كل عام وأنتم بخير
أتمنى للجميع عاما جديدا سعيدا مليئا بالتوفيق والنجاح.
انقضى عام 2022 بحلوه ومره، المهم أن نتعلم من أخطائنا، وأن لا يتسلل الغرور إلينا من نجاحنا، وأن نقوم بالتخطيط دائما للمستقبل ونسعى لأن نكون في نسخة أفضل من ما كنا عليه في العام الماضي.
دعونا ننتقل الآن إلى قراءة شاملة ومفصلة أساسيا وفنيا لأسعار الذهب في 2023.
الفيدرالي أكبر المؤثرين على الذهب
· شهدنا في عام 2022 رفعا مستمرا لأسعار الفائدة من قبل الفيدرالي ... بدأها الفيدرالي في اجتماع منتصف شهر 3 مارس واستمر بها لغاية آخر اجتماعاته في منتصف شهر 12 ديسمبر.
· ومنذ بدء عمليات رفع أسعار الفائدة بدأت أسعار الذهب مسارا هابطا امتد من شمعة شهر 4 أبريل وصولا لنهاية شمعة شهر 10 أوكتوبر.
· وعلى الرغم من استمرار عمليات رفع أسعار الفائدة إلا أن أسعار الذهب عادت إلى شموع شهرية خضراء في شهر 11 نوفمبر، ومن ثم شهر 12 ديسمبر.
· جيروم باول وفي آخر مؤتمراته الصحفية في هذا العام أجاب على سؤال أحد الصحفيين عندما سأله عن احتمالية خفض أسعار الفائدة أو بمعنى آخر خطط الفيدرالي حول هذا الأمر أجاب بشكل مباشر وصريح:
- لا يوجد خفض لأسعار الفائدة في 2023
· لم يكتف جيروم باول بالتأكيد على عدم خفض أسعار الفائدة .. بل ذهب إلى أبعد من ذلك عند سؤاله عن سقف أو ذروة أسعار الفائدة بالقول:
- لا يمكننا القول على وجه اليقين أننا لن نرفع الذروة في الاجتماع التالي، هذا يتوقف على البيانات.
- لا أستطيع أن أعدك بأننا لن نرفع تقدير معدل الذروة لدينا في أي اجتماع مستقبلي.
· وهذا يضعنا أمام التساؤل التالي ... هل سيلتزم الفيدرالي بكلمته ويحافظ على أسعار الفائدة المرتفعة؟
استقرار الفائدة المرتفعة أم العودة للتخفيض؟
تنقسم آراء الاقتصاديين والمحللين الماليين بين من يعتقد بأن الفيدرالي سوف يحافظ على أسعار الفائدة المرتفعة، وبين من يعتقد عكس ذلك.
دعونا نستعرض النظريات والآراء الرئيسية الحالية ... والبداية يجب أن تكون من وجهة نظر الفيدرالي.
· جيروم باول:
بالعودة لأهم تصريحات جيروم باول في المؤتمر الصحفي الأخير للفيدرالي الأمريكي في 14/12/2022
يبدو أن الفيدرالي لديه قلق واضح من عمليات التخفيض المبكرة التي قد تعيد التضخم ليصبح في مسار مرتفع مجددا، خصوصا وأن أعضاء الفيدرالي يشعرون بالإخفاق السابق حول توقعاتهم ورؤيتهم للتضخم، حيث إنهم لم يكن بمقدورهم توقع هذه الارتفاعات القياسية، وبالتالي لا يريدون أن يكرروا اخفاقهم السابق بالعودة لتخفيض أسعار الفائدة.
· المؤيدون لوجهة نظر الفيدرالي:
بالأمس صدر عن أحد الخبراء الاستراتيجيين لدى مورغان ستانلي إحدى كبرى الشركات التي تنشط في مجال الاستثمار والخدمات المالية التصريحات التالية:
من الواضح أنه يميل للاعتقاد بأن الأسواق لاتزال بعيدة عن تقييمها الحقيقي والفعلي في الوقت الحالي لخطوات الفيدرالي، وخصوصا فيما يتعلق بالحفاظ على أسعار الفائدة المرتفعة شخصيا أتفق مع النقطة الرئيسية بأن الأسواق لا تزال بعيدة عن التقييم الحقيقي للأسعار في الوقت الحالي].
