ماذا يعني تساوي اليورو بالدولار؟ وهل سيستمر اليورو في الانخفاض؟

بادئ ذي بدء، هبوط اليورو دون مستوى 1 دولار هو أمر نادر الحدوث. ولكن أولًا، ماذا يعني تكافؤ أو تساوي اليورو والدولار؟ يعني أن العملتين الأوروبية والأمريكية يساويان نفس المبلغ. أي أن 1 يورو يساوي 1 دولار.

» لماذا يعتبر تساوي اليورو مع الدولار أمر كبير؟

منذ ولادة العملة الأوروبية الموحدة في 1999، لم تهبط دون مستوى التكافؤ (Parity /التساوي) إلا مرة واحدة. وحدث ذلك بين عامي 1999 و2002، عندما هبط اليورو إلى مستوى قياسي منخفض بلغ 0.82 دولار في أكتوبر 2000.

وخلال تاريخ اليورو القصير نسبيًا، حوالي 20 سنة، كان هو العملة الثانية الأكثر انتشارًا في احتياطي العملات الأجنبية بعد الدولار الأمريكي.

» ما أسباب ضعف اليورو بهذا الشكل؟

1. رفع الفيدرالي الأمريكي لمعدلات الفائدة لمواجهة أعلى مستويات التضخم في 40 عامًا والتي وصلت إلى 9.1٪. وهذا عزز من جاذبية الدولار وقوته، بالإضافة إلى تزايد مخاوف الركود العالمي التي دفعت الأسواق والمستثمرين إلى الدولار كملاذ آمن.

2. عدم اتباع البنك المركزي الأوروبي لدورة التشديد التي يقودها الفيدرالي. ولكن من المتوقع أن يبدأ المركزي الأوروبي في رفع الفائدة في اجتماعه القادم يوم 21 يوليو، لكنه لن يكون كافيًا لمواكبة سرعة الفيدرالي الذي يفكر في رفع الفائدة بمقدار 75 نقطة أو 100 نقطة كاملة أي 1% في اجتماعه القادم يوم 28 يوليو.

3. المخاوف المتزايدة من أن ارتفاع أسعار الغاز سيجعل منطقة اليورو أكثر عرضة لمخاطر الركود. وهذا يفسر سبب تعرض اليورو لضربة قوية الآن. إذ تتوقع بعض البنوك العالمية حدوث ركود في منطقة اليورو في الربع الثالث من هذا العام.

4. ارتفاع أسعار الطاقة والتضخم الأعلى في تاريخ منطقة اليورو. وارتفعت أسعار الطاقة في أوروبا نتيجة الحرب في أوكرانيا وخسارة النفط الروسي من الأسواق العالمية، وقطع روسيا إمدادات الغاز الطبيعي عن الاتحاد الأوروبي. وتعتمد أوروبا على النفط والغاز الطبيعي الروسي أكثر من الولايات المتحدة للحفاظ على عجلة الإنتاج والصناعة وتوليد الكهرباء. وقاد هذا التضخم في منطقة اليورو إلى مستوى تاريخي قياسي بلغ 8.6٪ في يونيو. وهذا جعل كل شيء من البقالة إلى فواتير الكهرباء والخدمات أكثر تكلفة، بالتزامن مع ضعف قيمة اليورو.

5. قوة الدولار بدعم من الاقتصاد الأمريكي الأقوى من الاقتصاد الأوروبي. إذ تسير الولايات المتحدة على طريق الانتعاش الاقتصادي بخطى أسرع من منطقة اليورو، التي على وشك السقوط في الركود.

واليورو ليس المتضرر الوحيد من قوة الدولار، لكن كل شيء ضعيف مقابل العملة الأمريكية. إذ تراجع الجنيه الإسترليني والين الياباني بقوة أمام الدولار هذا العام.

» ماذا يعني هذا للبنك المركزي الأوروبي؟

صداع كبير وتحدي مرعب للبنك المركزي الأوروبي، لأن اليورو لم يضعف مقابل الدولار فحسب، بل أيضًا مقابل العملات الأخرى مثل الفرنك السويسري والين الياباني.

واستمرار ضعف اليورو سيدفع معدلات التضخم المرتفعة بالفعل للارتفاع أكثر، مما يزيد من مخاطر ترسخ ارتفاع الأسعار فوق هدف المركزي الأوروبي البالغ 2٪. ولوقف نزيف اليورو أمام الدولار، سيتطلب هذا المزيد من الزيادات السريعة في الفائدة، مما قد يزيد من بؤس الوضع في أوروبا، التي تواجه بالفعل ركودًا محتملاً.

وإذا غرقت اقتصادات أوروبا، خاصة ألمانيا، في ركود، فقد يوقف ذلك سلسة رفع الفائدة للمركزي الأوروبي لأن الوضع لن يستحملها. في غضون ذلك، ستزداد قوة الدولار والاقتصاد الأمريكي، وهذا سيوسع الفجوة بين الدولار واليورو.

» هل سيستمر اليورو في الهبوط أكثر؟

للأسف، من المتوقع أن يستمر هبوط اليورو أمام الدولار. فقد ينخفض إلى 0.97 - 0.95 دولار، على المدى القريب. وسيظل اليورو في حالة ركود مع تفاقم أزمة الطاقة في أوروبا. وحتى لو رفع المركزي الأوروبي الفائدة، فإن الفيدرالي أسرع وأعنف.