نبدأ الأسبوع الجاري بتحركات قوية في الأسواق يشوبها حالة من الترقب الكبير لمجموعة واسعة من الأحداث والبيانات والافصاحات التي يمكن أن تكون محورية في تحرك الأسواق خلال الفترة المقبلة.
حيث يشهد هذا الأسبوع مجموعة كبيرة من الافصاحات من قبل شركات أمريكية عن نتائج أعمالها في الربع الثاني وهو ما انعكس الأسبوع الماضي على تحركات أسواق الأسهم ودفعها للارتفاع بقوة إلى مستويات تاريخية جديدة شهدنا خلالها مؤشر داو جونز الأمريكي يتخطى مستوى 35 ألف نقطة للمرة الأولى في تاريخه.
هذه الافصاحات التي جاء بعضها الأسبوع الماضي ليظهر نتائج أفضل من المتوقع في شركات التكنولوجيا بعد الافصاحات القوية من تويتر وسناب شات واللتان كانتا سببا في دفع الحالة الإيجابية في الاسواق وبشكل عام على شركات التكنولوجيا ورفعت التوقعات في إعلانات أرباح لشركات تكنولوجية أخرى خلال الأسبوع الجاري حيث نترقب إعلانات أرباح من كل من الفابيت وهي الشركة الأم لمحرك البحث جوجل (NASDAQ:GOOG) وكذلك فيسبوك (NASDAQ:FB) وأمازون (NASDAQ:AMZN) وآبل (NASDAQ:AAPL) وتسلا (NASDAQ:TSLA) وغيرها من الشركات حيث نترقب اعلانات من 165 شركة مدرجة ضمن مؤشر اس اند بي 500 وهو ما يجعل هذا الأسبوع من أكثر الأسابيع المكتظة بإعلانات الأرباح لهذا الموسم.
ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل أن هناك العديد من البيانات الاقتصادية تحت المجهر حاليا والتي سيتم الإعلان عنها هذا الأسبوع، حيث سنترقب اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية يوم الأربعاء والتي قد لا نشهد فيها فعليا أي خطوة من قبل الفيدرالي ولكن الترقب سيكون للهجة الفيدرالي وأي تلميحات حول موعد بدء تقليص برنامج شراء السندات أو ما يعرف بالتيسير الكمي والذي يمكن أن يكون بداية للتحول في السياسة النقدية للفيدرالي الأمريكي وهو ما قد يجعل يوم الأربعاء يوما من الأيام ذات التقلبات القوية للغاية.
كذلك تأتي بيانات النمو الامريكية يوم الخميس والتي من الممكن أن نشهد معها وصول النمو الأمريكي إلى قمة للفترة ما بعد جائحة كورونا في ظل استفادة الاقتصاد الأمريكي الكبيرة من السياسات التيسيرية القوية التي اتبعها الفيدرالي الأمريكي بالإضافة إلى استفادته من الزيادة الكبيرة في الإنفاق الحكومي الأمريكي ضمن السياسة المالية الأمريكية.
ويأتي يوم الجمعة أيضا ببيانات لا تقل أهمية عما سبقها بإعلانات بيانات الإنفاق الشخصي والتي تعتبر مؤشرا محببا للفيدرالي الأمريكي لقياس التضخم والذي يعتبر بدوره محوريا في التأثير على قرارات الفيدرالي الأمريكي لسياسته النقدية ومدى خطورة مستويات التضخم والتي لمرحلة معينة يمكنه التغاضي عنها ولكن في حال زيادتها بشكل كبير فإنها قد تكون مؤشرا لتحول في دورة الأعمال قد تدفع بالاقتصاد للتحول من الانتعاش إلى الركود وهو ما قد يستوجب معها تدخل للفيدرالي بسياسة تشددية سواء بتقليص أو إنهاء برنامج شراء السندات ومن ثم البدء في رفع اسعار الفائدة.
كل هذا يصاحبه تجدد في التوتر في العلاقات الامريكية الصينية وكذلك مخاوف من تأثير انتشار متحور دلتا الذي اثبت سرعة انتشاره بشكل كبير وهو ما قد يعيدنا الى مربع مخاطر انتشار كورونا من جديد وما قد يصاحبه من إجراءات إغلاق وتأثيرات على أداء الاقتصاد العالمي خاصة في ظل الكوارث الطبيعية التي تمر بها انحاء كبيرة من العالم من فيضانات قوية وأعاصير تسببت بخسائر ضخمة وهو ما قد ينعكس سلبا أيضا على أداء الاقتصاد العالمي خلال الفترة المقبلة.
من خلال ما سبق نرى الاهمية الكبيرة لهذا الاسبوع وما يمكن أن نشهده من تقلبات قوية، حيث في الوقت الذي نرى فيه الرياح تدفع بأسواق الأسهم للارتفاع بتوقعات نتائج أرباح قوية قد تدفع بالمزيد من الارتفاعات والمستويات القياسية في الولايات المتحدة، نرى الرياح المعاكسة من الصين بتشديدات الحكومة الصينية على شركات التكنولوجيا والتي كان آخرها إجبار شركة تينسنت على احترام حقوق الملكية الفكرية الخاصة بالأغاني وهو ما يقلل من قوة هذه الشركات التي استفادت لفترة كبيرة من الرقابة المخففة على أعمالها وأدت إلى انتشارها بشكل كبير.
كذلك فإن أي مفاجآت في البيانات خلال الاسبوع من شأنه أن يعيد الزخم للأسواق بقوة وخاصة إذا احتوى بيان الفيدرالي على تلميحات بتغير في السياسة النقدية أو تلميحات حول مخاطر التضخم وهو ما سيكون بمثابة ضربة قوية للارتفاعات القوية على الأسهم الأمريكية وقد تشكل نقطة تحول مهمة على المدى الطويل.
وما يمكن اختصاره مما سبق أن هذا الأسبوع سيكون حاسما في تحديد مسار واتجاه الأسواق للربع الثالث لهذا العام وهو ما يستوجب الحكمة العالية في التعامل مع الأسواق خلال هذا الأسبوع وأهمية اتباع سياسة إدارة مخاطر سليمة لما يمكن أن نشهده من قفزات سعرية وفجوات أثناء وبعد إعلانات البيانات وأي اخبار مما يتم ترقبه هذا الأسبوع.