تتعرض أسعار الذهب والفضة لضغوط متتالية، تجبرها على التحرك في نطاق سعري ضيق لليوم الثامن على التوالي، بعد الهبوط الكبير الأسبوع قبل الماضي.
حيث سجلت أسعار الذهب تراجعات وصلت إلى 1768.50 وقت كتابة التقرير.
- مازال الدولار الأمريكي يتمتع بقوة مصدرها الفعلي، والحقيقي زيادة الطلب على العملة بسبب ارتفاع أسعار النفط، وهي العلاقة المستمرة منذ سبعينيات القرن الماضي، والتي تدعم قوة الدولار بشكل كبير أثناء الأزمات المالية، وتعزز من قوته أمام سلة العملات الأهم عالميا، حيث ارتفع مؤشر العملة لليوم الثاني على التوالي، حتى كتابة التقرير، ليصل إلى 91.94، أمام العملات الست الرئيسية في المؤشر، وهي بالترتيب حسب نسبتها بالمؤشر: اليورو الأوروبي، والين الياباني، والجنيه الإسترليني، والدولار الكندي، والكورونا السويدية والفرنك السويسري.
- وهذا يضع الأسواق في حالة ارتباك، حيث على الرغم من استمرار برامج التيسير الكمي، وارتفاع التضخم، والفائدة المتدنية، وكلها أسباب تضعف العملة لا محالة، وبالتالي تدعم ارتفاع الأصول، والذهب خصوصا، إلا أنه لم يرى تأثير ذلك على الذهب، فالدولار مازال يرتفع أمام الذهب بشكل غريب ليعود للأذهان سؤال مهم: هل فقد التضخم تأثيره على قوة الدولار؟
وهذا مستبعد تماما، فالتضخم يعني ارتفاع الأسعار، يعني فقدان العملة لقيمتها، وقوتها أمام السلع، وهذا حادث والبيانات تقول ذلك بشكل صارخ.
وهذا يقودنا للسؤال التالي: فلماذا ينخفض الذهب إذن طالما الدولار يفقد قيمته والتضخم يرتفع؟!
- الإجابة تكمن في "سوق الأصول الافتراضية"، والتي أصبحت المسعر الحقيقي للأصول، والسلع نتيجة السيولة الهائلة التي تضخ هناك، وكم المضاربات الخرافي الذي يتلاعب بالأسعار صعودا وهبوطا بشكل مبالغ فيه.
حيث تمثل العقود الآجلة، والخيارات أداة التسعير الحقيقية، بعدما أصبحت السوق الحقيقي تتأثر بها بشكل كبير.
لا نغفل كون مالكي السيولة في سوق الأصول، هم أنفسهم محركي السيولة في السوق الافتراضية!
إن حجم العقود التي تتم على السلع في أسواق المشتقات "الأصول الافتراضية" يفوق عشرات المرات حجمها في السوق الحقيقية، ويصبح جنونيا مع إضافة الرافعة المالية.
والملاحظ أن العقود الآجلة تتجه لتسعير الذهب دون مستويات الأسعار الحالية، وهوما يطلق الشرارة للأسواق الحقيقية نحو مجاراة التسعير الافتراضي، وفرض الأسعار المخفضة على الذهب حالا!
- ربما تكون بيانات سوق العمل الأمريكية لها رأي آخر، وربما تتفاعل معها الأسواق بشكل غير متوقع، كما حدث مع شهادة جيروم باول الأسبوع الماضي، وكما حدث مع بيان السياسة النقدية في الأسبوع الأسبق، وهبط الذهب رغم عدم وجود مبررات منطقية لهذا الهبوط، حتى الآن!
- طالما ظلت نبرة التقليل من خطر التضخم، ووصفه بالعابر فستظل الحركة السعرية للذهب والفضة عموما غير متناسقة مع الوضع المالي والاقتصادي الحقيقي، فالأسواق لا يهمها سوى توجهات الفيدرالي، أيا كان الوضع الاقتصادي.
لكن هذا لا يعني أن الفيدرالي لديه صلاحية تامة للتلاعب بالأسواق عبر الإيحاءات المتكررة، فإذا انفجر الوضع، وخرجت الأمور عن السيطرة، وتفعلت المؤشرات السلبية على أرض الواقع حقيقة، فستتحرك الأسواق بشكل لا يحبه الفيدرالي، ولا يرغب فيه!
أما من الناحية الفنية
- فمازالت التحركات السعرية عرضية، مع استمرار تحرك السعر أعلى الدعم 1755، مع الارتداد من نسبة فيبوناتشي الذهبية %61.8.
- مازالت المؤشرات تبحث عن اتجاه، حيث حاول مؤشر القوة النسبية اختراق مستوى 50 على الإطار الزمني 4 ساعات لأعلى أكثر من مرة، مع وصوله لتشبعات بيعية قوية على اليومي.
- تميل المؤشرات للاتجاه السلبي بشكل واضح، لكن لا توجد إشارة قوية لهبوط كبير حتى الآن.
- ولذلك فمن المرجح التوجه لاستئناف الصعود، طالما ظل السعر أعلى 1755، وعدم اختراقها بشكل واضح.
حيث يمثل اختراق مستوى 1755 لأسفل توجه الأسعار لمزيد من الهبوط لمستويات أدنى بكثير، قد تتجاوز 1650 دولارا للأونصة.
طاهر مرسي
قسم أبحاث السوق