انتهى مؤتمر جاكسون هول وارتفع الذهب في رد فعل فوري، لكن الفرح بهذا الصعود قد يكون سابقًا لأوانه.
أصبح مؤتمر جاكسون هول الاقتصادي لعام 2021 بعنوان "سياسة الاقتصاد الكلي في ظل اقتصاد غير منتظم" شيئًا من الماضي بالفعل. لقد كان مؤتمرًا محفزًا مع بعض العروض التقديمية الشيقة. لكن الحدث الرئيسي بالنسبة للأسواق المالية كان خطاب باول. دعونا نحلله بعمق!
بدأ رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي حديثه بالتأكيد على أنه على الرغم من أن الركود الوبائي كان أقصر وأعمق ما تم تسجيله تاريخيا، إلا أن وتيرة الانتعاش تجاوزت التوقعات. ومع ذلك ، كان التوسع الاقتصادي غير منتظم، وكان استمرار النمو مهددًا من قبل متغير دلتا من فيروس كورونا، وارتفاع التضخم وما تبقى من الركود في سوق العمل.
ومع ذلك، كان باول متفائلًا بشكل عام بشأن المستقبل، قائلاً إن الاحتمالات جيدة لاستمرار التقدم نحو توفير الحد الأقصى من فرص العمل، و أن التضخم المرتفع من المرجح أن يكون مؤقتًا وقال:
"إن التوقعات الأساسية هي استمرار للتقدم نحو توفير الحد الأقصى من فرص العمل، مع عودة التضخم إلى مستويات تتفق مع هدفنا المتمثل في الوصول بمعدل التضخم إلى 2 في المائة بمرور الوقت."
في الواقع ، كان باول متفائلًا للغاية بشأن الاقتصاد الأمريكي لدرجة أنه صرح بأن معايير تقليص مخصصات التيسير الكمي قد تم الوفاء بها. المقطع الرئيسي من خطاب قال فيه :
"قلنا إننا سنواصل شراء الأصول بالوتيرة الحالية حتى نشهد مزيدًا من التقدم نحو أهدافنا فيما يتعلق بتحقيق أقصى معدل للتوظيف واستقرار الأسعار، وهي الأهداف التي يتم قياسها منذ ديسمبر الماضي، عندما تكلمنا بوضوح عن هذا التوجه لأول مرة. وجهة نظري هي أن المزيد من التقدم الجوهري تم تحقيقه بالنسبة للتضخم. كما كان هناك تقدم واضح نحو توفير الحد الأقصى من فرص العمل."
وأضاف: "في اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة الأخير في يوليو، كنت أرى، وكذلك معظم المشاركين، أنه إذا تطور الاقتصاد على نطاق واسع كما كان متوقعًا، فقد يكون من المناسب البدء في تقليص وتيرة شراء الأصول هذا العام. وقد تحقق خلال هذا الشهر الفاصل مزيدًا من التقدم ظهر فى صدور تقرير توظيف قوي لشهر يوليو، ولكن أيضًا كان هناك انتشار متزايد لمتغير دلتا. سنقوم بتقييم البيانات الواردة والمخاطر المتزابدة بعناية. حتى بعد انتهاء عمليات شراء الأصول، ستستمر حيازاتنا المرتفعة من الأوراق المالية طويلة الأجل لدعم الشروط المالية الميسرة ".
من الواضح أن هذا المقطع متفائل، لأنه يشير إلى أن الاحتياطي الفيدرالي سينهي على الأرجح مشترياته من الأصول هذا العام إذا لم يحدث أي شيء سيء.
ومع ذلك ، ارتفع سعر العقود الآجلة للذهب يوم الجمعة (بعد تصريحات باول) من حوالي 1790 دولارًا أمريكيًا إلى ما يقرب من 1820 دولارًا أمريكيًا ، وهذا ما يوضحه الرسم البياني أدناه. لماذا ا؟ حسنًا، يبدو أن الأسواق قرأت ما بين السطور وفسرت خطاب رئيس الاحتياطي الفيدرالي على أنه في الواقع مسالم للغاية، أو أقل تشددًا مما كان متوقعًا.
