بعد مرور شهر منذ غزو روسيا لأوكرانيا، لا تزال أسواق النفط متقلبة أكثر من أي وقت مضى، مع القليل من الوضوح بشأن كيف ستؤثر العقوبات على إنتاج الخام الروسي وكذلك الطلب العالمي على النفط. وهذا يفتح المجال أمام المتداولين للسؤالين. هل ستستمر التقلبات؟ ما هي الخطوة التالية للنفط؟
ويبدو أن خبراء السوق غير متفقين على مسار أسعار النفط، إذ كشفت وكالات الطاقة الكبرى عن اختلافات كبيرة في وجهات النظر حول إنتاج النفط الروسي.
1. أوبك لن تتدخل للمساعدة:
قد تبقي مجموعة أوبك + بقيادة السعودية وروسيا على خطط الإنتاج الخاصة بها كما هي دون زيادتها على الرغم من تداول أسعار النفط عند أعلى مستوياتها منذ 2008. فعندما اجتمعت منظمة أوبك وحلفاؤها آخر مرة في 2 مارس، كان الغزو الروسي لأوكرانيا بدأ منذ حوالي أسبوع. وتمسك التحالف برفع الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يوميًا كل شهر منذ أغسطس لإلغاء التخفيضات التي اتخذت عندما ضربت جائحة كورونا الطلب.
ودعت العديد من الدول المستهلكة الرئيسية، بما في ذلك الولايات المتحدة، المنتجين إلى زيادة إنتاجهم بمعدل أسرع للمساعدة في تهدئة أسعار النفط المشتعلة. ولكن تقاوم أوبك + حتى الآن كل دعوات زيادة الإمدادات. ومن المقرر عقد الاجتماع القادم لأوبك + في 31 مارس.
وروسيا جزء أساسي من أوبك +، لذا فإن مشاركتها مهمة. وبالطبع، يشكل هذا مصدر قلق رئيسي وسط الحرب في أوكرانيا، إلى جانب العقوبات. واختفاء النفط الروسي من الأسواق قد تدفع العقود الآجلة لخام برنت إلى أكثر من 200 دولار للبرميل.
2. لا أحد يعرف مصير النفط الروسي:
حذرت وكالة الطاقة الدولية (IEA) من أن العالم قد يخسر قريباً ثلاثة ملايين برميل من النفط الروسي يومياً اعتبارًا من الشهر المقبل، بعد أن فرضت بعض الدول الغربية عقوبات قاسية على موسكو وشركات الطاقة وشركات الشحن لتجنب الخام الروسي.
وتؤثر صادرات النفط الروسية على مناطق جغرافية كثيرة بشكل مختلف. فمثلًا، بالنسبة للولايات المتحدة، هناك تأثير ضئيل للغاية، إذ تمثل واردات الخام الروسية 2٪ فقط من العرض. على عكس أوروبا، فهي الأكثر اعتمادًا على الواردات الروسية، وعلى الأخص للغاز الطبيعي. وسيكون من الصعب على الاتحاد الأوروبي التحول بسرعة إلى مصادر أخرى.
3. سوق النفط يحتاج 4 مليون برميل يوميًا لإعادة التوازن:
لإعادة التوازن إلى أسواق النفط سيتطلب إنتاج حوالي 2 مليون برميل يوميًا من المعروض الإضافي لما تبقى من 2022، وذلك بسبب مستويات المخزون المنخفضة للغاية الحالية. بجانب الحاجة إلى إنتاج 2 مليون برميل يوميًا آخرين في الربع الثاني من العام لتخفيف الاضطرابات الناجمة عن إزاحة النفط الروسي. وإذا استمر إنتاج أوبك + بالمعدل الحالي، ولم تزداد صادرات إيران النفطية ولم ينمو الإنتاج الأمريكي سنويًا، معًا سينتجون 1.5 مليون برميل يوميًا فقط.
وإذا عاد النفط الإيراني إلى السوق، يمكن أن يوفر هذا 1.2 مليون برميل يوميًا إضافيًا في النصف الثاني من 2022، مما يترك فجوة كبيرة لا يمكن سدها بشكل واقعي إلا من قبل أعضاء أوبك الذين لديهم قدرة إنتاج فائضة، ولا سيما المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
ومن المتوقع أن تشهد أسعار النفط تقلبات الفترة المقبلة، وقد تسجل سلسلة من الارتفاعات والانخفاضات المرتفعة قبل اجتماع أوبك هذا الأسبوع، مع تزايد مؤشرات الطلب القوي ومحدودية العرض. وقد يحاول النفط اختبار الارتفاع القياسي (147 دولار) إذا أبدت المنظمة القليل من الاهتمام بالرد على الحرب الروسية الأوكرانية. وما زالت توقعات النفط على المدى البعيد هابطة، ولكن حتى الدببة، يتوقعون استمرار ارتفاع أسعار النفط هذا العام.