لمحة سريعة في الوقت الذي يتساءل فيه أسواق الدين العالمية عن إمكانية طرح السعودية،لما تبقى من هذه السنة، إصداراً آخراً من السندات أو الصكوك المقومة بالعملة الدولارية، تبرز على السطح أهمية توسيع قاعدة المستثمرين. فهؤلاء هم من تساهم طلباتهم في تخفيض كلفة التمويل على جهة الإصدار السيادية أو حتى الشركات. أدوات الدين التي تقوم المملكة بإصدارها قد أصبحت بمثابة المنصة الجاذبة للاستثمارات الأجنبية بالاقتصاد القومي. بل أن الغرض من توجه جهات الإصدار نحو تنويع مصادر التمويل عبر الصكوك والسندات ،الى جانب القروض المصرفية، يكمن في ميزة تنويع قاعدة المستثمرين لتغطي مناطق جغرافية أكثر.
لنعطي مثالاً تطبيقياً على ذلك عبر النظر بقاعدة المستثمرين الذين استثمروا بآخر إصدار دولاري للسعودية والذي تم في أواخر يناير من هذه السنة. حيث وصل إجمالي الطرح الى 5 مليار دولار أمريكي (ما يعادل 18.75 مليار ريال سعودي) مقسمة على شريحتين (وهي سندات 12 سنة و سندات 40 سنة).
بحسب بيانات التوزيع الجغرافي التي حصلت عليها وهي تنشر لأول مرة، فإن مستثمري الولايات المتحدة قد عادوا للواجهة واستفردوا بأكثر من نصف نسبة التخصيص من الطرح السعودي الدولاري وهذا بلا شك استثمار غير مباشر باقتصاد الوطن. وبحسب الحسبة التي قمت بها، فإن أعلى نسبة تخصيص في 6 سنوات قد ذهبت لصالح مستثمري الولايات المتحدة عند 51% (من إجمالي الطرح المزدوج للسندات). وقابل ذلك أعلى نسبة تخصيص تاريخية بنسبة 76% لصالح شركات إدارة الأصول العالمية.
أما بخصوص المناطق الجغرافية الأخرى، فقد استحوذ الآسيويين والأوربيين مجتمعين على 45% من إجمالي ما تم تخصيصه للسندات التي يحين أجلها في 2033. لا حظ أن السعودية قد نجحت خلال السنة الماضية في الوصول لقاعدة أوسع من المستثمرين الآسيويين ولذلك كان نطاق التخصيص لهم مع سندات هذه السنة منخفضاً ويتراوح ما بين 7% إلى 15% وذلك مع الشريحتين.
ومع تضمين إصدارات السعودية الجديدة ضمن مؤشرات سندات الأسواق الناشئة يتسع بذلك نطاق قاعدة المستثمرين الدوليين. ودائماً ما تبحث جهات الإصدار الخليجية مع أطروحاتها المقومة بالعملة الأجنبية عن “مستثمرين جدد” بـ”جيوب جديدة” وذلك بغرض تنويع وتوسيع قاعدة المستثمرين. لذلك نلاحظ أن نسبة التخصيص لمستثمري الولايات المتحدة مع الشريحة الأربعينية (الخاصة بالإصدار السعودي) قد بلغت 61% وهذا ما يمثل زيادة بنسبة 238% مقارنة مع نفس الشريحة التي تم إصدارها في 2020. نأخذ في عين الاعتبار أن التخصيص الأعلى لسيولة المستثمر الأمريكي قد استمر لأربعة سنوات منذ الطرح الدولاري الأول للسعودية في 2016. وبعد ذلك خسر المرتبة الأولى لنسبة التخصيص لصالح نظيره الآسيوي في 2020.