لا يزال التضخم في الولايات المتحدة مرتفع بشكل سيئ، فعلى الرغم من البيانات الإيجابية التي عكست تراجع التضخم بشكل سطحي في أمريكا إلا أنها ليست أرقام تستدعي التفاؤل. هذا بكل تأكيد ابطأ تداولات الدولار وخفف من حدة الارتفاع خصوصا بعد تسجيل مؤشر أسعار المنتجين تراجعا الأسبوع المنصرم مما ترجم استقرار مؤشر الدولار بين مستويات 105 و106 خصوصا بعدما أشار العديد من الاقتصاديين أن أسعار الفائدة لن تقل عن 50 نقطة الى 75 نقطة خلال الاجتماع المقبل خصوصا إذا حصل بتأييد من أعضاء المركزي الفيدرالي.
وعلى الرغم من استجابة الاقتصاد الأمريكي للتعريف الرسمي للانكماش حسب القاموس الرأسمالي إلا أن بيانات التوظيف لا زالت قوية خلال الفترة الحالية بالرغم من تراجع المؤشر التصنيعي والخدماتي وارتفاع مخزون النفط الأمريكي بنحو 5.5 مليون برميل حسب البيانات الصادرة الأسبوع الماضي. فهذه البيانات تعكس وتيرة النمو الاقتصادي في أمريكا، فمع تزايد الطلب الداخلي بفعل ارتفاع الطلبات وتزايد الإنتاج يقل مخزون النفط الداخلي والعكس صحيح، يحصل ارتفاع في المخزونات بفعل ضعف الطلب.
وتشير العديد من المؤسسات المالية الامريكية على الاقتصاد الأمريكي مهما حاول التهرب بفعل بيانات التوظيف من الوقوع في شرك الركود الا أنه شر لابد منه. و يرتقب الخبراء وكبار المحللين في سيتي جروب (NYSE:C) أنه الاقتصاد الأمريكي يتوقع أن يدخل ركود خلال الربع الأول من السنة المقبلة, و بالتالي فإن قوة بيانات التوظيف قد لا تستمر طويلا و يحصل تراجع خصوصا مع ارتفاع معدلات طلبات الإعانة من البطالة.
و يرتقب السوق خلال هذا الأسبوع صدور العديد من البيانات الأساسية التي تستهدف أداء الدولار بشكل قوي، فالتوقعات هذا الأسبوع لتصاريح البناء تشير الى بطئ التصريحات الصادرة لبناء المنازل السكنية الجديدة، خصوصا بعد تراجع مبيعات المنازل الجديدة خلال شهر يونيو لتسجل 590 ألف وحدة من 642 ألف وحدة تزامنا مع ارتفاع سعر الفائدة العقاري ليسجل 5.47 في المائة.
و كذلك مبيعات التجزئة التي يتوقع هذا الأسبوع أن تشهد تراجعا مما يعكس بدأ انغلاق شهية الإنفاق لدى المواطن الأمريكي, بالإضافة الى مبيعات المنازل القائمة التي قد تسقط من مستويات 5.12 مليون نحو 4.89 مليون. كل هذه التوقعات تعكس أثارا سلبيا في حالة تحققها, و بالتالي معاودة اختبار مستويات 105.500 أمر محتمل وإذا تعمقت التداولات أسفل هذه المستويات فيحتمل بلوغ 105 و اختبارها. غير ذلك في استقرار الأسعار فوق مستويات 105.500 قد يحمل أثارا إيجابيا على المؤشر و بذلك يستمر الترند الصعودي نحو مستويات 107 في حالة تسجيل اغلاق فوق 106.500 نهاية هذا الأسبوع.
أما فيما يخص النفط, فقد تراجعت الأسعار بداية هذا الأسبوع مع صدور بيانات ضعيفة في القطاع التصنيعي بالصين مما أدى الى تعميق المخاوف بشأن الركود و تراجع الطلب على النفط. قس على ذلك تصريحات كبار مسؤولي شركة أرامكو (TADAWUL:2222) برفع الإنتاج و توجه المنتجين الكبار في أمريكا الى تشغيل محطات الإنتاج المتوقفة مما يضعف من أداء أسعار النفط. و يزيد الطين بلة ارتفاع إمدادات النفط العالمية في حالة موافقة أمريكا وإيران على مقترح الاتحاد الأوروبي للإحياء الاتفاق النووي. مع العلم أن هذا الأخير قد يستغرق وقتا ليدخل حيز التنفيذ إلا أنها مخاوف تبقى قائمة في سوق النفط.
يتوقع أن يحافظ المركزي التركي خلال اجتماع هذا الأسبوع على أسعار الفائدة قائمة دون تغيير و بالتالي تبقى المخاوف من استمرار تراجع الليرة التركية أمام الدولار قائمة خصوصا مع استقواء الدولار بفعل استمرار أسعار الفائدة في الارتفاع.