صدر بالأمس محضر الفيدرالي الأمريكي، حيث أن التأثير لم يكن كبيرا على الأسواق بالأمس، لكن بدأنا نشهد المزيد من التفاعل اليوم مع التصريحات المهمة التي وردت في المحضر.
للتذكير فإن محضر الأمس هو عن محضر الاجتماع السابق الذي كان بتاريخ 13 و 14 ديسمبر، حيث ينشر الفيدرالي عادة بعد 3 أسابيع من موعد الاجتماع المحضر الذي يلخص أهم الأفكار والنقاشات التي تمت بين الأعضاء.
دعونا نستعرض أهم ما ورد في محضر الأمس:
· اتفق أعضاء الفيدرالي على أنه تم إحراز تقدّم كبير في الانتقال إلى سياسة نقدية مشدّدة، كما أشار المشاركون إلى أن الزيادات الإضافية على أسعار الفائدة سوف تكون مناسبة:
من الواضح أن أعضاء الفيدرالي لديهم إجماع حول أن عمليات الرفع السابقة قد وصلت إلى تشديد نقدي مناسب في الوقت الحالي، كما أبقوا على احتماليات رفع أسعار الفائدة أيضا في الاجتماعات القادمة، وهو أمر إيجابي للدولار.
· لم يتوقع أي من أعضاء الفيدرالي بأن تخفيضات أسعار الفائدة سوف تكون ضرورية في عام 2023:
هذا ما صرّح به جيروم باول سابقا في مؤتمره الصحفي السابق، وبالأمس أكّد المحضر على أن هذا هو رأي الجميع في الفيدرالي، لكن يبدو حتى الآن أن الأسواق لا تثق بهذه التصريحات، حيث أن رهان الأسواق حتى الآن على أن أسعار الفائدة سوف تكون مقاربة أو أدنى من المستويات الحالية.
· رحب المشاركون بانخفاض التضخم في الشهرين الماضيين [أكتوبر ونوفمبر]، لكنهم اتفقوا على أن الأمر يتطلب المزيد من الأدلة على انخفاض التضخم، وحتى يصلوا إلى الثقة في المسار المستدام الهابط للتضخم:
من الواضح أن كل أعضاء الفيدرالي لديهم مخاوف وقلق مستمرين من أن يعود التضخم إلى الارتفاع، وهذه الحالة من القلق لها ما يبررها، حيث يمكن قراءة ما بين السطور أن أعضاء الفيدرالي لديهم نوعين من المخاوف: الأول هو عدم إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة كافية للتأكد من حالة التضخم، حيث لديهم تاريخ سابق في السبعينيات عندما عاد الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة مما سمح للتضخم بالتفاقم مرة أخرى، والثاني هو إبقاء أسعار الفائدة المرتفعة لفترة طويلة مما قد يبطئ الاقتصاد بشكل أكبر ويضع ضغطا أكبر على الشركات والمواطنين.
· أكّد العديد من المشاركين على أهمية الإبلاغ [رسالة موجهة للأسواق] بأن التباطؤ في زيادات أسعار الفائدة ليس مؤشرا على ضعف الالتزام بالخطة النقدية التقييدية، وليست أيضا دليلا على أن التضخم يسير بالفعل على مسار هبوطي مستمر:
نوع جانبي من المخاوف بالنسبة للفيدرالي هو كيفية فهم الأسواق لخطوات الفيدرالي، حيث أن أعضاء الفيدرالي يوجهون رسالة مباشرة للأسواق بأن لا يتم فهم تحرّك الفيدرالي الحالي في وتيرة أبطأ على أنه تنحي أو تنازل عن وتيرة زيادة أسعار الفائدة، لأن رد فعل الأسواق هو أحد العوامل الرئيسية التي يأخذها الفيدرالي بعين الاهتمام، لأنه يجب على الأسواق أن تؤمن باستمرار التشديد النقدي حتى تستمر حالة السيطرة على السيولة النقدية بشكل عام وعلى حالة الطلب بشكل خاص.
المختصر المفيد:
- الفيدرالي يؤكد على جاهزيته للمزيد من رفع أسعار الفائدة عند الحاجة، لكن الأسواق لا تثق بهذا الأمر في الوقت الحالي.
- الفيدرالي يؤكد على الحفاظ على أسعار فائدة مرتفعة دون العودة لتخفيضها في 2023، والأسواق أيضا من الواضح أنها لا تؤمن بهذا الأمر حاليا.
