين من إبريل الماضي مُباشرةً تُشير إلى "أن الحديث عن خفض للدعم الكمي هو حديث سابق لأوانه ومُعلق بوصول الفدرالي لأهدافه داخل سوق العمل وبالنسبة للتضخم"، كما أوضح حينها أيضاً أن الفدرالي لن يقوم بتضييق سياساته الحالية دون إحراز تقدُم كبير في هذا الشأن".
بالتأكيد هناك اختلاف كبير في موقف الفيدرالي ورئيسه بين الاجتماعين وهو ما أدى لما رأينا منذ انتهاء اجتماع الأربعاء الماضي من صعود للدولار وانخفاض لمؤشرات الأسهم الأمريكية التي استفادة بشكل كبير من دعم الفدرالي وسياساته التحفيزية الاستثنائية.
بينما يُنتظر أن تظل الأسواق مُعلقة بتوقعات خطوات الفيدرالي القادمة في الفترة القادمة مع التركيز على بيانات التضخُم وسوق العمل ومع عدم وجود بيانات اقتصادية ذات وزن نسبي مُرتفع من المُنتظر صدورها من الولايات المُتحدة إن شاء الله قبل يوم الخميس القادم الذي سيصدُر فيه القراءة النهائية لبيان إجمالي الناتج القومي الأمريكي عن الربع الأول من العام والمُنتظر عدم تغيُرها عن القراءة الثانية والقراءة الأولى لتُظهر مرة أخرى نمو سنوي ب 6.4%، بعد نمو ب 4.3% في الربع الرابع من العام الماضي.
للإطلاع على المزيد يُمكنك مُشاهدة الفيديو مع رسوم بيانية توضيحية لحركة الأسعار:
خبير أسواق العملات والمعادن/ وليد صلاح الدين محمد