سلسلة معقدة ومتشابكة من الارتفاعات في أسعار الطاقة، يترتب عليها ارتفاع أسعار السلع الأساسية حول العالم من الوقود والمعادن الصناعية والحبوب إلى السلع الزراعية. ولا أحد يستطيع كسر هذه العجلة بسبب مشاكل نقص العمالة والنقل، مما يؤدي إلى تفاقم أزمة سلاسل التوريد مع قلة العرض وازدياد الطلب.
والآن، لنلقي نظرة على بعض السلع لنرى كيف تؤثر هذه المشاكل على أسعارها.
» القطن:
كل بضع سنوات، تحب صناعة القطن تذكير العالم بوجوده وبأنه محصول زراعي، وليس شيئًا يُصنع في المصانع. والآن هو أحد هذه الأوقات. وارتفع سعر رطل القطن خلال أكتوبر إلى أعلى مستوياته خلال 10 سنوات. وآخر مرة وصلت فيها أسعار القطن إلى هذا الحد، كان في يوليو 2011، بعدما قفز سعر الرطل إلى 1.16 دولار.
وتداول القطن في نطاق 0.75 - 0.90 دولار خلال العامين الماضيين، لذا فإن ارتفاعه بهذا الشكل يمثل دفعة قوية وزيادة كبيرة حتى في عالم السلع المتقلب دائمًا.
» ما أسباب ارتفاع أسعار عقود القطن الامريكي رقم 2 بقوة؟
1. مثل باقي السلع الأساسية، تُعاني صناعة القطن من نقص العمالة ومشاكل النقل.
2. زيادة الطلب وسط انخفاض الإنتاج والعرض المحدود من كبار المنتجين.
3. ارتفاع التكاليف المرتبطة باضطرابات سلاسل التوريد.
4. الطلب المتزايد من صناعة النسيج مع إعادة فتح الاقتصادات والمصانع.
5. التوقعات بانخفاض الإنتاج في الهند هذا العام، وهي ثاني أكبر منتج للقطن في العالم بعد الصين، بسبب الأمطار الغزيرة وهجوم آفات ضارة على المحصول.
6. أثر التغير المناخي والظروف الجوية على إنتاج القطن عالميًا، إذ أضرت موجات الحر والجفاف على المحاصيل في الولايات المتحدة، أكبر مُصدر للسلعة في العالم، وقللت إنتاجها هذا العام.
7. ومن الناحية السياسية، خلال الأيام الأخيرة لترامب، منعت إدارته الشركات الأمريكية من استيراد القطن من منطقة شينجيانغ (أكبر منطقة تُنتج القطن في الصين) في الولايات المتحدة بسبب كيفية تعامل الحكومة الصينية مع أقلية الأويغور واستخدام العمالة القسرية. ولم يرفع الرئيس جو بايدن الحظر منذ توليه منصبه، مما أجبر شركات التصنيع الصينية على استيراد القطن من الولايات المتحدة لصنع منتجاتهم داخل الصين، ثم إعادة بيعها في الولايات المتحدة.
- وارتفعت أسعار القطن بحوالي 40% منذ بداية 2021.
» الألمنيوم:
استمرت العقود الآجلة للألومنيوم في الارتفاع حتى وصلت إلى ما فوق 3100 دولار للطن، وهو مستوى لم نشهده منذ 13 عامًا، أي منذ 2008. إذ تسببت أزمة ارتفاع أسعار الطاقة المتفاقمة إلى زيادة اضطرابات الإمدادات في باقي السلع.
» ما أسباب ارتفاع أسعار الألمنيوم بقوة؟
1. يستغرق كل طن من الألومنيوم حوالي 14 ميغاواط في الساعة من الطاقة لإنتاجه، وهو ما يكفي لتشغيل منزل متوسط الحجم في المملكة المتحدة لأكثر من ثلاث سنوات. وهذا يجعل صناعة الألومنيوم خامس أكبر مستهلك للطاقة على مستوى العالم. لذلك، مع ارتفاع أسعار الطاقة، ارتفعت أيضًا تكلفة إنتاج الألمنيوم.
2. كما يُنتج الألومنيوم أعلى نسبة انبعاثات من ثاني أكسيد الكربون أكثر من أي معدن أخر. ويمثل إنتاج الألمنيوم حوالي 4٪ من إجمالي انبعاثات الكربون في الصين. ولتقليص الانبعاثات، وضعت بكين حدًا صارمًا للسعة الإنتاجية المستقبلية.
3. وتستهدف الصين المعدن بشكل عام للحد من استخدام الطاقة الصناعية. إذ طلبت من المصاهر في مقاطعة تشينغهاي خفض الإنتاج لتقليل حمل الطاقة.
4. كما يواجه منتجو الألمنيوم في أوروبا أيضًا رسومًا كهربائية أعلى، مما أدى إلى تقلص هوامش الربح، مما تسبب في تقليص مصاهر الألمنيوم للإنتاج.
5. زاد الانقلاب العسكري الذي وقع في غينيا الشهر الماضي من الضغط على أسعار الألمنيوم. إذ تمتلك غينيا بعضًا من أكبر احتياطيات البوكسيت في العالم، وهو الخام الطبيعي الذي يًنتج منه أكسيد الألومنيوم. وغينيا، هي أحد الموردين الرئيسيين للصين.
- وارتفعت أسعار الألومنيوم، ثاني أكثر المعادن استخدامًا في العالم بعد الفولاذ، بحوالي 58% منذ بداية 2021.
» الليثيوم:
وصلت أسعار كربونات الليثيوم في الصين حوالي 165 ألف يوان للطن في أكتوبر، وهو ليس بعيدًا عن أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 177 ألفًا الذي سجلته في أواخر سبتمبر، بسبب نقص العرض واستقرار الطلب على البطاريات. وبدأت مسيرة ارتفاع أسعار المعدن الأبيض الفضي، وهو عنصر رئيسي لتشغيل السيارات الكهربائية، منذ العام الماضي.
» ما أسباب ارتفاع أسعار الليثيوم بقوة؟
1. سباق صانعي السيارات والبطاريات لتأمين الإمدادات وسط الاتجاه العالمي نحو استخدام مصادر طاقة أقل تلويثًا.
2. ازدياد الطلب مع تعافي الاقتصادات من جائحة كورونا.
3. زيادة مبيعات السيارات الكهربائية عالميًا، مما أدى إلى استنزاف مخزون الليثيوم، المستخدم في صنع البطاريات، في الصين، أكبر سوق للسيارات الكهربائية ومستهلك للمعدن.
- وارتفعت أسعار الليثيوم بحوالي 254% منذ بداية 2021. ومن المتوقع أن تظل أسعار الليثيوم مرتفعة خلال العقد القادم بسبب النمو القوي في مبيعات السيارات الكهربائية، وسيظل من الصعب على العرض اللحاق بالطلب المتزايد.