فى النهاية، لم يقدم باول أي جدولًا زمنيًا واضحًا لخطة تشديد السياسة النقدية لبنك الاحتياطي الفيدرالي. على الرغم من أن رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي ذكر أنه قد يكون من المناسب البدء في تقليل وتيرة شراء الأصول هذا العام، إلا أنه أشار أيضًا إلى شئ من عدم اليقين بشأن انتشار متغير دلتا وتأثيراته الاقتصادية.
بالإضافة إلى ذلك، ذكّر باول الجمهور بأن التقليص التدريجي لا يعني تلقائيًا رفع سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية، لأن رفع أسعار الفائدة يتطلب مزيدًا من التقدم نحو تحقيق أهداف بنك الاحتياطي الفيدرالي:
لن يكون الغرض من توقيت وسرعة التخفيض المنتظر في شراء الأصول هو حمل إشارة مباشرة فيما يتعلق بتوقيت رفع أسعار الفائدة، والتي قمنا من أجلها بوضع اختبار مختلف وأكثر صرامة إلى حد كبير. وقلنا إننا سنستمر في الحفاظ على النطاق المستهدف لسعر الفائدة على الأموال الفيدرالية عند مستواه الحالي حتى يصل الاقتصاد إلى ظروف تتوافق مع الحد الأقصى للتوظيف، وقد وصل التضخم إلى 2 في المائة وهو في طريقه إلى تجاوز 2 في المائة بشكل معتدل لبعض الوقت. لدينا الكثير من الأرضية التي يجب تغطيتها للوصول إلى الحد الأقصى من التوظيف، وبمرور الوقت سنعرف إذا ما إذا كنا قد وصلنا إلى معدل تضخم بنسبة 2 في المائة على أساس مستدام.
وهكذا، لن نشهد ارتفاعًا في أسعار الفائدة في أي وقت قريب، على الرغم من ارتفاع معدلات التضخم. من الواضح أن هذه إشارة تفاؤل، وهي تدعم أسعار الذهب. وفى النهاية، ستظل السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي ميسرة، حتى بعد بدء التقليص التدريجي. وسيظل الاحتياطي الفيدرالي يشتري الأصول، ولكن الفرق الوحيد هو أنه سيفعل ذلك بوتيرة أبطأ، مما يعني أن ميزانيته العمومية ستظل ضخمة (انظر الرسم البياني أدناه)، مما يعني استمرار عمليات إعادة استثمار كبيرة لسداد المدفوعات الرئيسية.
الآثار المنعكسة على الذهب
ماذا يعني كل هذا لسوق الذهب؟ حسنًا، على الرغم من أن باول صرح بأن اختبار بنك الاحتياطي الفيدرالي لتحقيق "مزيدًا من التقدم الجوهري" قد تم الوفاء به فيما يتعلق بالتضخم وتوقع باول أن يتم الوفاء به قريبًا فيما يتعلق بالتوظيف أيضًا، إلا أن خطابه لم يتضمن أي رؤى ثورية. والأهم من ذلك، أنه لم يتضمن أي بيان بخصوص التقليص. نتيجة لذلك، التقط الذهب أنفاسه.
ومع ذلك ، قد يكون الفرح بالصعود سابقًا لأوانه. فمن المرجح أن يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي خطة التقليص هذا العام، خاصة إذا جاء تقرير شهر أغسطس للوظائف غير الزراعية قويًا. أيضًا، وقد تصدر اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة بيانًا حول خطة التقليص بعد اجتماعها في سبتمبر، تعلن فيه بدء خفض وتيرة شراء الأصول في الربع الأخير من العام.
وبالتالى، يمكن أن يظل الضغط الهبوطي على أسعار الذهب مستمرًا معنا في عام 2021. من ناحية أخرى، أشار بنك الاحتياطي الفيدرالي بوضوح إلى أن الجدول الزمني للتقليص مختلف عن الجدول الزمني لأسعار الفائدة، والتي يمكن أن تظل عند مستويات منخفضة للغاية لعدة أشهر إن لم يكن لعدة سنوات، وهذا يصب فى صالح الذهب.