بشكل عام أسواق الدين الخليجية أظهرت مرونة عالية في الأيام الماضية مقارنة بالمناطق الجغرافية الأخرى. حيث أن هناك إجماع بأن أسواق الدين في كل من الخليج وأمريكا اللاتينية تعتبر منعزلة حالياً عن ما يجري في أوروبا، مع أفضلية واضحة لمنطقة الخليج بفضل ميزة ارتفاع أسعار النفط لمستويات تاريخية وتحسن النمو الاقتصادي. فعندما نستعين بلغة الأرقام، فإن السندات القائمة لمنطقة الخليج تعتبر أقل المناطق الجغرافية بفئة الأسواق الصاعدة التي لم تتعرض لضغوط بيعية.
فالمعدل المتوسط لتراجع عوائد السندات *السيادية الخليجية* يبلغ 3.9% مقارنة مع تراجع يبلغ نحو 6.7% لمؤشر سندات *الأسواق الناشئة* وذلك وفقاً لبيانات منصة CreditSights مع العلم أن 84% من أدوات الدين السيادية *للسعودية* تتداول فوق قيمتها الأسمية. وحالياً نرى السيولة الذكية لبعض المستثمرين تقتنص أي أداة دين للسعودية تتداول دون القيمة الاسمية ونرى مساراً صاعدا لها خلال الفترة القادمة. بشكل عام اسوق الدين الخليجية هي الآن في وضع أقوى وذلك عندما تستأنف الأسواق الناشئة اصداراتها خلال الفترة القادمة. وسوف يكون الطلب أقوى على تلك الإصدارات وذلك في ظل الأوضاع الحالية.
فيما يتعلق بمؤشرات القياس التي يُستعان بها مع تسعير أدوات الدين، فإننا نرى وفرة بتكلفة التمويل لجهات الإصدار الخليجية تتراوح ما بين 20 إلى 30 نقطة أساس وذلك بسبب توجه المستثمرين للأصول الآمنة مثل سندات الخزانة. فعلى سبيل المثال، العائد الخاص بالسندات العشرية للحكومة الامريكية كان يتداول منذ أقل من أسبوعين فوق 2%، أما الان فالعائد يتداول عند منطقة 1.83 %.
الإصدارات الجديدة
فيما يتعلق بالإصدارات الجديدة منذ الأوضاع الحالية، فإن الإصدارات الخليجية متوقفة منذ 10 أيام. وهذا وضع طبيعي في ظل الظروف الحالية. حيث تعكف جهات الإصدار على تقييم الوضع واختيار التوقيت المثالي للإصدار وذلك قبل اجتماع الفيدرالي أو بعد الاجتماع. مما يعني أن جهات الإصدار الخليجية سوف تنظر في نافذة الإصدار التي قد تتوفر بالأسبوع المقبل أو بعد منتصف مارس. نأخذ في عين الاعتبار أن شركات ادارة الأصول العالمية التي تستثمر بنسبة كبيرة مع الإصدارات السيادية الخليجية غير مُستعدة للنظر بإصدارات جديدة (على الأقل خلال هذه الأيام) وذلك بسبب انشغالهم مع عُملائهم الذين يخشون على استثماراتهم في ظل الأوضاع الحالية بأوروبا.
كخلفية عامة، ساهمت تقلبات أداء سندات الخزانة الأمريكية (خلال الشهرين الماضيين) في أحدث بعض “الضبابية” على خُطط الطرح للمُصدرين الخليجيين. فعلى سبيل المثال، واجهت أسواق الدين الخليجية “فترات إصدار مـُتـقطعة” والتي تخللها توقف “مؤقت” عن الإصدار في السنة الماضية بسبب عدم موائمة ظروف السوق ومن ثم اقتناص “نافذة إصدار” موائمة وذلك في إطار “الواقع الجديد” للتكيف مع تبعات الجائحة وحركة أسعار الفائدة.
قبل الأوضاع الراهنة، كانت الجهات الخليجية تتردد بشأن مسألة التوجه لأسواق الدين بسبب الارتفاعات المفاجئة والسريعة لعوائد سندات الخزانة وذلك على الرغم من جاهزية عدد من أطروحات السندات الخليجية لطرق باب أسواق الدين . وهذا ما يُفسر سبب محدودية الإصدارات الجديدة من الخليج والتي بلغت منذ بداية السنة 5 إصدارات، بقيادة القطاع البنكي.
التخلف عن السداد
في البداية، روسيا لديها موارد مالية تستطيع بها سداد المدفوعات الدورية لديونها ولكن ما هو محل الجدل يكمن في مدى رغبة جهة الإصدار بالدفع من عدمها. وما نقرأه من تقارير من بيوت الخبرة حول احتمالية التعثر بالسداد يقصد بها “التعثر الفني” وهذا يختلف عن التعثر الشامل. فروسيا كدولة قادرة على سداد التزاماتها المالية ولكن هناك أمور فنية تُصعب وصول تلك الدفعات للمستثمرين.
فعلى سبيل المثال، الأجانب يملكون 20% من السندات الروسية المقومة بالعملة المحلية إلا أن هناك صعوبة في إرسال تلك المدفوعات الدورية للمستثمرين بحكم وجود مشاكل بالتسوية،لأن الجهات المسؤولة عن *إيداع تسوية* مبيعات السندات (سواء التي بروسيا أو نظرائها العالميين مثل Euroclear) يتبادلون حظر الحسابات فيما بينهم.
بالنسبة لسندات روسيا المقومة بالدولار فقيمتها تصل إلى 39 مليار دولار. وهناك فترة سماح تصل ما بين شهر إلى 15 يوم لكي يتم تسديد الدفعات الدورية لحملة السندات ومن ثم يدخل التعثر الفني حيز التنفيذ. وهناك بنود ببعض مستندات الإصدار تسمح بالدفع للمستثمرين بالعملة المحلية أو بإحدى 3 عملات صعبة أخرى وذلك في حال وجود عقوبات.
السندات الروسية السيادية تتداول حالياً ما بين 20 إلى 40 سنت للدولار، مما يوحي باحتمالية كبيرة للتعثر. ولكن الصناديق المالكة لتلك الأوراق المالية مُترددة في تسييل تلك السندات في ظل الانخفاض الكبير بقيمتها.