- مخاوف الفيدرالي حول التضخم ومخاطر عودة ارتفاعه صحيحة ولها ما يبررها، وكما أن الفيدرالي يعتمد على البيانات في اتخاذ قراراته فإن الأسواق أيضا تنتظر بيانات التضخم القادمة لتقييم مدى الثقة في حديث الفيدرالي.
- بيانات التضخم القادمة يوم الخميس 12 يناير مهمّة جدا لكلا الفريقين [الفيدرالي والأسواق] في تقييم الخطوة القادمة.
- الفيدرالي ذكر في محضره أن سوق العمل القوي والمرن حتى الآن هو أحد النقاط التي تثير أيضا المخاوف، حيث يرى العديد من الاقتصاديين أن الفيدرالي يعتبر سوق العمل أحد المقاييس الرئيسية، وأنه قد لا يتوقف عن عمليات رفع أسعار الفائدة إلى أن يشهد سوق العمل تراجعات كبيرة.
- بالأمس أظهرت البيانات أن فرص العمل في السوق الأمريكي تقريبا تصل إلى ضعف عدد الباحثين عن العمل، وهذا أمر ليس مريحا للفيدرالي، ويعطي المزيد من الأهمية لبيانات سوق العمل القادمة يوم غد الجمعة [سوف نتحدث عنها بالتفصيل في مقال لاحق إن شاء الله].
- المحضر أشار أيضا إلى الأحداث الراهنة والتي تؤثر على الأسواق، دون أن يذكر عودة الاقتصاد الصيني لعمليات الافتتاح والعودة للأسواق، حيث أن العديد من المحللين يعتقدون أن عودة الاقتصاد الصيني للساحة العالمية مجددا قد يعيد رفع الأسعار بشكل عام مجددا وذلك بسبب ارتفاع الطلب.
- خلاصة القول أن المحضر بالأمس كان إيجابيا للدولار بشكل واضح، إلا أن رد فعل الأسواق حتى الآن لا يزال يبدو محدودا.
الذهب فنيا وأساسيا:
· النقطة المحورية عند مستوى 1843
· مستويات المقاومة الرئيسية 1852 | 1867 | 1879
· مستويات الدعم الرئيسية 1832 | 1820 | 1809
· بالأمس حافظ الذهب على مكاسبه السعرية، وأغلق عند مستوى 1855 على ارتفاع يقارب 1% من سعر الافتتاح، وهو ما كان معاكسا لأداء الفضة الذي أغلق على سلبية هابطة قاربت 1% من سعر الافتتاح.
· عندما نشهد مثل هذا النوع من الفوضى في الأسواق فهذا أمر يتطلب الوقوف عنده بشكل مطوّل لأنها حالة غير اعتيادية، ولأنها تعني أن أحدهما في الاتجاه الخاطئ.
· وهذه الفوضى مستمرة في تداولات اليوم أيضا حيث نشهد سلبية إضافية واضحة على أسعار الفضة بعد السلبية التي شهدناها بالأمس، بينما لاتزال أسعار الذهب تحاول التماسك والحفاظ على مكاسبها التي حققتها في اليومين الماضيين.
· الارتفاعات التي شهدناها في اليومين الماضيين لم يكن لها سبب منطقي أو مبرر، مما يجعل من عمليات الارتفاع الحالية هي حالة من إيجاد مراكز للتصريف من قبل كبار البنوك وصناع السوق.
يسعدني دوما الرد على جميع أسئلتكم واستفساراتكم بأسرع وقت ممكن، ويسعدني قراءة تعليقاتكم وآرائكم والعمل بها حتى نصل سوية لمحتوى وأداء أفضل وهو ما يعود بالفائدة علينا جميعا.
تذكير على هامش المقال:
. أسواق التداول تتقلب باتجاهاتها دائما، وتعتمد على الكثير من المعطيات والأخبار، بالإضافة إلى كبار البنوك وصناع السوق الذين يقومون غالبا بتوجيه السوق، حتى بخلاف الواقع والمنطق أحيانا.
. الآراء والأفكار أعلاه هي خلاصة التحليل، وهي ليست توصيات مباشرة، وإنما هي نصيحة للمتابعين، مع الأخذ بعين الاعتبار أن لا أحد قادر على الربح بشكل مستمر من عمليات التداول حتى كبار المستثمرين.
. لذلك نسعى دائما للحد من الخسائر، وزيادة الأرباح بما يتوافق مع التحليل ووجهة النظر لطريقة تداول الأسعار، وذلك من خلال تطبيق العديد من طرق التحليل مجتمعة ومتقاطعة لمحاولة الوصول لأفضل النتائج.
. نحن علينا الاجتهاد، والله ولي التوفيق.