ما الذي يجب على المستثمرين فعله في مواجهة بيئة مضطربة حتى لا يصابوا بخيبات أمل متتابعة؟
هنا، يمكننا أن نلاحظ أن العقود الأربعة الماضية كانت معلقة بين الأسهم والسندات، خاصة وأن أسعار الفائدة كانت في اتجاه هبوطي طويل الأجل، وإذا كانت الأسهم تفوقت على السندات بشكل مطلق، إلا أن إضافة السندات إلى المحفظة الاستثمارية قلل بشكل كبير من الانحراف المعياري مما أدى إلى عوائد متفوقة حسب إدارة المخاطر.
رغم أن البعض يجادل بأن الانحرافات المعيارية لا تمثل مخاطرة، والتي بحكم تعريفها خسارة دائمة لرأس المال، فإننا نرى أن وجود انحراف أقل يمنع العاطفة البشرية من إحداث فوضى في المحفظة عبر تجنب الخسارة في عملية صنع القرار الاستثماري، إذ يتطلب الأمر إلقاء نظرة على الجانب السلبي للانهيارات الكبيرة في مارس 2020 عندما ارتفعت سندات الخزانة الأمريكية طويلة الأجل بأكثر من 45 في المائة أثناء رحلة التعافي من التداعيات الاقتصادية للجائحة.
تكمن مشكلة التيسير النقدي القوي الذي شهدناه خلال العقد الماضي، وهو أمر تسارع بعد إغلاقات الوباء، في دفع أسعار الفائدة إلى مستويات منخفضة قياسية، مما أدى إلى مغازلة المنطقة السلبية في بعض الحالات، ثم حدث شيء قيل لنا أنه من المفترض أن يكون مؤقتًا، وذلك بفضل الإنفاق الضخم على إقالة عثرة العجز المالي المقترن باضطرابات العرض، وهذا شيء كان هو التضخم، إذ يمكن أن يؤدي ارتفاع الأسعار إلى إحداث فوضى في محفظة السندات من خلال خلق خسائر كبيرة، وستصبح الأمور مزعجة بشكل خاص إذا اتضح أن هذا التحول مشابه لما حدث في العقد الأول من القرن الحالي، عندما عانى المستثمرون من "عقد ضائع"، بعدما حققوا عائدًا سنويًا ضئيلًا قدره 2.3 في المائة بالنظر إلى معدلات التضخم المرتفعة.
هنا يأتي دور الخبرة في إدارة المخاطر، وإنشاء المحفظة وحتى التحول إلى استخدام استثمارات بديلة أثناء حركة التصحيح في السوق، وبشكل خاص فإنه يجب الحذر في إدارة مخاطر السيولة، واستخدام الرافعة المالية، والشفافية، وبالنسبة لأولئك الذين يفضلون امتلاك دخل ثابت كشرط لسياسة الاستثمار، فإن المستثمر الجيد يدير المحفظة بشكل تكتيكي من أجل تحقيق عوائد جذابة، وبالرغم من أن تخفيف المخاطر قد يستغرق بعض الوقت، إلا أن الإدارة الواعية للمحفظة الاستثمارية تظهر مزاياها في أسواق قلقة لا ترسو على بر آمن كتلك التي نعايشها الآن.