· المختلفون مع وجهة نظر الفيدرالي:
هناك العديد من الخبراء الذين يتوقعون أن الفيدرالي غير قادر على الالتزام بوعوده حول استقرار أسعار الفائدة المرتفعة والحفاظ عليها عند هذه المستويات طوال عام 2023.
حيث يعتقدون أن الفيدرالي سوف يكون مضطرا إلى التراجع عن سياسته المشددة قريبا.
منهم من يعتقد أن التراجع قد يبدأ في الربع الثاني من عام 2023.
والبعض الآخر يعتقد أنه وبحد أقصى سوف يكون الفيدرالي مجبرا على التنازل عن أسعار الفائدة المرتفعة بحلول بداية الربع الثالث من عام 2023.
قبل أن نتابع في التفاصيل الأساسية ... أود أن تشاركني عزيزي القارئ رأيك مع أي من الجانبين تتفق.
الآن وبعد أن شاركتني مشكورا برأيك الشخصي ... دعنا ننتقل إلى رأي الأسواق ورهانها على أسعار الفائدة في عام 2023.
رهان الأسواق على أسعار الفائدة:
من الواضح من النسب أعلاه أن الأسواق لاتزال تراهن على أسعار فائدة مرتفعة ومستقرة أعلى من المستوى الحالي 4.50% وذلك لتوقعات ورهان الأسواق على الاجتماع الأول في الربع الثالث من عام 2023 والذي سوف يكون بتاريخ 26/07/2023.
من الواضح من النسب أعلاه أن الأسواق لديها حالة انقسام كبيرة حول نسبة الفائدة في اجتماع نهاية 2023 والذي من المقرر أن يكون بتاريخ 13/12/2023
حيث نجد أن الرهانات منقسمة وبشكل كبير، وهناك نسبة واضحة من المراهنين على أن الفيدرالي قد يكون قد بدأ بعمليات خفض أسعار الفائدة وصولا لهذا التاريخ.
توقعات أعضاء الفيدرالي لأسعار الفائدة:
بحسب آخر محضر للفيدرالي فإنه من الواضح أعلاه أن جميع أعضاء الفيدرالي يعتقدون بأن أسعار الفائدة عام 2023 سوف تبقى مستقرة أعلى من مستواها الحالي.
حيث يعتقد عضوين فقط بأن أسعار الفائدة سوف تكون مستقرة أعلى من 4.75%.
بينما يعتقد عشرة أعضاء أن أسعار الفائدة سوف تستقر أعلى من 5.00%.
بينما يعتقد سبعة أعضاء آخرون أن أسعار الفائدة سوف تكون مستقرة أعلى من 5.25%.
ماذا يقول التاريخ بالنسبة للتضخم وأسعار الفائدة؟
من الواضح أن الفيدرالي وعبر التاريخ كان ملتزما بأن يحافظ على نسبة الفائدة أعلى من نسبة التضخم إلى أن يهدأ التضخم ويصبح تحت السيطرة بشكل واضح.
توقعات فيدرالي نيويورك التي صدرت الشهر الماضي كانت تشير إلى توقع نسبة التضخم عند 5.9% بنهاية عام 2023 [وذلك بعد أن تم رفع النسبة من التوقع السابق التي كانت تشير إلى 5.4%].
إذا من المتوقع أن يستمر التضخم في استقراره بشكل عام أعلى من 5.0% خلال عام 2023، وهذا يعني تاريخيا أن الفيدرالي سوف يستمر في الحفاظ على أسعار الفائدة المرتفعة في عام 2023.
عوامل أخرى مؤثرة في أداء الأسواق العالمية وخصوصا الذهب:
· عودة عجلة الاقتصاد الصيني للدوران مجددا، وذلك بعد إيقاف العمل بسياسة صفر كوفيد التي كانت متبعة في الفترة الماضية .. هذا الأمر يحتمل الوجهان .. إيجابية الاقتصاد الصيني عادة ما يعني إيجابية الذهب .. إلا أن الجانب الآخر وهو التسهيل النقدي الذي ينتهجه الاقتصاد الصيني لإعادة انعاش الاقتصاد قد يعني أن تتخلى الصين ربما عن بعض احتياطيات الذهب لتحقيق سيولة مناسبة في البنوك والأسواق الصينية.
