الأسهم الصينية تتعرض لهجوم عنيف من الصين نفسها، مما تسبب في فوضى داخل الأسواق الصينية وخارجها. وسجلت أسهم التكنولوجيا الصينية المدرجة في الولايات المتحدة أسوأ شهر لها منذ الأزمة المالية العالمية في 2008.
- - إذ انخفض مؤشر (Nasdaq Golden Dragon China)، الذي يتتبع الشركات التكنولوجيا الصينية المدرجة في بورصة نيويورك، بنسبة 22% خلال يوليو، مما يضعه في طريقه لأكبر انخفاض شهري له منذ 2008.
- - وأُغلق مؤشر (CSI 300) الصيني في بورصة شنغهاي منخفضًا بنسبة 5.5٪ خلال الأسبوع، وهو الأسوأ منذ فبراير.
- - وأنهى مؤشر (Hang Seng)، الذي يتتبع أكبر الشركات الصينية المدرجة في بورصة هونج كونج، الاسبوع منخفضًا بنحو 1.4٪. وشهد المؤشر أثناء الاسبوع أكبر خسارة له في جلستين متتابعين منذ 2008.
- ولكن ما القصة وراء هذه الانخفاضات الحادة؟ وما سببها؟
- جاءت هذه التراجعات بعدما شنت بكين هجومًا تنظيميًا على الشركات التي تمتلك كميات كبيرة من البيانات في قطاعات التكنولوجيا والتعليم، بجانب بدء إصلاح شامل لكيفية إدراج المجموعات الصينية في أسواق الأسهم خارج البلاد.
- 1. الهجوم الأول: اضطرت شركة (Ant Group)، شركة المدفوعات المنبثقة من شركة التجارة الإلكترونية العملاقة (Alibaba)، إلى إلغاء إدراج أسهمها في شنغهاي العام الماضي.
- 2. الهجوم الثاني: سحب المنظمون الصينيون تطبيق (Didi)، تطبيق توصيل وطلب السيارات، من متاجر التطبيقات، بعدما جمع 4.4 مليار دولار في الطرح العام الأولي له في بورصة نيويورك في نهاية يونيو الماضي على الرغم من تحذير السلطات الصينية لهم في السر، بدعوة أنه يهدد الأمن القومي لبكين بسبب طريقة تعامله مع البيانات.
- 3. الهجوم الثالث: يواجه (Meituan)، تطبيق توصيل الطعام المدعوم من Tencent، تحقيقات بشأن مكافحة الاحتكار، وحول طريقة تعامله مع السائقين.
- 4. الهجوم الرابع: تتصاعد الآن المخاوف من حملة قمع أوسع للمؤسسات الخاصة، بعد الإعلان عن منع شركات التعليم الخاص من جني الأرباح وتحويلها إلى مؤسسات غير ربحية. إذ يهدد ذلك بالقضاء على سوق التعليم الخاص المُقدر بـ 100 مليار دولار. كما حظرت الصين مؤسسات التدريب التعليمية من جمع الأموال من خلال إدراج أنفسهم في أسواق البورصات الأمريكية، ومنعتهم من قبول أي رأس مال أجنبي يريد الإستثمار معهم. وتستهدف هذه الحملة بوضوح الشركات المدرجة في الولايات المتحدة.
لماذا تتخذ الصين هذه الإجراءات العقابية؟
لا نعلم ما إذا كانت الحكومة الصينية ببساطة لا تهتم بالاستثمار، وترى أن التمويل الدولي والخارجي لم يعد مفيدًا للتنمية، أم أنها تحاول جاهدة إقناع الشركات بالبعد عن إدراج أسهمها في الخارج.
فلا تقتصر مخاوف الأمن القومي الصيني على السيطرة على البيانات، ولكنها تخشى أيضًا هيمنة أمريكا، من خلال الدولار، على النظام المالي العالمي. فالإصرار على الاستثمار وإدراج الشركات في الأسواق الأمريكية ضد رغبة الحكومة الصينية التي تريد "فصل" اقتصادها عن الولايات المتحدة، أمر لن تصمت عنه بكين كثيرًا.
وسعت الصين، بعد هبوط الأسهم الصينية، إلى طمأنة المسؤولين التنفيذيين والمستثمرين العالميين وبنوك وول ستريت الكبرى والمجموعات المالية الصينية بأن سيل اللوائح والإجراءات العقابية لا يهدف إلى الإضرار بالشركات في الصناعات الأخرى. إذ يخشى المستثمرون من حملة تنظيمية أوسع على باقي شركات التكنولوجيا الصينية المدرجة في الخارج.
والخلاصة، تهدف حملة الصين الصارمة جزئيًا إلى إظهار سيطرة الدولة على الاقتصاد، على عكس اللوائح الأمريكية والأوروبية التي تهدف عمومًا إلى حماية المستهلكين أو ضمان عمل الأسواق بشكل أفضل