· بنك اليابان ومحاولة التدخل المباشر في السيطرة على أسعار الصرف من جهة، ومن جهة أخرى أيضا السيطرة على منحنى عائد السندات .. هذا الأمر لايزال يحدث فوضى لغاية في الأسواق .. ويدفع الذهب بشكل إيجابي.
· الأزمة الروسية الأوكرانية .. والتي على الرغم من أنها لم تعد تؤثر بشكل مباشر بشكل عام على الأسواق .. إلا أنه من وقت لآخر نشهد بعضا من التصريحات والعقوبات التي تؤثر بشكل أو بآخر على الأسواق .. كما أن استمرار الأزمة مع عودة الاقتصاد الصيني للساحة العالمية يعني ارتفاع الطلب بشكل عام على السلع، مع استمرار الخلل في سلاسل التوريد، وهذا قد يؤثر على التضخم أيضا بشكل مباشر.
وقبل الانتقال إلى التحليل الفني ... دعني أستعرض معك آخر الأمور المتعلقة بالتحليل الأساس.
البنوك المركزية واحتياطيات الذهب:
من الرسم البياني أعلاه والمعتمد على مجلس الذهب العالمي كمصدر للبيانات من الواضح أن البنوك المركزية أضافت إلى احتياطيات الذهب التي تملكها كميات إضافية، وبأسرع وتيرة مقارنة بالسنوات السابقة، حيث أن عام 2022 ووصلا للربع الثالث فقط يتفوق على السنوات الماضية في وتيرة حيازة الذهب.
منطقيا هذا الأمر يبدو داعما لإيجابية الذهب بشكل عام، لأن هذا النوع من البيانات يكون تأثيره غير مباشر، أي أنه يؤثر على معنويات المستثمرين بشكل عام وطريقة تفكيرهم، لكن لا يؤثر بشكل مباشر على تقلبات الأسعار لأن عمليات الشراء تكون مجزأة وعلى مراحل وتصدر البيانات في وقت لاحق.
أما الفيدرالي الأمريكي فهو يغرد خارج سرب البنوك المركزية ولم يقم بإضافة أي احتياطيات ذهب جديدة خلال الأشهر ال 15 الماضية.
وهذا يجعلنا نتوقف مطولا عند هذا النوع من البيانات ونبحث عن الأسباب.
لا يمكن بكل حال من الأحوال الجزم بالسبب الفعلي لأنه أمر لا يملك إجابته إلا الفيدرالي الأمريكي، والذي ليس لديه أي تصريح متعلق بالأمر، ولا حتى أي تساؤل من الصحفيين في اجتماعات الفيدرالي السابقة.
لكن علينا دائما أن نتذكر أن الفيدرالي هو المسؤول عن أكبر اقتصاد حول العالم، وإذا كان قراره عدم إضافة احتياطيات جديدة فهذا قد يعني رؤية مختلفة لمسار أسعار المعدن الأصفر.
الذهب فنيـــــــا:
· منذ عام 2019 اخترقت الأسعار المحور الإيجابي الرئيسي للأسعار [الخط الأخضر المتصل] واستقرت أعلاه بشكل واضح.
· بداية من الربع الثاني عام 2020 ارتفعت الأسعار لتستقر أعلى من المحور الإيجابي الفرعي للأسعار [الخط الأخضر المتقطع] وحافظت على استقرارها أعلاه إلى أن بدأ الفيدرالي في عمليات رفع أسعار الفائدة هذا العام.
· أما المحور الإيجابي الفرعي الآخر [الخط الأخضر المنقط] من الواضح أن الأسعار فشلت في تحقيق استقرار واضح أعلاه، واكتفت الأسعار باختبارات أعلاه فقط بتأثير من الأحداث الكبرى.
· حيث شهدنا الاختراق الأول في ذروة جائحة كورونا، وسرعان ما عادت الأسعار للاستقرار أدناه مجددا.
· الاختراق الثاني كان نتيجة بداية الآزمة الروسية الأوكرانية وكان اختراقا بذيل المشعة الشهرية فقط.
· محاولة أخيرة في شهر 4 أبريل 2022 أقل حدّة من الاختبار السابق، وبدأت بتشكيل ميل عام هابط فرعي [الخط الأحمر المنقط].
· المحور السلبي الرئيسي للأسعار [الخط الأحمر المتصل]، والمحور السلبي الفرعي [الخط الأحمر المتقطع] هما في مجال سعري واحد تقريبا.
· مستوى 1860 يشكل نقطة تقاطع ثلاث محاور للأسعار [محورين سلبيين ومحور إيجابي] مما يعني أن هذا المستوى سوف يعتبر مهما جدا للأسعار إذا ما تم اختباره.
· مستوى 1820 يمثل نقطة تلاقي المحورين السلبيين للأسعار، وهما يتقاطعان فعليا في نهاية عام 2023.
· مما يعني أن المجال السعري التقريبي الذي يحافظ على سلبية الأسعار في الوقت الحالي هو المجال الممتد بين مستوى 1820 و 1860.
· فنيا أيضا تظهر الإطارات الزمنية الكبيرة تشبعا شرائيا يقترب من اكتمال الإشارات الفنية الخاصة به، مما يدعم أيضا أن الأسعار تبدو اقرب للعودة لمسار هابط مجددا.
· فنيا أيضا، يعتبر اختبار المحور الإيجابي الرئيسي للأسعار أمرا صحيا للأسعار إذا ما أرادت العودة لاحقا لمسار إيجابي صاعد.
· المجال السعري من 1520 وصولا إلى 1580 هو المجال السعري خلال عام 2023 الذي يقدّم فيه المحور الإيجابي للأسعار الدعم.
· يمكن ملاحظة أن المستوى النفسي 1700 قدّم الدعم الكافي للأسعار في عدّة شموع شهرية سابقة، وعليه فإن كسر هذا المستوى سوف يسارع الضغط السلبي على الأسعار.
· ونفس الأمر ينطبق أيضا على المستوى النفسي 1900 الذي عمل كمستوى مقاومة مهم للأسعار في الشموع الشهرية السابقة، وبالتالي فإن اختراقه سوف يقدّم المزيد من الدعم الإيجابي للأسعار.
· السيناريو الأقرب هو اختبار محور الدعم الإيجابي الرئيسي للأسعار قبل البدء بالمحاولة الإيجابية مجددا، وذلك بالربط مع التحليل الأساسي السابق في المقال أعلاه.
· السيناريو الآخر هو اختراق الأسعار للمحورين السلبيين الرئيسيين [أعلى من مستوى 1860] وهو ما يفتح مجال سعري جديد للأسعار باتجاه اختبار مستويات 1930 وصولا إلى 1990 [يبدو هو السيناريو الأقل احتمالية بناء على المعطيات الأساسية، والإشارات الفنية الحالية].
شاركني في التعليقات عن التحليلات والقراءة السنوية التي تودّ أن أتحدث عنها في المقالات القادمة ... وسوف أتابع جميع التعليقات وأقوم بالرد عليها في أقرب وقت ممكن.
يسعدني دوما الرد على جميع أسئلتكم واستفساراتكم بأسرع وقت ممكن، ويسعدني قراءة تعليقاتكم وآرائكم والعمل بها حتى نصل سوية لمحتوى وأداء أفضل وهو ما يعود بالفائدة علينا جميعا.
تذكير على هامش المقال:
. أسواق التداول تتقلب باتجاهاتها دائما، وتعتمد على الكثير من المعطيات والأخبار، بالإضافة إلى كبار البنوك وصناع السوق الذين يقومون غالبا بتوجيه السوق، حتى بخلاف الواقع والمنطق أحيانا.
. الآراء والأفكار أعلاه هي خلاصة التحليل، وهي ليست توصيات مباشرة، وإنما هي نصيحة للمتابعين، مع الأخذ بعين الاعتبار أن لا أحد قادر على الربح بشكل مستمر من عمليات التداول حتى كبار المستثمرين.
. لذلك نسعى دائما للحد من الخسائر، وزيادة الأرباح بما يتوافق مع التحليل ووجهة النظر لطريقة تداول الأسعار، وذلك من خلال تطبيق العديد من طرق التحليل مجتمعة ومتقاطعة لمحاولة الوصول لأفضل النتائج.
. نحن علينا الاجتهاد، والله ولي التوفيق.